دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى المستثمرين الصينيين إلى زيادة استثماراتهم فى مصر، متعهدا بتذليل جميع العقبات وتسهيل الإجراءات المطلوبة لتنفيذ مشروعاتهم، وكذلك الالتزام بتنفيذ جميع الالتزامات التعاقدية بشكل كامل مع الشركات الصينية وغيرها من الشركات العالمية. وطلب الرئيس، خلال لقائه أمس ببكين مع رؤساء 25 شركة وبنكا صينيا يعملون فى مصر، المستثمرين الصينيين بضخ استثماراتهم فى المناطق الصناعية بمحور تنمية قناة السويس، مؤكدا أن مصر ستعمل جاهدة على تطوير البنية الأساسية لهذه المنطقة، وقال لهم: أعطونا نماذج واضحة للمشروعات التى ترغبون فى إنشائها بمحور تنمية قناة السويس، وأعدكم أن نسلمكم مصانع مبنية وجاهزة بالكامل خلال عام واحد من تسلمنا لهذه النماذج، وسنقدم لكم مناطق صناعية مطورة بالكامل لتضعوا على الفور أدوات الإنتاج وتبدأوا العمل. وقال إننا بدأنا بالفعل فى مشروع تنمية قناة السويس الذى تضمن إنشاء وتطوير موانئ ومطارات، وإقامة مناطق صناعية وخدمات لوجيستية، ونتطلع إلى مشاركة الجانب الصينى والعمل فى هذه المشروعات. وأكد الرئيس أن عامل الوقت مهم للغاية فى طريق تحقيق التنمية المنشودة، وإذا كان المشروع يتطلب 8 سنوات لإنجازه قبل ذلك، فلا يمكن أن يزيد الآن على عام واحد. وقال السيسي: «إننا جادون ومصرون على التحرك بكل قوة من أجل بناء بلدنا، ونعتمد على خبرات الأصدقاء الصينيين، ووجودى معكم اليوم رسالة قوية لشركائنا الصينيين أننا جادون فى موضوع جذب الاستثمارات». وأكد الرئيس أن هناك مجالات واعدة للاستثمار فى مصر، لاسيما فى قطاع البترول، مشيرا إلى أن اكتشاف الغاز الأخير بالبحر المتوسط، والذى سيحقق عائدا كبيرا للشركة الأجنبية المنفذة للمشروع، لن يكون الأخير، بل سيكون واحدا من 100 اكتشاف جديد. وطالب الرئيس الجانب الصينى بالتعاون مع مصر فى تطوير وإنشاء الموانئ البحرية، موضحا أن مصر تحتاج إلى نقلة كبيرة فى هذا المجال، وأشار إلى الاستثمارات الصينية فى ميناءى شرق بورسعيد والعين السخنة، مشيرا إلى أن ميناء شرق التفريعة ببورسعيد سيكون واحدا من أفضل الموانئ بالمتوسط مع نهاية 2016، ليرتبط بمبادرة إحياء طريق الحرير البحرى للقرن ال21، الذى سيكون أمل العالم كله. وقال الرئيس إن لدينا أولوية لرفع قدرة ميناءى شرق بورسعيد والعين السخنة، لتسهيل التجارة العالمية، جنبا إلى جنب مع قناة السويس الجديدة، معلنا أن تعميق التفريعة الجديدة بشرق شرق بورسعيد، والبالغ طولها 11 كيلو مترا سيتم الانتهاء منه خلال ثلاثة أشهر، لإنهاء المشكلات التى كانت تعانى منها شركة «تشاينا هاربر» الصينية، لتعمل بالشكل المناسب فى مشروعاتها بمصر، التى بدأت عام 2008. ودعا السيسى الشركات الصينية بالعمل على سرعة إنهاء اتفاقيات إنشاء محطات الكهرباء، التى تعمل بالفحم، مشيرا إلى أن مصر تحتاج إلى الخبرة والاستثمارات الصينية فى هذا المجال، وقال إنه بعد 10 أشهر على زيارته السابقة للصين وتوقيع مذكرات تفاهم بهذا الشأن كان من المفترض أن نقطع نصف الطريق لإنجاز الاتفاق، وضرب مثلا بتمويل الشركة الألمانية لمحطات الطاقة فى مصر، والذى تم توقيعه خلال شهرين فقط، قائلا إذا كان الأصدقاء الصينيين تحركوا معنا بسرعة لكنا أنشأنا 3 محطات توليد كهرباء تعمل بالفحم فى مصر الآن. وتعليقا على كلمة رئيس صندوق التنمية الصينى الإفريقي، التى ذكر فيها أن الصندوق ساهم فى تمويل مشروعات داخل مصر بقيمة 150 مليون دولار من إجمالى 3.4 مليار دولار لتمويل المشروعات فى قارة إفريقيا، قال الرئيس السيسى إن هذا الرقم بسيط بالنسبة لوزن مصر ومكانتها وعدد سكانها، مؤكدا أن هناك ضرورة لأن يتضاعف هذا الرقم عشر مرات. وأضاف الرئيس أننا نقدر للأصدقاء الصينيين زيادة استثماراتهم فى مصر، على الرغم من الصعوبات الاقتصادية التى تتعرض لها الصين فى الفترة الأخيرة، وأن الاتفاقات الموقعة بين مصر والصين تمثل قيمة مضافة لتطور العلاقات بين البلدين، وأكد أن الفترة المقبلة ستشهد دفع العلاقات بين مصر والصين إلى آفاق أرحب، بحيث تستفيد مصر بنقل التكنولوجيا الصينية إليها، وتستفيد الصين بتسويق منتجاتها إلى دول العالم المختلفة عبر مصر. وأشار الرئيس إلى أن الجانب الصينى أمامه 3 مشروعات كبرى فى مصر بمجال البنية الأساسية يمكنه الاستثمار والعمل فيها، وهى مشروع استصلاح 1.5 مليون فدان، كمرحلة أولى لاستصلاح 4 ملايين فدان، موضحا أن مصر لديها تصور مختلف عما يحدث ببعض الدول حول استصلاح الأراضى الصحراوية، حيث نعمل على إنشاء مجتمع عمرانى متكامل، لنقدم للمصريين فرصة للإقامة والعمل والإنتاج، لنتجاوز كل الإشكاليات القديمة، معلنا أن هذا المشروع سيتم الانتهاء منه خلال عام ونصف العام. وأضاف الرئيس أن المشروع الثانى يتمثل فى إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، والذى تتحرك الدولة لتنفيذه الآن، موضحا أن مساحة المرحلة الأولى لهذا المشروع، والتى سيتم تنفيذها خلال عامين ستصل إلى نحو 6 ملايين متر مربع، مؤكدا أنه ستكون هناك فرصة للشركات الصينية للاستثمار بها. وتابع الرئيس أن المشروع الثالث هو إنشاء مدينة العلمين الجديدة على ساحل البحر المتوسط، مشيرا إلى أنه سيتم الإعلان عن تفاصيل هذا المشروع خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لنكون قد أنهينا جزءا منها بعد أقل من عامين. وأعرب السيسى عن استعداده لحل أى مشكلات تتعرض لها الشركات الصينية العاملة فى مصر، موضحا أن حدوث بعض العقبات لا يعنى أن الحكومة لا تعمل، أو لا تقوم بدورها، وأعرب الرئيس عن ترحيبه بزيارة أى مسئول من الشركات الصينية إلى مصر. واستعرض الرئيس السيسى بالأرقام مؤشرات تحديث الاقتصاد المصرى فى الفترة الأخيرة، وقال إن الدولة تحركت طبقا لرؤية واضحة وإصلاحات هيكلية ووضعت سياسة مالية جديدة، كما قامت بتعديل بعض القوانين لتحسين مناخ الاستثمار وتسهيل الإجراءات من خلال الشباك الواحد. وأعلن أنه سيكون هناك قانون خاص لمحور قناة السويس، ينظم الحوافز للشركات، ويتضمن إجراءات ميسرة، وقال إن هيئة قناة السويس ستشرف على هذا المحور، وستكون معنية بتنميته. وأضاف أن الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة تضمنت ترشيد الدعم، وإطلاق عدد كبير من المشروعات العملاقة من أبرزها حفر قناة السويس الجديدة، التى لا تمثل سوى خطوة أولى على الطريق. وقال الرئيس إننا بدأنا نلمس نتائج إيجابية لجهد الدولة فى الإصلاح الاقتصادي، كما تحسن موقف مصر فى تصنيف الاقتصاد العالمى طبقا لتصنيف المؤسسات الدولية. وأكد الرئيس أنه رغم زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 5.7 مليار دولار، إلا أن هذا الرقم مازال متواضعا، كما أكد ضرورة أن يصل معدل النمو الاقتصادى إلى نحو 7.5%، حتى يشعر المواطنون بتحسن أحوالهم المعيشية، موضحا أن معدل النمو فى العام الماضى بلغ 4.1%، ومن المنتظر أن يصل إلى 5.2% خلال العام المالى 2015/2016. وخلال اللقاء تحدث عدد من رؤساء الشركات الصينية العاملة فى مصر، حيث أشادوا بخطوات الإصلاح الاقتصادى التى قطعتها مصر، منذ تولى الرئيس السيسى المسئولية، كما أشادوا برعاية الرئيس والحكومة المصرية للشركات الصينية العاملة فى مصر، وأكدوا أن مشروع قناة السويس الجديدة سيمثل شريانا جديدا للتجارة العالمية. وأكد رئيس شركة «توم فانك»، كبرى الشركات الصينية فى مجال توليد الطاقة الكهربائية، حرص شركته على تقديم خبراتها إلى مصر، حيث تعتبر أكبر مزود لمعدات توليد الكهرباء فى العالم، وتقوم بتوليد الكهرباء باستخدام 6 أنواع من الطاقة المختلفة. وقال إن مصر ستتقدم إلى الأمام بخطى ثابت، موضحا أن شركته بدأت الاهتمام بالسوق المصرية منذ سنوات، وقامت بتكثيف جهودها بعد استقرار الأوضاع، وقامت الشهر الماضى بافتتاح مكتبها بالقاهرة، كما شاركت فى المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ فى مارس الماضي. وطالب بى ين شونج، رئيس شركة «تشاينا هاربر» للموانئ الحكومة المصرية بتكثيف جهودها لتطوير الموانئ، وانتقد تدهور البنية التحتية بميناء الإسكندرية، وتعهد بالعمل مع هيئة الميناء لوضع خطة طويلة المدى لتطويره. وفى كلمته قال رئيس صندوق التنمية الصيني- الإفريقى إن مصر دولة كبيرة وأن الصندوق يولى أهمية لتمويل المشروعات بها، والتى بلغت حتى الآن 6 مشروعات، مشيرا إلى أن الصندوق يسعى لمساعدة الهيئات المصرية. وأعرب سونج دونج شينج، رئيس شركة «سينو هيدرو» العاملة فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، عن أمله فى تنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة بين شركته ووزارة الكهرباء المصرية، خلال زيارة الرئيس السيسى للصين فى ديسمبر الماضي، لإنشاء مشروع توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية، وذلك حتى يبدأ تنفيذ المشروع مع بداية العام القادم، مشيرا إلى أن الصين أصبحت خلال ال30 عاما الماضية مركزا لتطوير وبناء محطات توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية. من جانبه قال منير فخرى عبدالنور، وزير الصناعة والتجارة، إن العلاقات المصرية الصينية شهدت طفرة كبيرة، عقب زيارة الرئيس السيسى السابقة للصين، وتوقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية، مشيرا إلى أن التبادل التجارى بين البلدين زاد بنسبة 13% فى 2014 مقارنة بالعام السابق، بإجمالى 11.6 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تصل الزيادة فى التبادل التجارى العام الحالى إلى 15%. وأعرب عبد النور عن أمله فى تحقيق علاقات تجارية أكثر توازنا بين مصر والصين، مطالبا السلطات الصينية المختصة برفع الحظر عن المنتجات الزراعية المصرية. وقال إن عدد الشركات الصينية التى تستثمر فى مصر بلغ 1123 شركة، تعمل معظمها فى مجالات البترول والصناعة والاتصالات، والحكومة لا تألو جهدا لتلبية طلبات هذه الشركات، مشيرا إلى تلقى عروض كثيرة من شركات صينية ترغب فى الاستثمار بمصر، لتلبية احتياجات 90 مليون مصري، وفتح أسواق جديدة.