عشت واحدة من أخلد وأجمل لحظات عمرى وأنا أتابع حفل افتتاح قناة السويس الجديدة على امتداد يوم الخميس 6 أغسطس المنقضي. ولأن فهمى لمهن الاعلام والصحافة يقوم على أننا (موفدون من وسط فقراء للابلاغ عن أحوال بعينها)، رأيت أن مهمتى ليست الاشادة والتهليل بروعة التنظيم وجلال الحدث وعظمة الرئيس وقدرة الشعب، وقد كانوا- جميعهم- كذلك، ولكن شغلى هو القراءة النقدية للمشهد على نحو موضوعى حتى تكون سطورى مفيدة. النقص الأساسي- بالطبع- كان فى عملية النقل والبث التليفزيونى للحفل الساهر ليلاً، وزاد من فداحة تأثيره أن اتحاد الاذاعة والتليفزيون احتكر ذلك البث فلم نشاهد غيره، بل لم نشاهد شيئاً فيه! فعلى حين كان نقل الحفل الأول عصراً (والذى تولته الشركة الفرنسية بخمس وخمسين كاميرا) رائعاً، فاننا فى الحفل المسائى واجهنا كارثة الصورة المظلمة لحضور الحفل وقد كان ذلك الحفل هو الذى تولى المصريون نقله وبثه، وفيه اظلام كامل فى الصالة فلم نر الرئيس السيسى الا بصعوبة وكنا نجتهد لنرى أياً من ضيوف الحفل وانطباعاتهم وردود أفعالهم وهى مسائل مهمة جداً فى النقل المباشر. ولما صبح علينا الصبح هرعنا الى الجرائد لكى نتصفح كيف صاغت تقاريرها عن الحفل المهيب فوجدنا فيها كل التفاصيل التى كان يفترض أن تعرضها لنا الكاميرا. العاملون فى ماسبيرو هاصوا وزاطوا منذ سنوات، حديثاً عن ضرورة التطهير العرقى فى التليفزيون حتى لا يعمل فيه الا من أسموه (أبناء ماسبيرو) وهو شئ لا مثيل له فى العالم وحرم التليفزيون الرسمى من أحد أكبر مزاياه التنافسية على الفضائيات الخاصة. ومع ذلك فحين يقوم تليفزيون الدولة بأى أداء مقبول فاننى أهلل له وأفرح من صميم القلب لأن فهمى لمهمته سياسى ووطنى بالدرجة الأولي، أما حين يفشل فى اختبار تاريخى كذلك الذى مررنا به فى حفل تدشين القناة تحت دعوى روح أهل وعشيرة ماسبيرو فذلك عيب وحرام. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع