أقامت الجمعية المصرية الكندية للثقافة فى العاصمة الكندية أوتاوا ندوة للكاتب والروائي الكبير محمد المنسي قنديل احتفاء بأدبه وإبداعه الذي طالما أمتع عشاق الأدب الراقي. تحدث قنديل خلال الندوة عن مشواره مع الكتابة من خلال رواياته التي قدمها عبر رحلة أبداعه, فهو على حد تعبيره لا يؤمن بأن «الكتابة موهبة وفقط بل هي مزيج من الدأب والعمل بالاسباب». فهو يقول: عندما اكتب نصا لأول مرة يكون هزيلا لكني اظل ادققه بجهد وشبق حتى يصل لدرجة أكون مقتنعا إنها افضل ما يمكن ان يصير عليه. فالأديب من وجهة نظر المنسي قنديل «يظل يكتب ويكتب بحثا عن لحظة سحرية تتفتت فيها الحدود بين الوعي واللاوعي فيخرج الاحساس نقيا وواضحا كما اشعة الشمس». وهو يرفض الهجوم على جيل الشباب واتهامه بأنه جيل لا يقرأ وغير مهتم ألا بتبادل النكات على مواقع التواصل الاجتماعي ، فالمنسي قنديل يرى أنه جيل مختلف ويقرأ لكن بشكل مختلف عنا ويضيف قنديل ان وسائل التكنولوجيا الحديثة ومنها مواقع التواصل الاجتماعي أعادت الاعتبار للكلمة المكتوبة من جديد.. ويؤكد محمد المنسي قنديل أنه يعتبر روايته الاولى انكسار الروح أفضل إعماله ، وإنها تشكل تحديا حياتيا له لأنه طيلة الوقت يسعى لأن يخرج منها.فالرواية تمثل حكاية جيل 23 يوليو الذي حمل أحلام القومية العربية والوحدة ، وكان متخيلا انه سيغزو العالم, وفجأة استيقظ على كارثة 67 وتحطمت احلامه. في هذه الرواية كتب المنسي قنديل شهادة هذا الجيل الذي خاض تجربة الحلم والانكسار. ويحاول قنديل أن يفسر لماذا توقف عن الكتابة لسنوات طويلة بعد روايته الاولى: «شعرت أنني في لحظة فراغ عقلي لا اجد ما اكتبه ، ومع هذا كنت إكتب إدب الرحلات وبعض كتب الاطفال كما كتبت للسينما». ربما كانت بداية الخروج من مرحلة انكسار الروح لدى محمد المنسي قنديل هي الرحلة التي قام بها لدول وسط آسيا حيث مجتمعات ناهضة تحاول البحث عن هوية جديدة «بل إنهم كانوا يبحثون حتى عن لغة يتحدثون بها». فيقول المنسي : شاهدت في هذه البلاد جزءا من تاريخ الإسلام فتحولت رحلتي من طشقند لسمرقند لرحلة في التاريخ والزمان، التغير الذي حدث للسائق الذي كان يصحبني عندما وصلنا لمقام الإمام البخاري كان يعكس حادثة حقيقية رأيتها فعلا, فجزء كبير من الشخصية كان واقعيا. وفي تلك الليلة التي قضيتها في مقام الإمام البخاري عدت للكتابة من جديد. وظهرت للنور بعد فترة روايتي «قمر على سمرقند».. أحيانا يسيرالواقع بخطوات عكس اتجاه التاريخ، فعلى سبيل المثال في فترات سابقة كان المواطنون المصريون مجرد أرقام ، لكن جاء حدث اكتشاف العالم الانجليزي كارتر لمقبرة توت عنخ آمون ، عندما اكتشف المصريون والعالم ان للمصريين تاريخا يستحق الاحتفاء به ، وهنا حدثت صحوة للشخصية المصرية وقتها بدأ المصريون يكتشفون إنهم ليسوا مجرد أرقام بل شخصيات من لحم ودم وكتبوا دستور 1923 وقاموا بثورة 1952 ، لكن ماحدث بعد ذلك أن المصريين عادوا من جديد ليتحولوا لمجرد أرقام. مبارك استطاع أن يفعل ذلك فألف شخص يغرقون في البحر ومئات آخرين يحترقون في قطار وأعداد من التلاميذ يلقون حتفهم في حادث مروع وهكذا ، لذلك كتبت رواية «يوم غائم في البر الغربي». ثم جاءت ثورة يناير التي يعتبرها قنديل أعظم حدث في تاريخ مصر على الإطلاق، وفي هذا الوقت- وكما يقول- كنت قد بدأت بكتابة رواية «أنا عشقت» وهي تدور في نهايات عصر مبارك وقد تم تغيير النهاية لهذه الرواية مرتين, ففي المرة الاولى كنت متشائما وكانت النهاية تحمل نفس قدر قتامة أيامنا وعندما قامت الثورة غيرت النهاية لتحمل الأمل والتفاؤل الذي عشناه بعدها, لكن مرة أخرى وبعد فداحة ما حدث بعد الثورة عدت من جديد للنهاية الأولى. وأخيرا تأتي روايتي «كتيبة سوداء»، التي احاول فيها اكتشاف ما حدث للأورطة المصرية التي سافرت المكسيك لتحارب في جانب الفرنسيين إبان حكم سعيد باشا. هذه الحادثة كانت حدثا استثنائيا في التاريخ المصري وكان لها من التداعيات بعد ذلك ماغير شكل العالم. ورغم هذا فلا نعرف الكثير عن مجموعة الجنود الخمسمائة الذين استُجلبوا من السودان ليسافروا لأرض لا يعرفونها ويحاربوا في جغرافيا غريبة عليهم ومع ذلك أبلوا بلاء حسنا ومن عاد منهم نُفي, لخوف السلطات في مصر وقتها منهم, وبعضهم تم التعامل معه باعتباره خائنا, لا لسبب إلا إنهم ربما وجدوا في هذه الحرب مخرجا للتحررمن العبودية التي ابتلوا بها من قبل.