دائما ما تشغل ذات الله البشر بحكم طبيعتهم وتكوينهم التى جبلوا عليها خصوصا من لم يؤمن برسالات الرسل ،والسؤال الذى يشغل بال الجميع ودائما مايوجه إلى الأنبياء والرسل هو : من هو الله وما ذاته وما صفاته،ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل تعداه إلى المطالبة برؤية الله عز وجل وذلك عندما طلب اليهود من سيدنا موسي رؤية ربه ((قالوا ياموسي أرنا الله جهرة...الخ). ويقينا لا يستطيع بشر أن يحيط بذات الله عز وجل فالمولى سبحانه وتعالى متفرد فى ذاته منزه عن الشبيه ((ليس كمثله شئ وهو السميع البصير)) فالله عظيم فى ذاته وفى صفاته متفرد الأزلية والصمدية فالله موجود قبل الزمان لأنه أوجد الزمان وهو سبحانه موجود قبل المكان لأنه اوجد المكان، وعندما كان يسأل كفار قريش رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه عن المولى عز وجل قائلين له صف لنا ربك فكان يقول صلى الله عليه وسلم ((قل هو ربي لا اله إلا هو عليه توكلت واليه أنيب))
الله هو الحقيقة الوحيدة في هذا الوجود تسبح له الأشجار وتجرى بمشيئته الأنهار (يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ) فكل من في الكون يسبح للمولى عز وجل من مخلوقات وجمادات ونباتات وجبال ودواب حتى الريح تسبح بحمد الله (والريح تجرى بأمره رخاء حيث أصاب ) وهذا ما هو إلا دليل دامغ على وجود الله عز وجل فهى حقيقة لاتقبل الشك ولا الجدل ومن ينكرها فهو كافر جاحد. وليس أدل على وجود الله عز وجل من شهادته هو نفسه حين يقول (شهد الله انه لا اله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط) وقوله تعالى (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) فتتجلي عظمة الخالق حين يرد بذاته على المشككين فى وجوده بثقة وعظمة لا تنبغي لسواه مؤكدا انه لا اله إلا هو لاشئ قبله ولا شئ بعده ولو كان هناك غيره ينازعه الملك والإلوهية لفسد الكون، وانهارت السماوات والأرض حيث قال (لذهب كل اله بما خلق). والتشكيك في الله يقول به الملاحدة واليهود حيث يقول سبحانه وتعالى (قل ائنكم لتشهدون ان مع الله آلهة أخرى قل إنما هو الله اله واحد وأنا برئ مما تشركون ) فما معنى التشكيك فى وجود اله واحد وتأكيد وجود آلهة متعددة تحكم هذا الكون وتسيطر عليه ويضرب مثلا ألم يخلق الإنسان ضعيفا فيعرف ربه بالقوة وعرف الإنسان ربه بالافتقار والعوز فعرف ربه بالغنى والإنسان جاهل يجهل كل شئ والله عليم بكل شئ، وهذا لو نظر الإنسان إلى نفسه لعرف ربه كيف يتنفس دون حول منه ولا قوة وكيف يبصر دون حول له ولا قوة ، كيف يهضم ما يأكل وهناك أمثلة كثيرة في ذاتنا لو سألنا أنفسنا عن نعم الله التى أنعمها علينا فى خلقه لعرفنا الله حتى قدره ومقداره ولما سألنا عن وجود الله، ولما طلب موسي رؤية الله فقال له المولى عز وجل (لن ترانى ولكن انظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف ترانى فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا). فرؤية المولى عز وجل اختصها الله لنفسه ولمن يرضى عنه من عباده من الأنبياء والرسل والبشر أجمعين يوم القيامة، ويجب ان ندعوه تعالى ان يمن علينا بنعمة النظر إلى وجهه الكريم يوم نلقاه راض عنا ونجتهد في العبادة ونبعد عن الضالين المضلين الذين يشككون في وجود الله، ويربطون بين الإيمان بالله ورؤيته سبحانه وتعالى وكلما تعمق الإنسان في الإيمان وفى النظر إلى الكون زاد الاعتبار وعلى قدر المجاهدة تكون المكاشفة، وحتى إذا ما وصل الإنسان إلى مرحلة العبودية الكاملة وانتهى اجله وهو على هذه الحالة الإيمانية رأى كل شئ أمامه حيث قال المولى عز وجل (فبصرك اليوم حديد) وتفتح له الأفق ويكشف له الغيب.
المولى عز وجل كان قبل اى شئ وسيكون بعد كل شئ فهو موجود وكان عرشه علي الماء وعندما شاء ان يخلق ليعرف خلق الكون والإنسان الذى هو أعظم مخلوقاته، فكان ان خلق ادم الذى اختزن فيه المولي عز وجل سر الكهنوت والملك لذلك ينبغى علينا ان نشهد لله بالوحدانية والوجودية قبل الخلق وبعده وحتى تقوم الساعة وصدق من قال (سنريهم آياتنا في الأفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق ). لمزيد من مقالات فهمي السيد