لطالما اشتهرت الشخصية المصرية بأنها الأكثر سخرية من واقعها لدرجة أنها إذا لم تجد ماتسخر منه تتحول لتسخر من نفسها! لكن يبدو أننا تآلفنا مع هذا القول وأخضعناه للتطوير فأصبحنا نسخر من تجارب الآخرين بعد أن عجزنا عن إيجاد الحلول لمشكلاتنا المتراكمة . ما يعزز ما سبق تلك السماجة وحالة الاستظراف التى تعاملنا بها مع انتفاضة «طلعت ريحتكم» التى قام بها الشعب اللبنانى فى وجه الطبقة السياسية الحاكمة بعد أن غرقت لبنان بالنفايات,الأمر الذى أثار حالة من الغضب لدى اللبنانيين الذين فوجئوا بعناوين فى بعض الصحف والمواقع المصرية من عينة «ثورة الشورت الساخن» و«ياريتها قامت من زمان» وغيرها من التعليقات لشخوص مريضة لم تتصور أن يخرج شعب طلبا لنظافة بلاده لأننا لا نعرف عن أغراض التظاهر سوى السياسة أوالمطالب الفئوية أو اعتراض على قانون عمل لايساوى بين المجتهد والبلطجى! لم يلفت نظرنا أو يحركنا سوى فتيات لبنان المتظاهرات بملابسهن المتحررة ولم نفكر أن نقلدهن فى الأفكار وإحساسهن الوطنى بقيمة أن تبقى بلادهن جميلة جاذبة. بالمقارنة لم نجد عملا جماعيا من أجل نظافة مصر سوى فى أثناء ثورة يناير حينما نظف الشباب ميدان التحرير أمام عدسات التصوير قبل أن يعود الميدان أسوأ مما كان بعد رحيل مبارك.وتبقى المشاهد الأكثر التصاقا بحياتنا اليومية,سيارة فارهة يلقى قائدها بنفاياته خارجها,وتلال القمامة أمام المنازل والعمارات لاتلفت أنظار أحد من طول الاعتياد ولسان حال الجميع «المهم النظافة جوة البيوت»! كيف لم يستح هؤلاء الظرفاء وهم يعيشون وسط تلال نفاياتهم التى تقدر ب70 مليون طن سنوياً,ووفقا لآخر تقرير رسمى فإن حجم القمامة اليومية فى مصر يتجاوز 52 ألف طن، ونصيب القاهره الكبرى بمفردها 21 الف طن يوميا ولا يتم التخلص سوى من نصف هذه الكميات بسبب الإهمال الحكومى والعجز فى المعدات وعدم تعاون المواطن, ولا توجد منظومة متكاملة للاستفادة من تلك المخلفات وإعادة تدويرها رغم تصنيفها بأنها الأغنى بمكوناتها على مستوى العالم, ألا نستحى؟