تشهد العلاقات المصرية - الصينية نقلة غير مسبوقة فى التعاون على جميع المستويات، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية. وقد دعمت الزيارة التى قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسى للصين خلال العام الماضى، هذه العلاقات، والارتقاء بها إلى مرحلة الشراكة الإستراتيجية الشاملة. «الأهرام» استطلعت آراء عدد من السفراء والخبراء حول الزيارة والعلاقات المصرية الصينية: أبعاد مهمة للزيارة السفير محمود علام سفير مصر السابق فى بكين يؤكد أن زيارة الرئيس للصين لها أبعاد مهمة فى دعم العلاقات بين البلدين. وتعتبر هذه الزيارة الحادية عشرة لرئيس مصرى للصين، حيث كانت آخر زيارة قام بها الرئيس السيسى للصين فى ديسمبر 2014 قد رفعت مستوى العلاقات من مرحله التعاون الاستراتيجى إلى إعلان الشراكة الإستراتيجية. ويوضح أن هناك بعدا مهما فى العلاقات بعد افتتاح قناة السويس، وتطوير محور القناة، وربط ذلك بإحياء طريق الحرير، مشيرا إلى أن الصين لها تجربة تنموية ناجحة، وعلينا الاستفادة منها، وخاصة فى ملف المناطق الصناعية، وهناك عدد من الشركات الصينية تعمل بالفعل فى مصر، كما أن أكبر عدد من سفن الحاويات التى تعبر القناة صينية، ومن ثم فهناك ضرورة لإعطاء بعد جديد للعلاقة بين البلدين، بعيدا عن المساعدات، وأن تكون لدينا جدية فى التعامل والاستفادة من التجربة الصينية. وفى الجانب السياسي - يقول السفير علام - إنه تم إنشاء وحدة للدراسات الصينية بالمجلس المصرى للشئون الخارجية، كما أن الصين تتفق مع مصر فى الملفات السياسية، وخاصة فى حقوق الشعب الفلسطيني، كما أن هناك تعاونا مشتركا بين البلدين فى إطار منتدى الصين إفريقيا، وكذلك المنتدى العربى الصيني، وكلاهما يدعو إلى الانفتاح على ديمقراطية العلاقات الدولية، وعدم الاقتصار على دول معينة فى العلاقات. ويوضح أن الصين كانت من الدول التى احترمت إرادة الشعب المصرى فى 30 يونيو على اعتبار أن هذا شأن داخلى مصري، وطالبت الدول بعدم التدخل فى هذا الشأن، كما أن الصين تؤيد مصر بلا تحفظ فى ترشحها كعضو غير دائم فى مجلس الأمن 2016 - 2017. ملفات التعاون ومن جانبه يكشف السفير رخا أحمد حسن عضو المجلس المصري للشئون الخارجية عن أن العلاقات السياسية بين مصر والصين بدأت عام 1956 وكانت مصر أول دولة عربية اعترفت بالصين وحكومتها الجديدة، وكانت هناك مقاطعة أمريكية وبعض الدول الأوروبية والعربية للصين، ومنذ هذا التاريخ نشأ تعاون وثيق، وكان هناك تعاون بين الرئيس جمال عبد الناصر وشو ان لاى رئيس وزراء الصين، وحتى ذلك التاريخ لم يكن قد نشأ الصراع الصينى السوفييتي، وكانت الصين قد توسطت لدى الاتحاد السوفيتى لصفقة الأسلحة لمصر عندما رفضت الولاياتالمتحدة تقديم الأسلحة التى طلبناها منها، ومن هنا بدأ التنسيق مع الصين، وبدأ التعاون فى القضايا العربية، وخاصة القضية الفلسطينية وقضايا التحرر الوطني، حيث تؤيد الصين تماما حق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، كما أيدت مصر فى الحروب المختلفة، وكذلك فإن تصويتها فى الأممالمتحدة متطابق تماما مع الدول العربية. ويشير إلى أن الصين تعتبر نفسها دولة نامية، وتعتبر تعاونها مع الدول النامية عنصرا أساسيا، وكذلك التعاون فى المنظمات الدولية ومنها التجارة العالمية. ويقول: إن هناك توافقا فى واقع العلاقات السياسية، فهناك تأييد سياسى متبادل، وتأييد صينى للمواقف المصرية فى مكافحة الاٍرهاب وتحقيق السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط، وكذلك بالنسبة للقضية الفلسطينية وحل الأزمة السورية حلا سياسيا وليس عسكريا والمحافظة على وحدة سوريا. ويوضح السفير رخا أنه- فيما يتعلق بالتعاون فى المجال الاقتصادي- فإنه يشمل عدة مجالات، منها مجال النقل، حيث أن الصين متقدمة فى هذا الملف، وأيضا فى مجال التكنولوجيا وصناعة الإلكترونيات.. وكانت الصين تعمل منذ عام 2009 على إقامة مشروعات فى شرق التفريعة، والتى بدأ العمل فيها حاليا، وقد أبدت رغبة فى تنمية محور قناة السويس على أساس أن هذا المحور يتكامل مع مشروع تقوم الصين به لإحياء طريق الحرير الجديد، وهذا الطريق له شقان: بحرى وبري.. والبحرى لا يحتاج منشآت، والبرى يحتاج وقتا، والطريق البحرى سريع، وكان من المفترض أن يصل إلى عدن، ومع الانتهاء من قناة السويس الجديدة تغيرت النظرة الصينية للطريق البحرى بحيث إنه يجب أن يصل إلى محور قناة السويس، وأن يتم إنشاء منطقة حرة فيه، وصناعات لصيانة وتموين السفن والأحواض الجافة والصناعات الإلكترونية التى تعتمد على الرمال الموجودة فى سيناء، بالإضافة لمخازن لوجيستية للسلع بالشرق الأوسط وشرق وشمال افريقيا. وحول الملفات التى يمكن أن تطرح خلال زيارة الرئيس للصين يشير رخا إلى أنه من المتوقع أن يكون هناك تجهيز لملفات سريعة، منها تنشيط التعاقد على المشروعات، والتى تخدم طريق الحرير الجديد، والذى رصدت له الصين نحو 40مليار دولار لبدء المراحل الأولى منه، وأيضا المرور على عدة قضايا مثل الموقف المتأزم فى ليبيا وسوريا، وهذا ينعكس على التجارة والاستثمارات والاستقرار فى الشرق الأوسط ، وكذلك الموقف فى العراق وانعكاسه على أمن منطقة الخليج. ويوضح أن الصين تاجر مهم على مستوى العالم، وتهتم بعنصرين: أولهما استيراد المواد الخام حتى تعطيها القيمة المُضافة وتقوم بتصنيعها على عدة مستويات لأوروبا وأمريكا والشرق الأوسط والدول الافريقية، وثانيها إغراق الأسواق العالمية بالسلع الصينية بأسعار ودرجة جودة متنوعة.