سار العدل فى ركابهم ، ومن شدة روعة أمثلة العدل التى تُروى عنهم يَظن المرء أنها خيالية ، ولكن من يعرف جوهر الإسلام ومعدنه النفيس يرى ذلك انعكاسا طبيعيا لأثر هذا الدين العظيم . وقصة فتح سمرقند خير شاهد . فبعد أن فتح المسلمون سمرقند ذهب وفد من المدينة سراً إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز يشكو من أن فتح هذه المدينة لم يكن شرعياً، والفتح الشرعي أن يُعرَض الإسلام على أهل المدينة أولا فإن أبوا يُدعون إلى دفع الجزية، فإن أبوا يُقاتلون. ويبدو أن هذا الجيش تجاوز الشرط الأول والثاني، وفتح المدينة. فما كان من سيدنا عمر إلا أن كتب – كما تقول بعض الروايات - على قصاصة ورق صغيرة، وأعطى أمراً لقائد الجيش أن يخرج وجيشه. لم يُصدق الوفد أن الجيش سيخرج بهذه السهولة ، لكن حينما أعطوا هذه الورقة لقائد الحملة ، وأعطى أمرا بالانسحاب، أسلم الوفد وأسلمت المدينة . كانوا يعرفون السبب الأساس وراء الانتصارات على أهل الكفر والشرك والنفاق، فبالتمسك به رفعهم الله عز وجل، وبالبعد عنه أذل الله من بَعدهم وجعلهم غثاء كغثاء السيل تتكالب عليهم الأمم من كل حدب وصوب كما تتكالب الأَكَلة على قصعتها. يقول عمر بن الخطاب رضى الله عنه : (نحن أمة لا تنتصر بالعدة والعتاد ، ولكن ننتصر بقلة ذنوبنا ، وكثرة ذنوب الأعداء، فلو تساوت الذنوب انتصروا علينا بالعدة والعتاد). وكل أحداث الإسلام تؤكد هذا المعنى . فى غزوة بدر(17 رمضان سنة 2 ه ) كان عدد المسلمين 313 صحابيًا مقابل ألف مشرك. وفى غزوة أحد (شوال 3 ه ) كان عدد المسلمين: 650 راجلًا، و200 راكبًا مقابل ثلاثة آلاف مشرك.وفى غزوة الأحزاب أو الخندق( المحرم 5 ه)كان عدد المسلمين ثلاثة آلاف ، وعدد المشركين عشرة آلاف. وفى غزوة خيبر( المحرم سنة 7 ه) كان عدد المسلمين: 1420 ، وعدد اليهود عشرة آلاف. وفى غزوة مؤتة (جمادى الأولى 8هجرية ) كان تعداد المسلمين ثلاثة آلاف مقابل مائتى ألف عبارة عن مائة ألف من جيش الروم ومثلهم من العرب الموالين لهم . أى بطولة تجعل جيشا يواجه آخر يزيد عليه ستين مرة ، فهى معركة عجيبة سجلها التاريخ بالدهشة والحيرة، ولكن إذا هبت رياح الإيمان جاءت بالعجائب . وفى غزوة تبوك (رجب 9 هجرية) وصل عدد المسلمين إلى ثلاثة آلاف. وكان قد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن هرقل قيصر الروم يريد الإغارة على المدينة ليغسل العار الذي لحقه في مؤتة، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه إلى الثغور فأصاب الذعر الأعداء فقعدوا عن الحرب، ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. وفي غزوة اليرموك ( 13 ه )انتصر أربعون ألفا على الجيش البيزنطي وتعداده 240 ألفا .وفى القادسية( شعبان 15 ه )انتصر ثلاثون ألفا على مائتى ألف فارسى .وفى نهاوند(21 ه )واجه ثلاثون ألف مسلم 150 ألف فارسى ،وانهزم الفرس بعد أن فقدوا أكثر من 20000 مقاتل . وفى معركة سهل البرباط (وادي لكة) ( 92 ه )انتصر طارق بن زياد ومعه 12 ألفا على جيش القوط الغربيين بقيادة لذريق ومعه مائة ألف .وفى معركة ملاذ كرد( 463 ه) انتصر أربعون ألفا من المسلمين بقيادة ألب أرسلان القائد السلجوقى على مائتي ألف من البيزنطيين .وفى معركة حطين( 25 ربيع الثاني 583 ه ) انتصر المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبى وعددهم 25 ألفا على 63 ألفا من الصليبيين . [email protected] لمزيد من مقالات عبدالفتاح البطة