وسط تراجع واضح فى اللهجة الغربية المتشددة تجاه مستقبل الرئيس السورى بشار الأسد، بدأت صباح أمس فى أحد القصور التاريخية فى العاصمة النمساوية فيينا محادثات بين وزراء خارجية كل من الولاياتالمتحدةوروسياوتركيا والسعودية لبحث تطورات الأزمة السورية وسبل إيجاد حل سياسى لها. وأفادت الأنباء الواردة من فيينا بأن المحادثات بدأت أولا بلقاء بين وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى ونظيره الروسى سيرجى لافروف، قبل أن ينضم إليهما وزيرا خارجية السعودية عادل الجبير وتركيا فريدون سنيرلى أوغلو. وتكتسب هذه المحادثات أهميتها من كونها الأولى من نوعها حول الحرب فى سوريا، كما تأتى بعد أسابيع من بدء الحملة الجوية الروسية ضد مواقع الإرهابيين فى سوريا، وكذلك بعد أيام من زيارة الرئيس السورى لموسكو، كما تأتى بعد أن بات واضحا تراجع لهجة الدول الغربية المعارضة لبشار الأسد، وتركيزها على أولوية محاربة تنظيم داعش فى سوريا، وبدء الحديث عن حل سياسى للأزمة، وهو ما يعطى دفعا للأسد على الساحة الدولية. وكان وزير الخارجية الروسى قد طالب أمس الأول بضرورة ضم دول أخرى إلى محادثات الأزمة السورية، ومن بينها مصر وإيران وقطر. وبالتزامن مع انطلاق المحادثات، أكد الكرملين أمس أن موسكو لم تعثر حتى الآن على أى معارضين معتدلين يمكن أن تدعمهم فى سوريا، فى إشارة ساخرة إلى تعليقات السياسيين الغربيين المستمرة التى تقول إن القصف الروسى يستهدف المعارضين المعتدلين هناك. وأضاف الكرملين، فى بيان للمتحدث ديمترى بيسكوف: «روسيا تكافح من أجل تحديد أى معارضين معتدلين يمكن أن تعمل معهم فى سوريا، وقلنا هذا من اليوم الأول للغارات الروسية، ولكننا فى الوقت نفسه، يجب علينا أن نؤكد أننا لم نجد ما يطلق عليها معارضة معتدلة، ولسوء الحظ لم يطلعنا أى من الدول الغربية على معلومات بشأن مثل هؤلاء المعارضين». وكان الرئيس الروسى قد ندد، فى تصريحات أمس الأول، بما اعتبره «لعبة مزدوجة» يمارسها الغربيون مع الإرهابيين فى سوريا. وفى غضون ذلك، كشف رئيس الوزراء الروسى ديمترى ميدفيديف أن الرئيس السورى بدا هادئا ومتزنا تماما خلال زيارته للكرملين الأسبوع الماضى كما كان عليه قبل خمس سنوات. وكتب ميدفيديف، الذى حضر اللقاءات التى جمعت الأسد و بوتين فى موسكو، عبر صفحته على موقع «فيسبوك»، أنه رأى الرئيس السورى لأول مرة منذ زيارته إلى دمشق فى مايو 2010، وأن حياة الشعب السورى تحولت منذ ذلك الوقت إلى «كابوس» معناه الحرب والإرهاب والموت وتدمير المقدسات الدينية والآثار ذات القيمة العالمية. وقبل محادثات فيينا، جدد رئيس الوزراء التركى أحمد داود أوغلو رفض بلاده لأى مرحلة انتقالية لحل الأزمة التى تشهدها سوريا تفضى ببقاء الأسد فى السلطة. وقال أوغلو، فى تصريحات صحفية، إن تركيا ستبذل ما فى وسعها من أجل تحقيق حل سياسى فى سوريا، بشرط أن يقبل به الشعب السوري. وكانت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية قد ذكرت فى وقت سابق أن الرئيس التركى رجب طيب إردوغان بحث مع العاهل السعودى سلمان بن عبد العزيز وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثانى هاتفياً عدداً من القضايا الإقليمية، تأتى فى مقدمتها آخر تطورات الشأن السوري وفى أثينا، اعتبر الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند أمس أن الرئيس السورى هو المشكلة فى الأزمة السورية وليس الحل، وقال خلال زيارته لليونان: «نحتاج إلى العمل للتوصل إلى حل سياسي». وفى جنيف، اعتبر أمين عواد مدير الشرق الأوسط فى مفوضية الأممالمتحدة السامية لشئون اللاجئين أن الضربات الجوية الروسية وتصاعد القتال حول مدينة حلب السورية ساهما فى «نزوح نشط» لنحو 30 ألف لاجيء، لكنه لم يسهم كثيرا فى الخروج الجماعى للاجئين من البلاد. وفى نيويورك، كشف السفير الفرنسى فى الأممالمتحدة فرانسوا ديلاتر عن أن بلاده ستطرح قريبا بالاشتراك مع بريطانيا وإسبانيا مشروع قرار أمام مجلس الأمن لإدانة القصف بالبراميل المتفجرة فى سوريا. وبحسب دبلوماسيين، فإن مشروع القرار سيوزع على أعضاء المجلس قبل نهاية أكتوبر الجاري.