رنة مميزة على تليفونى المحمول تعلن وصول رسالة تحمل أخبارا جديدة : "دعوة لإنقاذ آلاف الأرواح من حوادث الطرق والمرور". قفزت تلك الرسالة المحدودة فى كلماتها الكبيرة فى معناها على شاشة تليفونى المحمول. نظرت إلى النتيجة المعلقة أمامى على الحائط ففهمت معنى الرسالة. لقد إتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا هاما فى يوم 26 أكتوبر عام 2005 فيما يتعلق بتحسين السلامة علي الطرق فى العالم. وتضمن القرار الكثير من التوصيات و"الماينبغيات" المعتادة وفى النهاية دعت كافة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة والمجتمع الدولى إلى الإعتراف باليوم العالمى لإحياء ذكرى ضحايا حركة المرور على الطرق بوصفها وسيلة مناسبة لتكريم ضحايا حوادث الطرق وأسرهم. وفى العام الحالى وافق الإحتفاء بذلك اليوم العالمى يوم الأحد 15 نوفمبر 2015. فماذا نحن فاعلون؟ هل نذهب بالحلويات وننفخ البلالين ونرتدى الأقنعة الكوميدية لوجوه باسمة أو أراجوزات وبهاليل؟! هل نذهب إلى كل أسرة بها يتامى أو أرامل نتيجة حوادث الطرق ونخرج يدنا من جيوبنا وقد تكوم فى قبضة كل منا مبلغ من المال نضعه فى يد كل منهم نقدمه لهم وقد إرتسمت على وجوهنا علامات الألم والشفقة التى تزيد أهالى الضحايا يأسا وخزيا وحزنا ؟!! أم لا نفعل شيئا سوى الجلوس لمتابعة برنامج حوارى أو اثنين وقد إستضاف ضيفا أو خبيرا يحدثنا عن مساوئ حوادث الطرق وحزنه علي أعداد الضحايا ويقدم مع مذيع أو مذيعة البرنامج الحزمة المعهودة من "الينبغيات" وال"يجبات" التى يتم تكرارها بشكل آلى فى تلك المناسبات ؟!! والإجابة الأسلم والأكثر منطقية هى أن نتجه جميعا أقصد كل أفراد المجتمع بكل مستوياتهم وإنتماءاتهم إلى تذكير بعضنا البعض وتذكير أولادنا وكبارنا بسبل تحقق السلامة على الطرق لهم ولغيرهم وبذلك يتحقق الإنتشار السريع للوعى الجماعى وتوحد العقل الجمعى على هدف واحد نبيل يخلصنا من شرور الحوادث وعواقبها ويخفض من أعداد ضحايانا. التقرير العالمى عن حالة السلامة على الطرق 2015، الصادر عن منظمة الصحة العالمية، أشار إلى أنه وعلى الرغم من التحسينات فى مجال السلامة المرورية، يموت نحو 1,25 مليون شخص سنويا نتيجة حوادث المرور على الطرق فى العالم !! ويشير التقرير إلى أن مصر تضع هدفا يتمثل فى خفض نسب ضحايا الطرق بها بمعدل 5% سنويا خلال السنوات من عام 2011 وحتى عام 2020. وسنجد أن ضحايا حوادث الطرق فى مصر وفقا لما جاء بالتقرير يقدر ب 8700 شخص سنويا وذلك بمعدل 12,8% من كل 100 ألف شخص (ما بين 6700 و10466 قتيل فى عام 2013) وهو أمر يدفع إلى المزيد من البحث فى أسباب وسبل مواجهة تلك الحوادث القاتلة. والطرق المقترحة عالميا بالإضافة لما اقترحته هى : اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان السلامة على الطرق بأسلوب كلى يقتضى مشاركة قطاعات متعددة (النقل والشرطة والصحة والتعليم) ويتناول المسائل المرتبطة بأمن الطرق والمركبات وسلامة مستخدمى الطرق أنفسهم. ومن الإجراءات الفعالة فى هذا الصدد تصميم بنية تحتية أكثر أمنا وإدراج خصائص السلامة على الطرق فى خطط استعمال الأراضى وخطط النقل. وتحسين خصائص سلامة المركبات، وتحسين رعاية الضحايا عقب تعرضهم لحوادث المرور. ومن الأمور الأخرى التى تكتسب أهمية أيضا التدخلات التى تستهدف سلوكيات مستخدمى الطرق، مثل وضع وإنفاذ القوانين المتعلقة بعوامل الخطر الرئيسية وإذكاء الوعى العام بها. وفيما يلى بعض عوامل الخطر الرئيسية : السرعة : فهناك علاقة مباشرة بين زيادة متوسط السرعة وبين احتمال وقوع حادث ووخامة آثاره على حد سواء. القيادة تحت تأثير الكحول والمخدرات. عدم إستخدام الخوذات الواقية الخاصة بالدراجات النارية فارتداء خوذة واقية بشكل مناسب لدى ركوب دراجة نارية من الأمور التى يمكنها الحد من مخاطر الوفاة بنسبة كبيرة. إهمال أحزمة الأمان وأحزمة ومقاعد الأطفال. السهو أثناء القيادة وخاصة نتيجة إستخدام التليفون المحمول. لقد أصبح كل من يستخدم الطرق بمثابة مشروع شهيد وبذلك تجاوزنا وتجاوز العالم مرحلة إستخدام القوانين والنصح الدعائى الرسمى وعلينا الإنتقال إلى مرحلة جديدة تتماشى مع واقع جديد فى عالم جديد. إنه عالم التواصل الإجتماعى على المستويين الإفتراضى والواقعى وعلى المستويين الفردى والجمعى. دارت تلك الأفكار فى ذهنى فنحيت تليفونى المحمول جانبا ونظرت إلى الأفق فى صمت. لمزيد من مقالات طارق الشيخ