منذ أيام سألني الزميل الأستاذ محمد عبد القدوس في حوار يتناول سيرتي الذاتية, عن أن أول مرة كتبت فيها عمود مجرد رأي في الأهرام. وكان ذلك يوم24 يوليو1978 عندما وافق لي المرحوم علي حمدي الجمال رئيس التحرير علي كتابة العمود. وبرغم أنني كنت في ذلك الوقت مدير تحرير الأهرام الوحيد بعد25 سنة صحافة, فإنني طلبت من سكرتير التحرير الأستاذ سمير صبحي الذي تولي رسم الصفحة أن يدفسه في ذيل الصفحة السادسة( صفحة الرأي) فلم يكن سهلا في ذلك الوقت أن يكتب واحد في الأهرام, وما أدراك ما هو الأهرام, عمودا يوميا. وكان في كل صفحات الأهرام في ذلك الوقت عمود واحد يوميا في الصفحة الأخيرة يكتبه المرحوم أنيس منصور. ولهذا أردت ألا ألفت نظر الذين سيغارون وهذه طبيعة البشر الي العمود الجديد تاركا للقاريء أن يهتدي اليه لو أراد, وللزمن أن يثبت جدارته. بعد سنوات استطاع العمود ترسيخ مكانته وإن ينقل مكانه من صفحة لأخري حسب تبويب الصفحات, وعندما انتقلت في عام1985 الي رئاسة دار المعارف ومجلة أكتوبر خلفا للأستاذ أنيس منصور لم أقبل المنصب إلا بعد شرط الاحتفاظ بكتابة عمودي. وقد توليت كتابته عشر سنوات متتالية دون أن أتقاضي عن ذلك مليما واحدا مكتفيا بشرف أن تبقي علاقتي مع القارئ كل صباح. توالت السنون وأصبحت ساكنا مقيما في هذا المكان وقد ارتبطت فيه مع القارئ الذي وافقني والذي اختلف معي, ولكنني أحترم الجميع, إلي أن فاجأني الأستاذ محمد عبدالهادي رئيس التحرير بطلب إخلاء المكان لنقل العمود الي مكان آخر في الصفحة الأخيرة. انتابتني مشاعر مختلفة, فليس سهلا أن تهون علي العشرة وأن أترك مكانا تعودته وأحببته الي مكان يحمل تاريخا عظيما لكاتب أعظم. صديقي القارئ أودعك في هذا المكان, ونلتقي برجاء من توفيقه وهدااه في المكان الجديد للعمود في الصفحة الأخيرة! [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر