الضرائب: يمكن تقسيط المستحقات على 4 دفعات وبدون فوائد    حرب شائعات.. المستشار الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي معلومات مغلوطة بشأن تصدير المانجو    ترامب يهدد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50%    تأهل 13 لاعبًا مصريًا لربع نهائي بطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    سباق سيارات ينتهى بحادث تصادم فى دمياط وإصابة 3 أشخاص    الفيلم الفلسطينى كان ياما كان فى غزة يفوز بجائزة أفضل ممثل بمهرجان كان    رحيل محمد لخضر حمينة بالتزامن مع اليوبيل الذهبى لحصوله على سعفة مهرجان كان    بعد ولادتها بأيام.. دينا داش تعلن خضوعها لعملية جراحية وتطلب الدعاء    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    ردا على من يشكك في دور مصر.. خبير عسكري ل"أهل مصر": امتلاك الاقتصاد والمال لا يعني النفوذ والتأثير بالمنطقة    مالك "أم چي هير الأمريكية": هتشوفوا إبداعات في صناعة الاستشوار ومكاوي الشعر    بن شريفة: بنتايج من أفضل لاعب في مركزه.. ومصدق مستقبل الدفاع المغربي    حلمي طولان: تراجعنا عن تعيين البدري مدربًا للمنتخب لهذا السبب    اليوم.. منتدى القاهرة ل«التغير المناخى» يحتفل بمرور 100 عام على فعالياته بين مصر وألمانيا    حريق هائل في شارع سوق السلاح بالدرب الأحمر.. وشهود عيان: يوجد ضحايا    جهاز مستقبل مصر: نستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بنهاية 2027    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف خيمة تؤوي نازحين في منطقة الصفطاوي بمدينة غزة    هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة "كريت" اليونانية    النسخة الأفضل مِنكَ    اليونيسف: دخول 107 شاحنات لغزة أمر لا يكفي مطلقا إزاء الوضع الكارثي بالقطاع    استشارية أسرية: الحب مجرد تفاعل هرموني لا يصمد أمام ضغوط الحياة    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 24 مايو 2025    وزير الزراعة: صادرات مصر الزراعية إلى السعودية تتجاوز 12% من إجمالي صادراتها للعالم    محافظ كفر الشيخ: إعادة تشغيل 50 معدة نظافة متهالكة بدسوق    يوريشتش يستقر على تشكيل بيراميدز أمام صن داونز.. يجهز القوة الضاربة    إسقاط كومو لا يكفي.. إنتر ميلان يخسر لقب الدوري الإيطالي بفارق نقطة    صلاح سليمان: مباراة بتروجت مهمة للزمالك لاستعادة الانتصارات قبل نهائى الكأس    نابولي يهزم كالياري بهدفين ويحصد لقب الدوري الإيطالي    "إعلان بطل الدوري الأربعاء".. المحكمة الرياضية ترفض الشق المستعجل لبيراميدز في أزمة القمة    أسماء المقبولين في مسابقة 30 ألف معلم الدفعة الثالثة بالشرقية (مستند)    مسابقة ال30 ألف معلم.. أسماء المقبولين في وظيفة مدرس مساعد بالمنوفية    الأرصاد الجوية: طقس الغد شديد الحرارة نهارا والعظمى بالقاهرة 37 درجة    مصر تعيد 71 مواطنا مصريًا من ليبيا    وفاة 3 شباب إثر حادث سير أليم بكفر الشيخ    أسماء المقبولين بمسابقة 30 ألف معلم المرحلة الثالثة بمحافظة الجيزة    النظام الملاحي الجديد يعزّز قدرات غواصات البحرية التشيلية بتقنيات متطورة من OSI    اليوم| محاكمة 35 متهمًا ب شبكة تمويل الإرهاب    قبول 648 مدرسًا جديدًا ببني سويف ضمن مسابقة 30 ألف معلم    ننشر أسماء المقبولين في وظيفة «معلم مساعد» بالمنوفية| صور    بالأسماء.. «تعليم الإسكندرية» تعلن قائمة المقبولين بمسابقة ال30 ألف معلم    وزارة الخزانة الأمريكية تصدر ترخيصًا بتخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    تامر حسني يقدم "كوكتيل تسعيناتي" مع حميد الشاعري في حفله بالقاهرة الجديدة (فيديو)    "الثقافة" تصدر "قراءات في النقد الأدبي" للدكتور جابر عصفور    صور عودة 71 مصريا من ليبيا تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي    اليونيسيف: الكوادر الطبية بغزة تعمل تحت ضغط شديد ونقص حاد فى الأدوية    نصائح لتجنب الارتجاع المريئي، و7 أطعمة تساعد على تخفيف أعراضه    ارتفاع حالات الحصبة في الولايات المتحدة وسط مخاوف من انتشار واسع    أخبار × 24 ساعة.. حصاد 3.1 مليون فدان قمح وتوريد أكثر من 3.2 مليون طن    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    انطلاق امتحانات العام الجامعي 2024–2025 بجامعة قناة السويس    حزب الإصلاح والنهضة: نؤيد استقرار النظام النيابي وندعو لتعزيز العدالة في الانتخابات المقبلة    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    إيفاد قافلتين طبيتين لمرضى الغسيل الكلوي في جيبوتي    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    بحضور انتصار السيسي، "القومي لذوي الهمم" ينظم احتفالية "معًا نقدر"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كريم أساس
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 11 - 2015

كان يراقبها من بعيد فقط بعد الفراش من المرآة التي تقف أمامها لتتزين وهي تضع المسكرة حول جفونها بدقة ثم تضعها جانبا لتلتقط الكونسيلير لتداري بلونه الأبيض الهالات السوداء التي بدأت تسكن أسفل عينيها وخاصة بعدما نزفت أثناء ولادتها آخر طفل.
بدت سيدة جميلة ولكنها متقدمة في السن رغم أنها وصلت الأربعين للتو.. من ملامحها بدت مرهقة وغير سعيدة أما هو فقد كانت تملؤه الحيوية والشباب. وهو يتفحص فعلها وطقوسها استشاط غيظا, ولم يستطع أن يسكت فسألها بانفعال نهلة.. هل ستظلين هكذا لاتفعلين شيئا غير التزين؟ فنظرت إليه وحبست ابتسامة هاربة.. عملت بنصيحة والدتها بألا تنسي أنها أنثي وأنها يجب أن تهتم بشكلها حتي لايهملها زوجها ويذهب إلي امرأة أخري فالرجال ليس لهم أمان. فهو يتشاجر معها علي أتفه الأسباب ويراها قبيحة وخاصة عندما ترد غضبه وتدافع عن نفسها ويعيرها متهكما إيش تعمل الماشطة في الوجه العكر كانت تستغرب مقولاته وتتساءل كيف يتفوه بهذه الألفاظ وهو الشخص المثقف الذي درس الفلسفة ويترجم أمهات الكتب في الفكر التنويري ولكنها كانت تصبر لأنها بالفعل تحبه وعندما حذرها الأطباء من الانفصال نظرا لخطورته علي نفسية وأعصاب ابنتهما التي تعاني الصرع الليلي والاضطراب السلوكي رضيت أن تستمر رغم عنفه وسوء معاملته لها.
هو لم يحبها مطلقا هو أراد أن يتزوج لأنه حان وقت الزواج ولم يعد هناك وقت يضيعه وخاصة بعدما تركته خطيبته لسبب غير واضح فقد اعترف لها ذات مرة إنه شعر بالملل والضجر من الارتباط بهذه المرأة التي لاتعشق غير التقبيل.
ماجد يكبر نهلة بسنوات قليلة ويعيرها مع ذلك بأنه أنقذها من العنوسة وفي لحظات أخري بأنها أرتبطت به لانها كانت الفرصة الاخيرة لترتبط برجل
كان ينهرها طوال الوقت ويدعي أن عصبيتها هي السبب في ذلك...
لايزال ينظر إليها وهي تتزين ولكنها بدت فاقدة الحماس لهذا الطقس الجميل ثم قال لها وهي ترسم شفتيها الرقيقة بأحمر الشفاه
لماذا تتزينين؟ ولمن؟ التي في مثل سنك تستعد للموت وتحفر قبرها بيديها وتنتظر الموت وغلق فوهة القبر عليها...
عندما سمعت نهلة مقولته ذهلت ولم تصدق هذه الأمنية وتخيلت الحدث ومأساة الموت مبكرا وترك ابنتها للضياع وعائلتها التي تحبها وخاصة والديها وأخيها الذي تتوق لحضور زفافه وتصلي كل ليلة بأن يرزقه بزوجة تحبه وتتقي الله فيه... كانت تنظر للفساتين السواريه في الفاترينات وتتمني أن تشتري فستانا لتحضر به زفاف أخيها وأيضا ستشتري فستانا آخر لابنتها لتحضر معها الفرح.
لماذا تفوه بهذه المقولة الكئيبة؟! إذن هو لا يحبها؟ يا له من كاذب ومنافق! كيف يعيش معها ويعاشرها ثم يتمني موتها! هي التي أعطته كل وقتها واهتمامها وتركت حياتها وراءها لتجعل منه إنسانا ناجحا! ولكنه الآن يتمني موتها تعلم أن لديها أخطاءها أيضا فهي عصبية وغيورة, ولكن هذه الخطايا لها أسبابها, وهو الذي جعلها عصبية بإهماله لها واعتنائه بأهله ووالدته وبنات أخواته وبنات خالته فهو يكون في قمة السعادة بينهن...
لماذا قال ذلك؟ هي ضعيفة البنية فعلا وتعاني اضطرابات في الضغط والقلب أحيانا وتستخدم منظما لضربات القلب ولكنها استطاعت أن تعيش وتنجب طفلة وتعتني بها خير عناية نعم ولدت ضعيفة وذات صدر حساس ولكنها تواليها اهتماما شديدا لو ماتت هي كما يتمني ودعا عليها من سيهتم بالطفلة؟! هو؟ لا طبعا... فهو مشغول طوال الوقت مع أصدقائه وكتابته الفلسفية التي لا يهتم بها أحد... نعم ساعدته أحداث يناير أن يخرج للجماهير ولكن من يهتم بالفلسفة والشعب يبحث عن الخبز والوظيفة...
قضت نهلة حياتها معه ولكنها باتت منكسرة وشاحبة توقفت الدورة ولم يلاحظ وبدا زغب خفيف ينمو فوق شفتها العليا... تردد أن يطلب منها أن تنزعه وطلب الصيدلية أكثر من مرة وتردد في أن يسألهم عن كريم مناسب لإزالة الشعر أو حتي حلاوة عسل, كما كانت تفعل والدته, وخاصة عندما كان يغيب والده في السفر, وكان يتعجب لماذا كانت تفعل ذلك خاصة في وجود صديقتها الوحيدة التي كانت تنفرد بها ساعات طويلة في حجرتها ولم يستطع أن يعرف ما وراء هذه الحجرة... فقط رآها مرة من ثقب الباب هذه المرأة الغريبة تضغط بقوة علي بطن أمه, وهي تتأوه ثم فصد دم وبقع أغرقت الفراش وكادت والدته تموت من الإعياء..
كبرت ابنتهما وحتي لحظة الزفاف رفضت أن تتزين زوجته, وقالت الزينة في القلب... ولكنها صممت أن ترسل ابنتها لأهم مصفف شعر في الزمالك ومركز للعناية بالبشرة والحمام المغربي حتي تبدو كأميرة هاربة من قصور الملوك كانت نهلة فرحة, وهي تري ابنتها سعيدة ومبتهجة بزوجها وسط المدعوين والحضور وكلما نظر إليها زوجها ماجد تنقبض وتتجهم حتي إن ابنتها نبهتها لذلك.
لم تمكث طويلا بعد زفاف ابنتها وفاجأتها متاعب القلب التي كانت تتحملها وتتحايل عليها ورحلت بهدوء في سريرها كانا قد انفصلا في فراشهما لسنوات كثيرة, وكان يزورها أو تزوره كلما فاض بهما الحنين أو حتي بالتهديد بفضح سرها بأنها لا تقوم بواجبها الشرعي نحوه, لم ترتد الحجاب إلا أنها متدينة بحق ورضا الرب مهم في حياتها, وكان يفتخر بأنها لم تزهده يوما ما وكان عندما يتحدث بجراءة عن هذه العلاقة الخاصة, وكانت تغضب وتقول له حتي هذا الشيء الجميل والباقي تريد أن تفسده عندما وجدها هكذا بلا حراك لم يدر ماذا يفعل.. انتابه ذهول ثم ذعر وأحاطته حالة من الهيستريا ثم بدأ يصرخ, ويطلب منها أن تستيقظ ولكنها كانت بعيدة تماما وباردة وبيضاء كالنهار وكالشمع.
وهن يغسلنها طلب منهن الانصراف كن يرتدين السواد, ويبدو عليهن الحزن... تعجبن من فعله, وخاصة أنه كان يحمل معه حقيبة تزين ولكنهن احترمن رغبته في أن ينفرد بها ويودعها الوداع الأخير.
فتح الحقيبة وبدأ بكريم الأساس فرده علي وجهها بعناية مختارة درجة تناسب لون بشرتها الرقيقة ثم أمسك بالكحل وحدد جفونها وصنع شريطين طوليين علي طرفهما ثم استخدم البودرة وبضربات رقيقة بالفرشاة لون خديها كانت مستسلمة تماما, وبدت له كأنها مبتسمة ثم أمسك بقلم الشفاه واقترب من شفتيها ليحددهما باللون الذي كانت تقضله كثيرا.. اللون الوردي الفاتح الذي كانت تضعه عندما تفوه مقولته المشئومة بانتظارها القبر... فجأة بحركة لا يدري من أي قوة أتتها أدارت وجهها الناحية الأخري وكأنها ترفض فعله فسقط قلم الشفاه علي الأرض محدثا دويا علي الأرضية التي يملؤها ماء الغسل الطاهر...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.