ودع الشعب الجزائري الشقيق في الاسبوع الماضي رمزا كبيرا من رموزه الوطنية هو الرئيس والزعيم أحمد بن بلا.. أول رئيس للجزائر بعد استقلالها عن فرنسا في عام 1962 والرجل الذي اسس مع رفاقه في الخمسينيات من القرن الماضي جبهة التحرير الوطني التي قادت ثورة الشعب الجزائري ضد فرنسا حتي حصل عل إستقلاله بعد مائة وثلاثين عاما من الاحتلال.. رحل بن بلا بعد ان تجاوز عمره 96 عاما قضاها مابين السجون والمعتقلات والسلطة والانقلابات التي اطاحت به, ومابين فرنسا وسويسرا والجزائر عاش الزعيم الجزائري خريف عمره بعد ان ترك السلطة مدافعا عن الحريات مطالبا بالديموقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي.. تمتع الزعيم الجزائري بشهرة واسعة علي المستوي العربي وكان من اقرب الزعماء العرب للرئيس الراحل جمال عبد الناصر وربطت بينهما مودة طويلة ومشوار من الكفاح المشترك ضد الاستعمار الغربي.. وقد عاش بن بلا فترة من حياته في مصر وارتبط بها ارضا وشعبا وثقافة.. ولا ادري لماذا رحل الرجل في صمت سواء علي المستوي الشعبي المصري أو المستوي الرسمي.. كان ينبغي ان يشارك وفد مصري رسمي في تقديم واجب العزاء للشعب الجزائري وحكومته.. وكان ينبغي ان يأخذ بن بلا الزعيم والمناضل اهتماما خاصا من الإعلام المصري حتي لا يتصور أحد ان سحابات الصيف التي عبرت بالعلاقات المصرية الجزائرية في العهد البائد بسبب مباراة كرة القدم قد تركت ظلالا هنا أوهناك. كان بن بلا رمزا من الرموز الوطنية العربية التي حلقت في خيال أجيال كثيرة في مصر طوال فترة المد القومي العربي في الستينيات والتي شهدت تحرير الجزائر ونضال الشعب الجزائري ضد فرنسا وكان الرجل يحمل لمصر مشاعر خاصة عندما كان يخوض معارك التحرير بدعم مصري كامل.. إن رحيل بن بلا يعيد لنا ذكريات عزيزة من زمن الثورات العربية حينما كانت الشعوب العربية ترسم لنفسها مستقبلا جديدا لتأخذ مكانها ومكانتها بين دول العالم المتقدم.. رحل بن بلا وبقيت ثورة الجزائر حكاية شعب عظيم. المزيد من أعمدة فاروق جويدة