63 عاما مرت على ذكرى ثورة 23 يوليو1952.. تلك الثورة التى فجرت فى كل دول العالم النامى مشاعر التحرر والخلاص والاستقلال.. كتابات عديدة اجتهدت فى التأريخ للثورة، الكثير منها أنصفها والقليل تحامل عليها. لكن كل الكتابات أجمعت على أنها كانت ثورة نظيفة بيضاء، حملت مشروعا تنويرا مصريا وعربيا وإفريقيا، بعد أن قادها جمال عبد الناصر مع مجموعة من زملائه ضباط الجيش إثر حرب 1948وضياع فلسطين وفضيحة الأسلحة الفاسدة. البعض يعتبرها الثورة الأم التى من رحمها ولدت كل حركات التحرر وكل الثورات فى العالم، والبعض الآخر يعتبرها الثورة الملهمة التى غيرت من وعى الشعوب ومن تقبلهم للأمر الواقع. جاءت ثورة 23 يوليولتفتح الباب على مصراعيه فى مصر أمام العدالة والمساواة وأمام الشعور العارم بالعزة والكرامة والثقة بالنفس. كان من أسباب قيام الثورة التردى السياسى وتراجع وتجاهل الملك فاروق حاكم مصر فى حينه الأغلبية واعتماده على أحزاب الأقلية، وقيام اضطرابات داخلية وصراع دموى بين الإخوان المسلمين وحكومتى النقراشى وعبدالهادي. وحرب فلسطين وتوريط الملك البلاد فيها دون استعداد مناسب ثم الهزيمة. وتقليص حجم وحدات الجيش الوطنى بعد فرض الحماية البريطانية على مصر وإرسال معظم قواته الى السودان بحجة المساهمة فى إخماد ثورة المهدى وإغلاق المدارس البحرية والحربية، وسوء الحالة الاقتصادية فى مصر والظلم وفقدان العدالة الاجتماعية بين طبقات الشعب وسوء توزيع الملكية وثروات الوطن. وجاءت الثورة بمجموعة من المبادئ ، وهى تحديدا: القضاء على الإقطاع - القضاء على الاستعمار - القضاء على سيطرة رأس المال - بناء حياة ديمقراطية سليمة - واقامة عدالة اجتماعية - بناء جيش وطنى قوى. أصبح جمال عبد الناصر أول رئيس للجمهورية فى مصر من 1954 حتى وفاته عام 1970. ومن أهم المشروعات الكبرى للثورة السد العالى الذى حمى مصر من الفيضانات وموجات الجفاف المتتالية ومن اجل بناء السد العالى. ويعتبر المؤرخون أن انتخابات نادى ضباط الجيش كانت هى الفصل الأخير فى حكم الملكية وقيام الثورة أواخر عام 1951. فكان مرشح الملك لرئاسة مجلس إدارة النادى حسين سرى عامر أما مرشح الضباط الأحرار فكان محمد نجيب. لما علم الملك بضعف فرصة مرشحه رأى تأجيل الانتخابات التى كان مقررا إقامتها فى 31 ديسمبر 1951. ولكن الضباط لم يمتثلوا لرغبة الملك، وأقيمت الانتخابات وفاز محمد نجيب برئاسة مجلس إدارة نادى الضباط، كما فاز خمسة من الضباط الأحرار فى عضوية المجلس. تشكلت وزارة حسين سرى فى 2 يوليو ولم يمض أكثر من 20 يوماً فى الحكم واستقالت فى 22 يوليو، وكلف الملك نجيب الهلالى مرة اخرى بتشكيل الوزارة التى استمرت يوما واحدا ثم تحرك ضباط الجيش صباح اليوم التالى للاستيلاء على الحكم. فى مساء 22 يوليو 1952 أقام الملك فاروق حفلا ساهراً فى قصر المنتزه بالإسكندرية احتفالا بإسماعيل شرين زوج أخته الذى تولى وزارة الحربية والبحرية. كان فاروق مطمئناً أن وزارة نجيب الهلالى ستعيد الاستقرار للبلاد، وأن إسماعيل شرين سيقضى على تمرد الضباط فى الجيش. وفى أثناء الحفلة دخل إلى الملك احد العاملين ليبلغ الملك أن الضباط الأحرار استولوا على مقر قيادة الجيش فى القاهرة. نجح الضباط الأحرار فى دخول مقر قيادة الجيش فى القاهرة فى مساء يوم 22 يوليو، وقامت كردونات الجيش الموالية للضباط الأحرار بمحاصرة قصر المنتزه حيث يوجد الملك ولكنها لم تحاول دخوله.