في السويد رأيت إسلام بلا مسلمين.. وتذكرت مقولة الإمام محمد عبده،مفتي الديار المصرية سابقا، رحمه الله حين سافر إلى فرنسا، وقال: رأيت إسلاما بلا مسلمين.. هذا ما حدث معي في زيارتي الأخيرة إلى السويد. السويد لم تكن أول محطة غربيةأقوم بزيارتها، فقد عشت سنوات في اليونان، وقمت بزيارة الولاياتالمتحدةالأمريكية عدة مرات وسويسرا وألمانيا والنمسا وتركيا وأرمينيا إضافة إلى البوسنة والهرسك (مسلمي أوروبا) وجمهورية إيران الإسلامية أيضا.. لكن ما شاهدته في السويد كان مختلفا بشأن مكانة المرأة.. حيث تحظى المرأة السويدية بأعلى مكانة من الاحترام والتقدير في مجتمعها مقارنة بأي دولة أوروبية أخرى أو حتى ولاية أمريكية.. كما تحصل على كل حقوقها حيث تكفل لها الدولة القوانين التي تحافظ عليها في مملكتها، والمرأة السويدية تعتلي كافة المناصب وتعمل في كافة القطاعات دون أي تمييز مع جنس الرجال.. أما في دولنا نحن المسلمون، الإسلام كرّم المرأة وأعزّ حالها، لكن الموروثات الثقافية والمجتمعية البالية مع الأسف، حطت من شأنها وأضاعت حقوقها.. وما زلنا في مجتمعاتنا العربية نكافح من أجل عمل المرأة، وربما يصل الأمر إلى أن يحارب عملها بعض المشايخ، أصحاب الفتاوي، ممن نصّبوا من أنفسهم آلهة في الأرض ليحكموا كيفما شاءوا دون حجج دينية أصيلة.. ولن ننسى أن المرأة وقفت إلى جانب الرجل في عهد الرسول (ص) وفي تاريخ الفتوحات الإسلامية، أما ما نراه ونسمعه الآن فلا يمت للدين بصلة. ومنذ أن وصلت إلى العاصمة استكهولم، بدأت أسمع من حاملي الجنسيات المختلفة القاطنين في مملكة السويد أن المرأة السويدية أعزتها بلادها، وحاربت من أجل وقوفها إلى صفوف الرجال في كل شيء لتحقق المساواة. وقد دعتني لويز فالنبرج، رئيس جامعة استكهولم سابقا وأستاذ علوم الموضة، والمنسقة لبرنامج زيارتي التي دعيت إليها من قبل سفارة مملكة السويد بالقاهرة، دعتني إلى غذاء في حديقة منزلها الكائن بضواحي استكهولم والذي يبعد حوالي 45 دقيقة عن وسط العاصمة.. وما أن بدأ الإعداد للغذاء، إلا وصعدت مع لويز إلى المطبخ في الطابق العلوي من المنزل، وقمنا بإنزال الطعام للحديقة سويا، وجلسنا جميعا أنا وهي وهانز (صديق ومصمم أزياء) وألكسندر زوج لويز وهشام شاب مصري يدرس علوم الموضة وعائلة سويدية وتجاذبنا أطراف الحديث.. وبعد أن انتهينا قلت للويز: سأساعدك في "لم" السفرة، فقالت: "لا. هذا دور زوجي الآن، فنحن قمنا بالتحضير، وجاء دوره ليرفع المائدة" وبدأ الزوج بالعمل كله وحده ودون تذمر، فهو يعرف أن هذا واجبه.. وكان زوج لويز معظم الوقت يجلس داخل المنزل في غرفة المعيشة يمرّض كلبتهم الكبيرة، التي كانت قد أجريت لها عملية لاستئصال حصوات من الكلى.. وكانت لويز تجلس معنا ونتبادل الحديث دون أن يشعر زوجها بالملل من قضاء هذه المهمة لكلبتهم العزيزة. كل ما كان يفعله هذا الزوج، هو تماما سلوكيات رسولنا الكريم الذي كان يساعد زوجاته في المنزل، والذي لم يفكر للحظة أن يعيش كهارون الرشيد، أما زوج لويز، فلا يدين بالإسلام، وربما لم يكن يعرف شيئا عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليتصرف هكذا.. أما الرجل في مجتمعاتنا العربية (إلا قليلا) فهو مدلل يجلس كالملك في بيته وربما يأكل على فراش مخدعه، ولو كان يستطيع لتناولت زوجته الطعام بالإنابة عنه ليستريح. من قلبي: ليتنا جميعا نسير على خطى الأنبياء، فرسولنا الكريم، قليل من رجالنا ينهج بنهجه (ص)، علما بأنه قال (ص) قبل وفاته: "استوصوا بالنساء خيرا".. أتمنى أن الخطاب الديني يتناول هذه الجزئية، كما يتناول فقط جزئية حشمة المرأة وملبسها وحجابها دون التطرق لحقوقها أبدا، فالدين مليء بالكثير من الحكم والمواعظ الأصيلة التي ربما تصلح ما أفسدته مجتمعاتنا، بدلا من الوقوف على هوامش الأمور.. يقول الله عز وجل، بسم الله الرحمن الرحيم: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" صدق الله العظيم.. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم لعلكم تتفكرون! [email protected] لمزيد من مقالات ريهام مازن