هيَ لعبة ٌ منْ أوَّلِ الحُزنِ القديم ِ الى نهاياتِ الأغاني المستحيلةْ : زمن من الحِناّء ِ يصبغ واجهات قلوبنا ويغيب بين دمائنا ودموعنا خلف الشبابيكِ العتيقةِ والمساءاتِ البخيلةْ:
دُنْيا مِنَ الألعابِ او لعَبٌ مِن الأوهامِ او قصصٌ تنام ُعلى جفونِ نعاسِنا مثلَ الخَيال ْ. هي لعبةٌ من دمعِ ما يبقى لديكَ ولعبة من دمع ما يبقى لديَّ وانتَ مثلي شاردٌ خلفَ الظَّلالْ . مثلَ الذي نفضَ الغبار عنِ المدينةِ مثل اصحابٍ تدافعَ ركبُهم صوبَ الجهاتِ وخيلهمْ صوبَ المُحالْ .
كانتْ ينابيعُ الغِوايةِ مُهرة ًسوّاحَة ً منْ كهرمانْ . بينَ المَشاهد ِ والشّوارعِ والمسارحِ والشظايا والدخانْ . كان الصدى في النفس ِ أُقنومُ الإقامةِ والرحيلِ يُضيءُ منْ آنٍ لآنْ . ويدور بالأبصار في فلَكِ الزمانْ . حتى الإقامةُ في المكان بلا مكانْ . في ظلِّ أعمدة ِالسّرايٍ الموصليِّ الى دكاكينِ الحريرِ وساحة ِالجسرِ الحديديِّ العتيدْ . ألعابُ من حَجَرٍ/ وورد ٍ/ فضة ٍ/ ذَهَب ٍ/ وأسواق ٍ/ مساجِدَ /او كنائسَ / حنطة ٍ/ تَمْرٍ/ حديد. ألعابُ من شفَقٍ / وماء ٍ/ فستق ٍ/ قمَرٍ فريد.
هي لعبةُ ضحكتْ علينا أَعلنتْ اشكالها ورموزَها وقماشَها الورديَّ في صخَبِ الدَّشاديشِ المُقلّمَةِ العجيبةِ بين أضرحَةِ الذين مَضوْا من الآباء ِوالأعمام ِوالأخوالِ في ليل الغيابْ . ومهودِ من قدِموا من الأبناءِ والاحفاد ِ في فلَك العذاب ْ.
ومضيتَ تشعلُ في زوايا المشهدِ اليوميِّ قنديلَ الشباب ْ. وظللْتَ تُشهرُ محنةَ الإنسانِ إثْرَ غِوايةِ الشيطانِ تلعبُ لعبة الموتِ – الحياةِ الحبِّ والبغضاءِ أشواقِ الأماني وانهمارِ الرملِ من عينِ السَّرابْ . حتى تقيحتِ الجراحُ تهاوت الجدرانُ وانكشف الخرابْ . الآنَ هذا المسرحُ الخشبيُّ يغرقُ في ترابِ الصَّمتِ .. لا أحدٌ سواكَ ... الموتُ يلعبُ في الجِّوارْ . سقط الكلام َ.... تهالكتْ لغةُ الحِوارْ . وتشرَِّدَ الأصحابُ ما بين السواحلِ والفيافي والبِحارْ .
الآنَ وحدكَ تمسكُ الأضواءَ منْ يدِها وراء َستارة ٍمشقوقةٍ خلف الكواليسِ الثيابُ تبعثرتْ صوفا / وقُطنا / بازةً / خاما / حريرا والنصوصُ تطايرتْ بينَ المقاعد ِفي الظّلام ْ. وصَدَقْتَ إنَّ المسرحَ الآنَ الشوارع ُ والسواحلُ والقطاراتُ / الزوارق تحمل القتلى منَ المنفى الى المنفى لتغرقَ فى الزِّحامْ . المسرحُ الآن الجموعُ تَفِرُّ مِنْ سَوْط ٍالى سَوْطٍ ومن جوعٍ الى جوعٍٍ ومن موتٍ الى موتٍ لتحلمَ او لتكفرَ بالسلام ْ.
يا صاحبي يا صانعَ الألعابِ مَرَّ الحُلْمُ مثلَ مسافةٍ بين الرموشِ ومثلما قيلولة بين النَّدى والنايِ في سوقِ القِماش الموصليِّ الى فَضاء النصِّ مفتوحا على لغة الضباب ْ. لنغيب ما بين السّطورِ لتصبحَ الألعابُ لعبتَنا ونصبحُ لعبة َالألعابْ .
أمجد محمد سعيد شاعر عراقى من مواليد الموصل(1947), ومحسن العلى مخرج وممثل ومنتج مسرحى وتليفزيونى عراقى من مواليد الموصل أيضاً (1953), والاثنان يعيشان حالياً بالقاهرة، حيث صدر للأول ديوان" خلف ساحات التحرير", بينما يدير الثانى شركة للإنتاج التليفزيونى.