كشف الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى ، فى حوار مع الأهرام- على هامش تغطية فعاليات زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لنيويورك- عن رؤيته للأوضاع الحالية فى الشرق الأوسط، من واقع خبراته السابقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والتقارب المصرى الروسى فى ظل تعدد الرؤى تجاه الأزمة السورية، كما كشف وزير الخارجية الأسبق عن رؤيته لمستقبل الأوضاع فى ليبيا واليمن ، وذلك من خلال الحوار التالي: فى ظل الأزمات التى تلاحق منطقة الشرق الأوسط ما هى رؤيتك لهذه الأزمات المتفاقمة ومستقبل المنطقة ؟ هناك عنصر جديد جد على الموقف فى منطقة الشرق الأوسط، هو الصدام المتوقع بين السياستين الأمريكية والروسية فى سوريا ، حيث تتبع السياسة الروسية خطا متصادما بشكل كبير مع الخط الأمريكي¡ وهو ما ظهر جليا خلال خطاب كل من الرئيس الأمريكى باراك أوباما والرئيس الروسى فلاديمير بوتين أمام الجلسة العامة للأمم المتحدة. وقد أكد لى الكثير من السياسيين الدوليين عدم وجود أى نوع من التوافق بين الجانبين حول الملف السوري، إلا أن الفرق هو أن روسيا تتحرك بخطوات ثابتة على الأرض فى الوقت الذى تتحرك فيه الولاياتالمتحدة بشكل غير محدد¡ ولم تنجح فى كافة الخطوات التى قامت بها، ومن ضمنها الضربات الجوية ومحاولة الوصول إلى توافق دبلوماسي. كما أن التكتل الجديد الذى يضم روسيا وإيران والعراقوسوريا يمثل عنصرا جديدا يهدد الحلول السياسية التى تبلورت فى صورتها الأولى فى جنيف، لأن الوضع تطور لصراع سياسى بين النفوذ الأمريكى والنفوذ الروسى فى المنطقة يهدد الإقليم بأكمله وليس سوريا فقط، وسيؤدى هذا التكتل إلى تكوين تكتل آخر، وهو بالتالى ما سيؤدى إلى خلق استقطاب ينقل الأمور من محاولات حل الصراع إلى محاولات إدارة الصراع والتنافس على إطالته وتجنيد المؤيدين مما سيؤثر فى مستقبل الحلول المطروحة للأزمة السورية. . كما أن هذا الصراع قد يؤدى إلى تداعيات أخرى قد تمتد إلى العراق بسبب الصدام الروسى الأمريكى المتوقع، بالإضافة إلى عمليات الاستقطاب التى ستؤدى إلى اضطراب فى المنطقة أكثر من طرح حلول لهذه الأزمات. هل يضع اتجاه مصر لتنويع علاقاتها الدولية من خلال توطيد علاقاتها مع روسيا فى الوقت الذى أطلقت فيه أيضا حوارا استراتيجيا مع الولاياتالمتحدة فى موقف حرج بين القوتين العظميين تجاه الأزمات الحالية فى المنطقة؟ علاقة مصر المتصاعدة حاليا مع روسيا لا تعنى التوافق مع كافة توجهاتها السياسية ولكن تعنى وجود نوع من التفاهم المصرى الروسى دون أن يكون شاملا لكافة القضايا ، وعلى الجانب الآخر فإن التفاهم مع الولاياتالمتحدة وإطلاق الحوار الاستراتيجى أمر ضرورى للغاية باعتبارها القوة العظمي، ولا يصح أن تتجه أى دبلوماسية أو سياسة لصدام مع الولاياتالمتحدة، وبالرغم من ذلك فإن تاريخ أمريكا فى إدارة الصراع الإسرائيلى الفلسطينى والقضايا النووية فى الشرق الأوسط ترك ضيقا شديدا فى نفوس العرب بسبب طريقة تعاملها مع العرب وقضاياهم. وبالفعل يحدث حاليا استقطاب من قبل الولاياتالمتحدةوروسيا لدول المنطقة ومن بينها تركيا وإيران والدول العربية. فيما يخص القضية الفلسطينية، هل ترى فى الأفق أى خطوات عربية أو دولية فعالة قد تسمح بالتوصل إلى تسوية للقضية؟ المصالحة الفلسطينية وتوحيد الصفوف هى أفضل خطوة يمكن أن تخلق مبادرة قوية تسمح بالتوصل إلى تسوية للقضية الفلسطينية الإسرائيلية، وهى الخطوة الوحيدة التى يمكن أن تسمح بتحقيق تطور ملموس، وعلى الفلسطينيين أن يدركوا دورهم فى تحقيق التطور بأنفسهم من خلال المصالحة الفلسطينية. كيف ترى تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى الأخيرة خلال لقائه بنظيره الفلسطينى التى طالب فيها السلطة الفلسطينية بضرورة السيطرة على القطاع؟ تصريحات الرئيس تعنى بذل المزيد من الجهود لعملية سياسية رصينة لأنه لا يصح أن يترك قطاع غزة فى جهة والضفة فى جهة أخري، حيث أضعف هذا الانقسام الفلسطينى القضية أكثر من الإجراءات الإسرائيلية فى الأراضى المحتلة أو القدس، ولو كان هناك توحيد للصف الفلسطينى لما جرأت إسرائيل على هذه الانتهاكات.. والأمر لا يتطلب الآن طرح مبادرات من دول أخري، وأطالب مصر بممارسة المزيد من الجهود والضغوط لمساعدة الفلسطينيين على توحيد الصفوف حتى يمكن تحريك القضية للأمام، حيث لعبت مصر دورا مهما وأصيلا فى كافة مراحل القضية الفلسطينية، وكانت متبنية كافة الجهود الممكنة لتسوية القضية. وكيف ترى تعليق باراك أوباما فى أثناء كلمته أمام الأممالمتحدة على الأوضاع فى ليبيا؟ التحالف الدولى تخلص من النظام الليبى ثم ترك الأوضاع على ما هى عليه، وهناك أخطاء كبيرة ارتكبها التحالف فى ليبيا، حيث كان من المفترض أن يساعد الشعب الليبى على التوحد والتحرك للأمام ، كما كان يجب أن تكون هناك خطة دولية تحت رعاية مجلس الأمن، أو عربية تحت رعاية الجامعة العربية، أو أوروبية تحت رعاية الاتحاد الأوروبي، لإعادة بناء ليبيا وليس مجرد خطة دولة منفردة. والآن وبالرغم من النجاح فى تشكيل حكومة إئتلافية لا تزال الأرض غير ممهدة، وتحقيق تطور فى ليبيا يحتاج التوافق مع القبائل والتكتلات الجغرافية والمؤسسات الحديثة هناك، مثل مجلس النواب فى طبرق، والمؤتمر فى طرابلس، حتى يمكن الوصول للعمق وتحقيق التوافق المطلوب.