هموم وأوجاع وأحزان متضرري السيول التي دمرت كل شيء في طريقها لم تتوقف عند كارثة (عفونة) ولن تنتهي بعد مأساة وأهوال قري وادي النطرون بمحافظة البحيرة بل امتدت السيول الي منازل قري الخصمة ومرشد وعبدالغني وعوض وخميس بأبوالمطامير وقري دفسوا وتوابعها بكفرالدوار وأكثر من 90 منزلا بمنطقة الكسارة العشوائية برشيد وغيرها من قري المحافظة. حيث هدمت السيول منازل المواطنين وشردت المواطنين وجرفت أمامها المواشي والأغنام واقتلعت الأشجار ودمرت الزراعات وكأن السيول كابوس مازال يطاردهم ويريدون من ينتشلهم من الكارثة بعد أن كتبت لهم الأقدار أعمارا جديدة في وقت بدا واضحا أن هذه القري لم تحصل علي أي تعويض حتي الآن وأن أجهزة الدولة لم تعلم عنها شيئا وربما تكون غير قادرة علي مواجهة الأزمة واغاثة الأسر المنكوبة. «الاهرام» انتقلت الي عدد من القري المنكوبة لنقل صور حية من الواقع الذي يعيشه أبناء هذه القري، ففي قرية عوض التي واجه بعض سكانها الموت البطيء غرقا لساعات تحت الأمطار العنيفة التي أحدثت خسائر كبيرة لبعض الأهالي الذين ظلوا في العراء لأيام وهرب البعض الآخر الي أقاربهم في القري المجاورة وهرعت اللجان الشعبية لاجلاء المتضررين الذين حاصرتهم مياه الأمطار والصرف الصحي والزراعي معا كما فتحت المساجد والمدارس ودور الضيافة أبوابها لايوائهم. تقول ناديه فوده ربة منزل 42 عاما من أهالي القرية وهي تبكي علي من فقدتهم من عائلتها جراء هذه الفياضانات ومن ممتلكاتها قائلة لا نعرف كيف نذهب بعد أن خسرنا كل ما نملك من حطام الدنيا وتحول المنزل الي ( كوم طين ) لأنه من الطوب اللبن وتناثر كل ما فيه من أثاث وأجهزة كهربائية وأموال حتي الكتب المدرسية الخاصة بأطفالنا الستة غمرتها مياه الأمطار واختفت تماما تحت الرمال ، وأضافت أن الوقت لم يتسع أمامنا عند مداهمة الأمطار القاتلة وعجزنا عن الخروج من منازلنا التي سقطت فوق رؤوسنا وأنقذتنا العناية الآلهية بأعجوبة شديدة حيث كنا في الثالثة فجرا وغرقنا في بحر من المياه التي حاصرتنا من جميع الاتجاهات ولا يوجد مكان يأوي عائلتي. أما زوجها عثمان محمود عثمان 45 عاما عامل فيؤكد أن السيول أتت علي كل محتويات المنزل وأصابتنا بخسائر فادحة خاصة بعد نفوق 5 رءوس من الأغنام والكثير من الدواجن ولم نجد أمامنا سوي مسجد القرية ملاذ وحيد آمن لنا، داعيا منظمات المجتمع ورجال الأعمال سرعة اغاثة الأسر التي جرفت الأمطار منازلهم وتقديم المساعدات العاجلة لهم. ويقول طلبه عبدالكريم ( عامل ) أحد المتضررين بعزبة مرسي الذي يقطن وأسرته عند جيرانه بعد أن انهار منزل الأسرة بالكامل وتهدمت معه كل المنازل المقامة بالطوب اللبن واختفت معظم الطرق حتي الطرق الرئيسية انهارت منها أجزاء كبيرة خصوصا طريق حوش عيسي - أبوالمطامير بعد ارتفاع مستوي المياه في الترع عن أقصي منسوب له وصل لأكثر من مترين متجهة أيضا الي المنازل والحقول وأصبحنا نعيش مأساة حقيقية لم نشهدها في حياتنا مطلقا ومهددين بالضياع. أما المهندس أحمد الفيشاوي أحد أبناء قرية دفشوا بكفر الدوار فيوضح أن السيول أتت علي العديد من المنازل خاصة في مساكن ( 1 ، 2 ، 3 ) وعزبة طه مما عرض نحو 40 أسرة للتشرد واللجوء الي الاقامة عند أقاربهم بعد أن ارتفعت مياه الأمطار في الشوارع الي مستويات غطت الزراعات وامتلأت بعض المنازل وأتلفت كل شيئ فيها والأرض غمرتها المياه تماما ومازالت الحوائط والمراتب مشبعة بالمياه وامتلأ مصرف العمياء وتجاوز طاقته الاستيعابية بكثير ويخشي الجميع من غدر الشتاء كما يخشون من تزايد مياه الترع والمصارف مرة أخري. ويضيف ومع كل هذا الدمار وكثرة المنازل التي أضيرت لم يحصل أحد علي أي تعويض فضلا عن ذلك فان بعض المدارس الحقت بها أضرارا بالغة . وفي منطقة الكسارة بوسط مدينة رشيد يروي أكرامي خميس أحد الأهالي فاجعة تلك العاصفة التي دمرت معها أكثر من 90 منزلا تحول بعضها الي خرابات مخيفة فيما تضرر بشكل جزئي مايقارب من 45 منزلا تعود لمواطنين يقطنون بها بصورة عشوائية وارتفع حجم الخسائر بصورة غير مسبوقة . وكشف هاني غريب ناشط سياسي بأن حجم المعاناة لم يتوقف عند ذلك بل زاد الأمر الي كارثة حقيقية طالت العديد من مدن وقري المحافظة بسبب الأمطار الكثيفة التي هطلت علي البحيرة مؤخرا في الارتفاع غير المسبوق في مصارف الصرف الصحي والزراعي المحملة بالاملاح والأمراض المعدية وطفحها علي الترع التي تقوم بتغذية عمليات مياه الشرب خاصة ترعة النوبارية التي تغذي أبوالمطامير مما أدي لاختلاطها بالصرف الصرف الصحي والزراعي وفوجئ الأهالي بأنهم يشربون مياها بطعم ورائحة المجاري ما يسبب خطورة داهمة علي صحتهم في حالة استمرار المحطات في ضخ مياه غير صالحة للاستهلاك الآدمي، حيث تم مناشدة المسئولين بشركة المياه لسرعة معالجة الأمر ووقف محطات التنقية لحين وضع حلول عاجلة للحد من تداعيات وآثار الكارثة المحدقة.