أكد الدكتور أحمد عبد العزيز الحداد، كبير المفتين ومدير إدارة الإفتاء بدبي، أن المؤتمر العالمى لدار الإفتاء الذى عقد الشهر الماضى جسد عملية العمل الجماعى لضبط الفتاوى التى تصدر عبر الفضائيات، من خلال إلزامها بالكف عن نشر الفتاوى الشاذة، أو الصادرة عن جهات غير مؤهلة تؤجج الصراعات بين المسلمين. وأكد أن قوة الدول العربية تكمن فى قوة مصر وأن الجيش المصرى هو صمام الأمان للمنطقة وان مصر وقفت على مر الزمن فى مساندة الدول العربية والإسلامية فى مواجهة الاستعمار واستقلال وسيادة الدول العربية وستظل هى الدرع الأمن فى زمن التصدع العربي. وقال فى حوار مع ز الأهرامس على هامش مشاركته فى المؤتمر العالمى الذى نظمته دار الافتاء المصرية، أن اداعشس حركة إرهابية تسيء الى صورة الإسلام فى الداخل والخارج وأن دين الرحمة لم ينتشر بالسيف. وطالب جميع المؤسسات الدينية والإعلامية والتربوية والثقافية فى الدول العربية والإسلامية بالتعاون لمواجهة الفكر الإرهابى وتصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الشباب. والى نص الحوار ..
ما أوجه التعاون بينكم وبين دار الإفتاء والمؤسسات الدينية فى مصر؟ ► هناك تعاون وثيق بين الإمارات والأزهر الشريف والمؤسسات الدينية فى مصر وخصوصا من خلال ما قدمه الأزهر لخدمة الإسلام فى الدول العربية وإرسال القوافل الدعوية لنشر مفهوم الإسلام الوسطى ومحاربة الإرهاب والتكفير والتطرف، والمجهود الذى تبذله دار الإفتاء المصرية من خلال التدريب على مهارات الإفتاء، وتقديم كل الدعم العلمى والشرعي. وكيفية الاستفادة من خبرات علمائنا الأجلاء فى دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف ونقل تلك الخبرات إلى الإمارات من خلال الفتوى المعبرة عن سماحة الإسلام وصحيح الدين، ومحاربة الفكر المتطرف. ما هو انطباعك عن المؤتمر العالمى للإفتاء؟ ► مؤتمر ناجح بالفعل واثبت أن كلمة السر فى المرحلة المقبلة تملكها مصر، وليس أدل على هذا من الحضور الطاغى فى المؤتمر الدولى ودعم الدولة المصرية له، بعدما شعر العالم الإسلامى بحجم المشكلة التى يعيشها بسبب الجماعات المنحرفة فكريًا وسلوكيًا. وحقق أهداف المشاركين بالدعوة إلى العمل الجماعى لضبط الفتاوى التى تصدر عبر الفضائيات، من خلال إلزامها بالكف عن نشر الفتاوى الشاذة، أو الصادرة عن جهات غير مؤهلة تؤجج الصراعات بين المسلمين ووضع أهدافا واضحة تجنب السعى إلى زعزعة أمن واستقرار الدول الإسلامية عن طريق فرض مذاهب متطرفة، استغلالا للجهل والظروف الاجتماعية السيئة فى بعض البلدان، بما يمثل ضرورة هامة يجب على العالم الإسلامى التضامن للقضاء عليها ومواجهتها. هل ترى أن المؤتمر حقق أهدافه؟ ► بالطبع حقق أهدافه فى دحض الأفكار المتطرفة والآراء الشاذة التى تعمل على زعزعة أمن واستقرار المجتمعات الإسلامية، خاصة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام بأنواعها للوصول إلى أكبر شريحة من الشعوب من أجل ترسيخ مفاهيم سماحة الإسلام ورحمته بالخلق مما يرسخ فى الأذهان استقرار المجتمعات الإسلامية والعربية، والتحذير من دعاة السوء وبعض القنوات الفضائية التى تبث آراء ومواقف تدعو من خلالها إلى زعزعة استقرار المجتمعات الإسلامية من خلال الفتاوى وبعض المنتسبين للعلم الشرعي. هل يمثل المؤتمر حجر الزاوية فى مسار الفتوي؟ ► المؤتمر يمثل حجر الزاوية لانطلاق مسار الفتوى على النهج الصحيح الذى ينبغى عليه الإسلام والشيطان جاء بسبب الفتاوى المنحرفة، ولذلك يجب أن يصحح النظرة الإسلامية حتى لا يرجح المسلمون للفتاوى الشاذة، كما أن المؤتمر يؤسس الانطلاقة الصحيحة للفتاوي، ومنع المسلمين من التأثر بالشواذ. كيف ترى توصيات المؤتمر؟ ► بالفعل هى توصيات ناجحة، والمؤتمر استخلص أهم المحاور التى تحارب وتقضى على الفتاوى الشاذة والمتطرفة، وأن إصدار قرار بتكوين لجنة عامة للفتوى هو قرار صائب، فى محاربة سيل الفتاوى من غير المتخصصين التى تستعمل فى أغراض شخصية لتشويه الصورة الإسلامية، وتفتيت الأوطان، وتفجر التوصيات أهم الأمور التى يجب أن نتبعها فى البلدان الإسلامية، لأن بهذه التوصيات يجب علينا أن نهتم بها ونأخذها محل التنفيذ. هل العالم يواجه أزمة نتيجة الإرهاب؟ ما رأيك فى تشويه صورة الإسلام من قبل الجماعات المتطرفة؟ ► بالطبع العالم يواجه الآن أزمة حقيقية نتيجة انتشار الإرهاب الذى يحدث باسم الإسلام، مما أدى إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين، وهو ما يضع على عاتقنا جميعًا ضرورة إظهار سماحة الإسلام وتصحيح تلك المفاهيم المغلوطة من خلال المؤتمرات التى تعقد فى كافة أنحاء العالم، ولن يكون ذلك إلا بالتعلم من خلال تصحيح صورة الإسلام ومخاطبة العالم والتعريف بصورة الإسلام السمحة، والإسلام جاء للرحمة ولم ينتشر بالسيف، ولكن كان السيف له أسباب فمثلا إذا تم منع نشر الدعوة، (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة.....)، فيجب أن نوصل هذه الرسالة إلى العالم حتى نصحح الصورة التى شوهها هؤلاء المتطرفون. وما رأيك فى ممارسات تنظيم زداعشس الإرهابي؟ ► هذه الجماعة لا تمثل الإسلام وهو تنظيم إرهابى وما يقوم به من جرائم ليس له صلة بالإسلام، والإسلام منه براء لأن الدين الإسلامى دين يسر وسماحة، وهناك الكثير من الآيات التى تؤكد أن الدين يسر، يقول تعالي: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، وكذلك فى السُنة المطهرة يقول النبى صلى الله عليه وسلم: (يسروا ولا تعسروا)، وهذه المنظومة القيمة ودلالاتها تؤكد أن الإسلام لا يمكن أن يكون إلا فى منطقة وسط لا يميل إلى التشدد ولا يٌرغّب فيه، بل ينهى عنه، وفى المقابل لا يرضى عن التفلت من الأحكام الدينية والقيم الأخلاقية وأن اداعشب هم خوارج العصر. كيفية يمكن محاربة الفكر التكفيرى من وجهة نظركم؟ ► محاربة الفكر التكفيرى والإرهاب تبدأ بالتعاون على كافة المستويات سواء مسيحية أو إسلامية وخصوصا وسائل الإعلام والمثقفين والتكاتف بينهم من أجل مكافحة الإرهاب والتصدى له من خلال مواجهته بالفكر مع إعادة النظر فى المناهج الدراسية حتى تكون مناهج معبرة عن صحيح الإسلام مع ضرورة التعاون الفكرى والثقافي، لأن هذه الجماعات نشأت فى بيئات غير مستقرة فكريًا واجتماعيًا، وتم استقطابهم من خلال جماعات متطرفة لا تدين بأى دين لإشاعة الفوضى وتحقيق مخططات خارجية للنيل من دول بعينها. ومحاربة الإرهاب يجب أن تكون بسلاح الفكر ودحض شبههم لئلا يستفحل شرهم مع العامة الذين قد ينخدعوا بطرحهم وفكرهم المأزوم، وهذه الحرب ينبغى أن لا تتوقف وأن يحشد لها الخبراء ذوو البصر والبصيرة والحجج الدامغة حتى لا يقع غيرهم فى حبائلهم الشيطانية، وذلك بجانب الحرب النارية لمن يحمل السلاح منهم ليكون ذلك زاجرا ورادعا وقصاصا للأبرياء، وهذا واجب الدول وليس الأفراد، ونسأل الله تعالى أن يكفى المسلمين والناس أجمعين شرهم وأذاهم. كيف ترى الوضع فى مصر الآن؟ وما رؤيتكم لمجمل الأوضاع فى الدول العربية؟ ► تعرضت مصر لحملات إرهابية جبانة من خونة مدعومين من جهات خارجية وداخلية لإسقاط الدولة، وأطالب الشعب المصرى الالتفاف حول جيشه وقيادته وحكومته لتفويت الفرصة على هؤلاء المأجورين. وأرى الوضع العربى سيئا للغاية، وما حدث من خراب للدول التى قامت بها ثورات، كان نتيجة لظلم وقع على المواطنين، أو تجاهل من الحاكم لشعبه، وغياب العدالة الاجتماعية كان سببا رئيسيا فى وضعنا الحالى ويجب على حكام العرب الحرص على وحدة الصف العربى والتحرك لمعالجة القضايا التى تواجه المنطقة، لأن الأزمات كبيرة وتحتاج إلى بذل جهد وإعادة تقييم الأوضاع فى الدول العربية حتى تستقيم الأمور. هناك مخطط لضرب العلاقات بين المسلمين والغرب كيف ترى ذلك؟ ► علينا أن نكون واعين لما يخططه البعض من ضرب العلاقات بين المسلمين والغرب، مع ضرورة انطلاق خطابنا نحو الغرب، وأن يكون من منطلق حوار الحضارات وليس صراع الحضارات حتى نستطيع أن نوصل الإسلام الصحيح إلى الغرب ونصحح صورة الإسلام التى شوهت بفعل فاعل. ما هى رسالتك التى توجهها للأمة الإسلامية؟ ► أناشد الإعلام أن يبرز توحيد الفتوي، وأهميتها، وألا يستضيف غير المتخصصين، وتطبيق ميثاق الشرف الإعلامي، ويجب إلقاء الضوء على التفاصيل التى نوقشت بالمؤتمر، حتى نكون على قلب رجل واحد، وحتى تعلم الدول التى لم تحضر المؤتمر مدى أهميته وفعالياته، ويجب أن نركز على الشباب ولا ننسى دوره فى المرحلة القادمة، لأن الشباب نصف الحاضر، وكل المستقبل، وخاصة أن الجماعات التكفيرية تركز على استقطاب هؤلاء بتشكيك فكرهم، وغرس الأفكار الهدامة فى عقولهم.