كان من الصعب بل من المستحيل ان تنشر صحيفة مصرية مهما تكن أهميتها خبرا او موضوعا عن الجيش المصرى دون موافقة القوات المسلحة..وكان للجيش المصرى مراسلون معتمدون يغطون الأخبار ويتابعون الأحداث بمنتهى الحرص والأمانة..وكان من الصعب ان يتسرب خبر مشبوه أو تحقيق غامض أو قصة لا أساس لها.. وكان هناك اتفاق ضمنى بين الجيش والإعلام بحيث لا يتجاوز الإعلام بأى صورة من الصور على أسرار القوات المسلحة على أساس ان كل ما فيها يتعلق بالأمن القومى للوطن..كان الجيش ومازال يحترم الإعلام ويقدر دوره ويضعه فى مكانه الصحيح من حيث الأهمية والمسئولية والدور.. كانت احاديث القادة العسكريين لها مواسمها سواء فى تخريج دفعات جديدة من الضباط أو التدريبات المشتركة مع جيوش أجنبية وكل هذه الأشياء كانت لها ضوابط تحكمها..ولكن للأسف الشديد ان كل هذه التقاليد اختفت تماما امام التخبط الإعلامى والصحفى الذى فتح الأبواب على مصراعيها دون ضوابط تحت شعار الحريات..هناك أخبار تدخل فى نطاق السرية وتنشرها الصحف حول الجيش دون الرجوع إلى مصادرها.. وهناك مصطلح جديد ان مصدرا رسميا صرح أو قال مع عدم نشر اسمه أو أهميته وهناك أخبار عن صفقات من الأسلحة والمهمات الخاصة والسرية تنشرها الصحف من مصادر أجنبية مدسوسة وهناك أرقام عن خسائر أو ضحايا ينشرها الإعلام المصرى دون الرجوع إلى مصادرها باختصار شديد هناك حالة من التخبط وغياب الرؤى فى كل ما ينشر عن الجيش المصرى والمطلوب الآن ان نعود إلى ثوابتنا القديمة فى الحرص على صورة هذه المؤسسة العريقة والرجوع إليها فى كل ما يخص شئونها وإلغاء حكاية مصدر رفض ذكر اسمه فى كل المجالات لأن من يرفض ذكر اسمه لا يستحق ان يكون مصدرا هل يستطيع اى إعلامى أو صحفى أو إنسان عادى ان يقتحم مؤسسة عسكرية أو منطقة من المناطق التى تتبع الجيوش فى اى مكان فى العالم ان أمريكا لم تنشر حتى الآن العدد الصحيح لقتلاها فى العراق منذ احتلالها..هناك تقاليد تحكم العلاقة بين الإعلام والجيوش لأن لكل منهما أسلوبا فى التعامل. http://[email protected] لمزيد من مقالات فاروق جويدة