احتفل المصريون معا كعادتهم في كل عام منذ قرون بعيدة بعيد القيامة المجيد, وحرص المسلمون علي الاحتفاء والاحتفال وتهنئة إخوانهم المسيحيين بالعيد وأمس استقبل البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية جموع المهنئين وكبار المسئولين وأخاه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر, وهؤلاء جميعا ذهبوا في مظاهرة حب صادقة للتعبير عن الأخوة في الوطن وعن الامتنان العميق لرابطة الدم والذكريات البعيدة الغالية التي جمعت عنصري الأمة علي مدي تاريخها البعيد. ويقف أمس شاهدا حيا علي أيا وأعاد أمس تلك العلاقة الحميمية التي تربط المصريين معا في وجه تقلبات الزمن وصعوبات الحياة, فلقد كان شيئا عاديا أمس تبادل التهنئة بالعيد في الشارع الواحد, والعمارة الواحدة بل والقري الصغيرة والمدن الكبيرة في جميع ربوع مصر المحروسة, ولم تكن هذه المظاهر والود الذي جمع الناس ببعضهم بمناسبة الاحتفال بعيد القيامة المجيد استجابة لأوامر بل كانت نابعة من قلوب محبة وعقول مستنيرة وضمائر حية والأهم أنها كانت عفوية وتلقائية واستمرارا للتقاليد المتحضرة التي ميزت شعب مصر علي مر السنين, وهنا لابد من التذكير بأن هذه الحفاوة وتلك الروابط الصادقة والمشاركة العفوية في الاحتفال بالاعياد ليست مقصورة علي المسلمين تجاه إخوانهم المسيحيين بل إن الإخوة المسيحيين هم احرص ما يكونون علي تهنئة إخوانهم المسلمين بأعيادهم وفي مناسباتهم الدينية المختلفة. وفي هذه اللحظة الدقيقة التي تمر بها منطقتنا.. تبدو مصر في عيد القيامة المجيد واحة الأمن والحب والإخاء بل تبدو مقولة السيد المسيح المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة متحققة علي أرض مصر فلا يستطيع ألا جاحد أو مكابر أو إنسان سيئ النية والضمير أن ينكر أن مشاهد الحب والمسرة والسلام جميعها كانت تظلل المحروسة أمس. ولربما يشعر بعض المصريين بالضيق من الحديث عن هذا الرباط الاخوي ويرون في الحديث عما يربط المسيحيين والمسلمين نوعا من الحديث عن حقائق راسخة لا تحتاج إلي مناقشتها من حين لآخر, وبالرغم من أن هذا الرأي له وجاهته فإن المصريين جميعا بحاجة لمن يذكرهم ليس بالحب الموجود بينهم بل بالثمن الباهظ الذي تدفعه شعوب حولهم من جراء اختفاء الحب بين أفرادها والأخطر انعدام الثقة وفتح صندوق باندورا لكي تخرج منه جميع الشرور التي باتت تخيم علي هذه المجتمعات, تهدد أمنها وتهدد وحدتها بل تعرض مصيرها كله للمجهول وبهذه المناسبة فان المصريين جميعا عليهم أن يشكروا الله ويحمدوا علي هذه النعمة التي تظلل حياتهم وواقعهم وأن يزيدوا من تلاحمهم, والأهم ان يفتحوا الباب بحرص وعقلانية أمام مناقشة جميع الأمور فليس هناك أرضية أفضل من الحب ولا رابط أقوي من الأخوة يمكن من خلالهما أن يطلب الأخ من أخيه بعضا مما يحب ويرغب, فالبحب عاش المصريون وبالحب لأرضهم ووطنهم ودينهم سوف يستمرون في العيش فوق هذه الأرض الطاهرة, وبالحب يمكننا ان نحل أي خلاف ونداوي أي جراح.. وأمس كانت مصر كلها تعيش حالة حب رائعة ندعو الله أن تستمر وتدوم إلي الأبد.