رسالة الفن المصرى كانت دائما غرس القيم النبيلة والحفاظ على تماسك المجتمع فى أحلك الأزمات والشدائد من خلال مجموعة من أروع الأعمال الدرامية التى أنتجتها جهات الإنتاج الدرامى التابعة للدولة وعلى رأسها قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون. وكان الفن المصرى اللاعب الرئيسى على مر الفترات بأدوار مهمة تحسب له، وهو ما أكده المشاركون فى الندوة التى عقدها «الأهرام» حول الدراما التليفزيونية وسبل الارتقاء بها وتحدث فيها المبدعون عن مشاكل الدراما التى اعتبروها أمنا قوميا وفى ندوة مهمة حضرها العديد من أهل الفن منهم المخرجة الكبيرة انعام محمد على والكاتب المتميز مجدى صابر والناقد د.أشرف توفيق والناقدة خيرية البشلاوى والناقدة لينا مظلوم وأسرة قسم الإذاعة والتليفزيون بالأهرام ومجموعة من الإعلاميين حاولنا التعرف على أهمية دور الفن فى مرحلة البناء وكيفية التغلب على مشاكله والارتقاء به فى المستقبل فى البداية قالت المخرجة إنعام محمد علي: إن دور الدراما مهم جدا ليس فى الوقت الحالى فقط ولكن منذ عشرات السنين عندما كانت الأسرة المصرية تلتف حول الشاشة الصغيرة لمشاهدة برامج إجتماعية مغلفة بالنكهة الدرامية سواء فى البرامج التعليمة أو الصحية أو برامج الأطفال والمرأة والشباب وبرامج للفلاح وكانت تقدم فى قالب جذاب يسهم فى زيادة الوعى والفهم للقضايا المختلفة بسهولة ويسر وكان مسلسل «القاهرة والناس» نموذجا للأعمال التى تناقش قضايا اجتماعية بعيدا عن الإسفاف. وتضيف: هذا هو دور الفن الذى يجب أن يكون عليه ولكى تعود الدراما للتفاعل مع مشاكل المجتمع لابد من اتخاذ خطوات مهمة منها أن يعى كل مبدع وكل من يشارك فى أى عمل فنى بالمسئولية الاجتماعية وهى نقطة فى غاية الأهمية لأن الضمير المهنى لايحتاج إلى قانون يحكمه وإنما يعود لإيمان الكاتب والمخرج والممثل بالمسئولية المجتمعية تجاه وطنه وأنا شخصيا لو أعطونى ملايين الجنيهات لإخراج عمل لا أقتنع بمضمونه وبه سقطات فلن أقبله وسوف أعتذر عنه فورا، أيضا لابد أن تختفى نظرية النجم الأوحد من أعمالنا ولا يكون النجم أو البطل هو المسيطر على كل شىء ويتحكم فى كل شىء حتى أن المنتج يتفق مع النجم على عمل غير موجود ولم تتم كتابته بعد وهذا شئ خطير يدمر الدراما. وتابعت المخرجة إنعام محمد علي: لابد أن تعى الدولة أن الفن رسالته مهمة فى مراحل البناء والتقدم وعليها أن تؤمن بدور الفن وتسهم فى تطويره وإنتاجه ولاتعتبره للتسلية فقط ، فنحن نحتاج إلى أعمال عن تاريخ مصر القديم والحديث ونحتاج إلى أعمال دينية واجتماعية على أعلى مستوي. وتضيف: المجلس الوطنى للإعلام الذى سيتم تشكيله لابد وأن يندرج وينبثق منه كيان مستقل للدراما لأن الدراما بلا أب وأطالب النقاد بالحياد فى كتاباتهم التى تصيبنى بالدهشة فى أحيان كثيرة عندما أرى تمجيد وإشادة فى أعمال هابطة ودون المستوى، فالإعلام والنقد يسهم أيضا فى رقى الدراما بالتصويب الصحيح والنقد البناء وتقول أضعف شىء فى رمضان هو فقدان النص الجيد وأفضل عمل «تحت السيطرة». ويقول المؤلف مجدى صابر: إن أزمة الدراما ظهرت بشكل واضح منذ 4 سنوات والحقيقة أن هذه الأزمة تشارك فيها عدة جهات أولها الدولة التى تراجعت عن دورها فى دعم الفن ورسالته بدليل توقف إنتاجها بالكامل تقريبا إلا من خلال أعمال قليلة لم يكن لها أى تأثير على الإطلاق، وتوقفت عمدا بعد مخاطبات كثيرة ووعود لم ينفذ منها شىء حتى الآن وأعتقد أن إنتاج الدولة كان ضروريا فى السنوات الأخيرة فهى تنتج أعمالا لها طابع اجتماعى وتاريخى ودينى خاص لا يقبل عليه الإنتاج الخاص وكان إنتاج الدولة بمقدوره عمل التوازن المطلوب لصالح المشاهد، وأرى أيضا أن صناع الدراما مشاركون فى هذه الأزمات حيث تحول عدد كبير من صناع السينما بكل عناصرها الى الشاشة الصغيرة بأفكارهم التى يمكن تقديمها فى السينما ولكنها لا تصلح فى الدراما التليفزيونية بما تتضمنه من أفكار محبطة مثل مشاهد العرى والإسفاف والألفاظ الخارجة والعنف والدماء والمخدرات كلها كان لها تأثير سلبى فى الدراما وان كانت تقلصت هذه السلبيات هذا العام عن الأعوام السابقة ولكن مازالت موجودة أيضا، الإعلام كان مشاركا فى الأزمة عندما هاجم كل الأعمال قبل أن تبدأ أيضا نقابة المهن هاجمت الدراما قبل ان يشاهدوا كل الأعمال لنهايتها وكنت أتمنى ان تكون النقابة مساندة وان تعقد مؤتمرات لمناقشة الأزمات وإيجاد الحلول وليس الهجوم فقط على أبطال العمل، وأضاف مجدى صابر أنا لا أحكم على العمل من خلال البرومو الحكم لابد أن يكون على العمل بالكامل وقال فى كل أعمالى لم أقدم لفظا خارجا أو مشهد عرى وهنا يأتى دور ضمير الكاتب وفكره وثقافته ورؤيته الصحيحة لمتطلبات المرحلة والحفاظ على كيان الدولة وترابط المجتمع وأنا راض عن هذا العام الى حد كبير وهو أفضل من العام الماضى وأتوقع زيادة الأعمال فى العام القادم كما وكيفا والرواج الفنى سيكون فى تقدم مع الاستقرار المتوقع فى كل المجالات الأخرى وأضاف ان كل القوانين نائمة فى الأدراج والدولة ضعيفة فى تطبيق أى قانون خاص ببث المسلسلات خاصة على الفضائيات أو تنظيم الإعلانات أو محاسبة أى عمل يخرج عن ميثاق الرقى والتحضر والرقابة لاتملك أى قانون يعطيها الحق فى منع عرض أى مسلسل، وقال هناك كتاب تخصصوا فى كتابة مشاهد لاتليق بمجتمعنا ويجرون وراء الإثارة بشتى الطرق من أجل جذب المعلن والمشاهد بغض النظر عن أى شيئ أخر وأضاف ان ورش كتابة الدراما كارثة فهناك شباب يكتبون أى شىء والمنتج عايز كده هو يملك النجم ولايهمه المضمون يعطى للنجم الملايين والمؤلف الملاليم وقال الحلول موجودة ولكن التنفيذ يحتاج الى تدخل الدولة فالدولة لابد أن تنشىء كيانا أو هيئة خاصة بالإنتاج الدرامى الراقى وتكون مكونة من كبار المبدعيين المشهود لهم بالكفاءة والحياد لإختيار أفضل النصوص الدولة لابد أن تؤمن بأن دعم الدراما لا يقل عن دعمها لرغيف العيش تغذية العقل لاتقل عن تغذية البطون أيضا عندنا بنوك لماذا لاتسهم فى الإنتاج الفنى وهو تجارة مربحة بدليل كثرة ماينتج من أعمال كل عام وممكن النقابات الفنية تقوم بدور فى مخاطبة البنوك وعمل مؤتمرات لحل الأزمات كما تفعل كل النقابات الأخرى وأضاف اننا فى أشد الحاجة لمنصب وزير الإعلام فى الوقت الحالى الذى كان بإمكانه حل الكثير من هذه المشاكل وإلغاء الوزراة كان خطأ وكان قرارا مستعجلا فالفن بلا قائد والإعلام كذلك وهما أخطر مجالين لهما تأثيرهما على الأسرة والمجتمع فى البناء أو الهدم. ويقول الناقد الدكتور أشرف توفيق أنا مع تفعيل القوانين الخاصة بالرقابة كما ان الرقابة تعطى حق المنح فلابد لها ان تصدر حق المنع إذا تطلب الأمر ذلك وأضاف رغم كثرة الأعمال هذا العام إلا ان أغلبها بلا مضمون أورسالة مجتمعية فالكل يبحث عن الفلوس ولايبحث عن الرسالة والهدف من إنتاج كل هذه الأعمال وقال لابد من توزيع الإعلانات بشكل منظم فماشاهدته عبارة عن إعلانات تتخللها مسلسلات وأضاف نحتاج الى ثورة قوانين تنظم العمل الفنى بالكامل وان مسلسل تحت السيطرة من وجهة نظرى هو الأفضل ولكن لم نصل بعد الى طموحات وتطلعات شعبنا العظيم فى مناقشة كل قضاياه التى ما أكثرها فى السنوات الأخيرة. أما الناقدة خيرية البشلاوى فأكدت أن الدولة بعيدة كل البعد عن منظومة الفن ولا تعطيها أى اهتمام، وهذه النظرة كارثة بمعنى الكلمة لان دور الفن مهم جدا فى التوعية والرقى بالمشاعر والوجدان وتقديم النماذج الطيبة التى تحافظ على تقاليد وعادات المجتمع، وقالت لاننسى ان المجتمع يئن من الأمية والجهل والتخلف والدراما سلاح مهم للقضاء على الكثير من هذه السلبيات، وتساءلت هل الدولة ضعيفة لهذا الحد حتى تركت القطاع الخاص يعربد كيفما شاء فى عرض أعمال هابطة هل أصبح المكسب المادى عندها أهم من بناء الإنسان والمجتمع معا وأكدت اننا نعيش فى حالة من التخبط الإعلامى والفنى بسبب غياب الرؤية والهدف وعدم وجود من يدير منظومة الفن أو الإعلام نحتاج الى إدارة خاصة بالدراما على رأسها مجموعة ذات ثقل فنى وفكرى لوضع الخطط المناسبة للدراما التى أصبحت تدخل كل بيت بل أصبحت اقتصادا يدر الملايين وقالت نحتاج الى قوانين منظمة لكل العناصر المشاركة فى الإنتاج الدرامى علينا البحث عن النصوص الجيدة وتكريم من يفوز فى كتابة أفضل عمل من خلال مسابقات تنظمها الدولة الفن والدراما ليس أقل من التعليم والصحة وتجديد الخطاب الدينى والثقافى والفكرى والدولة مسئولة عن دعم الدراما وحل مشاكلها من أجل المساهمة فى بناء الإنسان والدولة معا. الناقدة لينا مظلوم أكدت ان الفن المصرى بخير رغم كل السلبيات التى يعرفها الجميع وان الظروف التى مرت بها مصر فى السنوات الأخيرة أثرت بالسلب على كل من القطاعات ولكن هذا العام الفنى المصرى أفضل من العام الماضى، وقالت لايمكن ان نحمل الدولة كل أزمات ومشاكل الدراما ولكن الجميع لابد أن يشارك فى إيجاد الحلول من منتجين وكتاب ونجوم فن وقالت أهم شىء فى نجاح أى عمل فنى هى القصة أو الورق وضمير الكاتب مهم جدا فى توصيل الرسالة الهادفة كما ان توزيع الأعمال على السنة بالكامل أفضل من عرضها بالكامل فى شهر رمضان شهر الروحانيات ومستحيل مشاهدة كل هذه الأعمال فى وقت واحد