ممنوع الضرب.. قرار حاسم حول حظر استخدام العصا أو الخرطوم في المدارس ومحاسبة المسؤولين    تحركات مكثفة للأحزاب لتنظيم ملفات مرشحيها وتسليم خطابات الترشح    البابا تواضروس الثاني: المسيح هو الراعي الأمين الذي يقودنا إلى الطمأنينة والأبدية    نائب محافظ القاهرة يستقبل وفدًا كنسيًا من شبرا لبحث سبل التعاون وتعزيز التلاحم الوطني    البطريرك أفرام الثاني يشارك في مؤتمر بإربيل حول "سوريا: بحثًا عن الوحدة في ظلّ التشرذم"    سعر سبيكة الذهب اليوم الخميس 9-10-2025 بعد الارتفاع الكبير.. بكام سبيكة ال10 جرام؟    تراجع عدد طلبات الحصول على تمويل المساكن في أمريكا للأسبوع الثاني    روبيو يسلم ورقة لترامب يطلب فيها موافقته على منشور يتعلق باتفاق الشرق الأوسط    أول تعليق من نتنياهو بعد التوصل إلى اتفاق مع حماس بشأن غزة    فلسطين.. قوات الاحتلال تفجر مدرعات مفخخة في حي الصبرة جنوبي غزة    أ ف ب: واشنطن تحضر نص خطاب يفترض أن يدلي به ترامب لإعلان التوصل لاتفاق بشأن غزة    الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض طائرة مسيرة أطلقت من اليمن    شيخ الأزهر يؤدي واجب العزاء في وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم    أمطار غزيرة على هذه الأماكن.. بيان مهم من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    إصابة 3 أشخاص في تصادم تروسيكل بدراجتين ناريتين بالداخلة    ضبط 400 كيلو كبدة فاسدة في دمياط    مقتل شاب على يد شقيقه الأصغر بسبب خلاف على الميراث في الشرقية    انهيار محادثات الاتحاد الأوروبي بشأن الرقابة على الدردشة دون التوصل إلى اتفاق    وكيل صحة الفيوم تُتابع أداء المستشفيات في اجتماع إشرافي موسع| صور    أمين عام الأمم المتحدة يعرب عن حزنه الشديد بسبب الاحتجاجات الدامية في مدغشقر    حساب فيفا يحتفى بصعود الفراعنة للمونديال: مصر البهية تُطِل على كأس العالم    « احتفالًا بالتأهل للمونديال».. سعد سمير يطالب بفتح استاد القاهرة مجانًا في مباراة مصر أمام غينيا بيساو    نجوم الفن يحتفلون بتأهل مصر إلى كأس العالم.. يسرا ل اليوم السابع: بعد تأهل المنتخب وفوز العنانى الفرحة فرحتين.. نادية الجندي: يا رب كتر أفراحنا.. حمادة هلال: والله وعملوها الرجالة لسة عايشة ومتفائل للمنتخب    وزير الرياضة بعد تأهل مصر لكأس العالم: «سيكون هناك تكريم ل محمد صلاح ولاعبي الفراعنة»    الآن بعد الانخفاض الأخير.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025    رسميًا.. موعد صرف معاشات شهر نوفمبر 2025 بعد قرار التأمينات الاجتماعية (تفاصيل)    استجابة عاجلة من الجيزة لشكاوى الأهالى.. إزالة القمامة وخيم النباشين باللبينى    مصادر بالبترول تنفى زيادة أسعار البنزين والسولار صباح الخميس.. إنفوجراف    كُتبت فيها ساعة الصفر.. حكاية «كراسة حنان» التي احتوت على خطة حرب أكتوبر    أسماء الوفيات والمصابين في تصادم سيارة ملاكي وميكروباص بصحراوى الأقصر    الآن على موقع وزارة التعليم.. رابط التقييمات الأسبوعية 2025-2026 (PDF)    رسمياً.. مواصفات الورقة الامتحانية ل مادة العلوم المتكاملة شهر أكتوبر 2025 للثانوية العامة    «قلت له التليفون نور».. شاهيناز تكشف لأول مرة تفاصيل تجربتها مع محمد رمضان    سوء تفاهم قد يعكر الأجواء.. برج العقرب اليوم 9 أكتوبر    مصطفى قمر: مبروك لمصر رفعتوا راسنا يا رجالة مستنيين بقى تشرفونا فى كأس العالم    زواج وعلاقات.. كيف يتعامل برج الحمل مع نظيره؟    ختام مبهر لأسبوع الموضة فى باريس بمشاركة واسعة من عشاق الأناقة حول العالم    محادثات دبلوماسية بين أرمينيا وطاجيكستان بشأن تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين    منها منتجات الألبان.. 6 أطعمة ممنوعة لمرضى جرثومة المعدة (تفاقم الألم)    أسهل طريقة لعمل البليلة في ساعة.. شرط النقع    السيسي يُعبّر عن خوفه من الثورة والتغيير .. وناشطون: فات الأوان يا عميل    رشوة_جنسية مقابل اراضي المصريين .. هل تحولت مصر لعزبة لجنرالات الجيش المتقاعس عن حماية أمنها القومي؟!    انخفاض البتلو والضاني، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    تصفيات كأس العالم، زامبيا تفوز على تنزانيا بهدف نظيف    مدير حملة العناني ل بوابة أخبار اليوم: دعم الرئيس ساهم في الإنجاز التاريخي لمصر    استشاري نفسي: نسبة الطلاق بين الأزواج في مراحل متقدمة من العمر    إعلان أسماء الفائزين بمسابقة بيت المعمار لشباب المعماريين لإعادة تأهيل مراكز الإبداع    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يختتم تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    وزير الرياضة بعد التأهل لكأس العالم: محمد صلاح منتج مصري نفخر به    نقيب المحامين: الرئيس أعاد المادة 105 لزيادة ضمانات حقوق المواطن    مروان عطية: فخورون بالتأهل لكأس العالم ونسعى لتحقيق الإنجاز في إفريقيا    بعد إصابة منى فاروق.. تعرف على أسباب واعراض شلل المعدة    مواقيت الصلاة فى الشرقية اليوم الأربعاء 8102025    عضو «الشؤون الإسلامية»: أحمد عمر هاشم حج بيت الله لمدة 42 سنة متصلة وتوقف لهذا السبب    شهر رجب يتكرر للمرة الثانية فى عام واحد ب 2025    رئيس جامعة المنوفية يعلن بدء أعمال المجسات لإنشاء توسعات معهد الأورام    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العمل والمعنى والحياة
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 07 - 2015

يبدو الكسل ظاهرة اجتماعية ممتدة فى المجتمع المصرى طيلة أكثر من أربعة عقود ولايزال، وهو ما يتجلى فى الفكر الكسول، والسلوك الكسول، وأشكال متعددة من اللامبالاة بالزمن ومعناه واقتصادياته والتباساته وفوضاه! هل تحول الكسل إلى ثقافة؟
عديد الأسباب التى يمكن أن تفسر ظاهرة الكسل «الفردي» أو الجماعى داخل أجهزة الدولة عموماً، ولاسيما جهازها البيروقراطى المتضخم الذى يتسم بضعف الكفاءة، ومحدودية الإنجاز وغياب الاحترافية والمهنية فى أداء العمل والترهل الشائع!
بعض الكسل مرجعه يعود إلى نمط من الاتكالية والقدرية الذى يشيع بين بعض المصريين كقيمة سلبية ناتجة عن إدراك شائع لعلاقة بعضهم بالطبيعة والماورائيات ونسبة كل الظواهر الاجتماعية لها، ومن ثم عدم الإيمان بالإرادة الإنسانية وقدرتها على التغيير والبناء ومواجهة التحديات المختلفة التى تواجه «الفرد»، والجماعة، ورخاوة استجاباتهم الخلاقة لها. ثمة حالة من الاستلاب للإرادة «الفردية» والجماعية والإحساس باللاجدوى والوهن الشديد إزاء عالم يتغير بسرعة شديدة وكثافة غير مألوفة.
يبدو أن بعض المصريين ورث قيمة سلبية حول علاقتهم بالدولة التى تحولت لديهم إلى كائن شبه أسطورى تعقد عليه كل المطالب الاجتماعية والسياسية فى توفير العمل، والأكل والشرب، والأمن، والسكن... إلخ! الدولة فى هذا النمط الإدراكى لدى بعضهم أصبحت هى المسئول الأول عنهم، ومن ثم يعيد هذا الإدراك معنى الدولة البطريركية التى تلعب دور الأب الكبير ومسئولياته وفق ما سار طيلة مراحل تاريخية طويلة فى الثقافة البطريركية/ الأبوية. من هنا استبدل بعض المصريين مسئولية الدولة عن حياتهم بديلاً عن مفهوم المسئولية الفردية والجماعية عن أنفسهم. يعود هذا الفهم الشائع إلى أن الفرد كفاعل اجتماعى لم يولد تماماً فى الثقافة المصرية، ومن ثم غابت فكرة المسئولية الفردية المرتبطة بالفاعل الاجتماعى الحر الإرادة والمشيئة والقادر على اتخاذ قراراته حول حياته ومصيره، وقبول الثمن الاجتماعى لهذه الاختيارات.
إن الطبيعة المركزية/ النهرية التاريخية للدولة، وهرمية جهازها البيروقراطى الضخم أسهمت فى فرض هذا النمط من ثقافة اللامسئولية والتهرب من مسئولية اتخاذ القرار.
صحيح أن ثمة نمواً فى عمليات الفردنة وميلاد الفرد عموماً من خلال استخدام تقنيات الثورة الرقمية فى عديد مستوياتها ولغتها ووسائطها، مع التحول إلى المشروع الرأسمالي، إلا أن بعضا من تراكمات الثقافة البطريركية والأبوية التقليدية والمحدثة لا تزال آثارها فاعلة لدى بعض الشرائح الاجتماعية المعسورة من المصريين، بل بعض الميسورين لأنها نتاج لمؤسسات التنشئة الاجتماعية، وكذلك لمواريث ظاهرة موت السياسة، وهيمنة الثقافة التسلطية السياسية والدينية.
إن ضعف ثقافة العمل أسهمت فى ظاهرة الكسل الجماعى والفردى والاتكالية والترهل، لتضخم الجهاز البيروقراطى غير الكفء أكثر من سبعة ملايين موظف غالبهم غير ملائم تعاملوا مع العمل والأجر وكأنه إعانة اجتماعية من الدولة لهم، وليس مقابل أداء العمل اليومى كماً ونوعاً. يعود ذلك إلى ضعف التكوين الاحترافى للموظفين العموميين فى غالبيتهم الساحقة، وبعضه الآخر لشيوع ظواهر الرشوة والاختلاس للمال العام، والفساد الإدارى فى جميع أشكاله دونما ردع ومحاسبة وإعمال صارم لأحكام القانون.
من هنا شاع الانفصال بين العمل والأجر واعتبر الأخير بمنزلة إعانة أو إعالة من الدولة للعمال والموظفين!
مفهوم العمل فى بعض مكونات الثقافة المصرية لا يزال منفصلاً عن المعنى على نحو ما تعرفه المجتمعات الأكثر تطوراً فى عالمنا، أو حتى فى البلدان الآسيوية الناهضة حيث العمل قيمة محورية فى الحياة، ويضفى عليها معنى، ومن ثم كانت ثقافة محبة العمل فى الأنظمة والثقافات الدينية الآسيوية أحد محفزات ومحركات نهضة آسيا وصعودها الاقتصادى البارز على خريطة الاقتصاد العولمي، من الصين واليابان إلى سنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية ... إلخ.
الاتكالية وثقافة الخضوع والإزعان شكلت ولا تزال كوابح لظهور معنى وقيمة العمل فى الحياة للفرد والجماعة فى حياة المصريين، حتى مع التحول إلى الرأسمالية لا يزال مفهوم الأجر كإعانة من الدولة للموظف والعامل شائعاً لأن النظام الاجتماعى لم يضف على العمل فى ذاته قيمة ومعنى لحياة الفرد والجماعة معاً لدى بعض المصريين.
أحد المحركات الاجتماعية لتطور الدول والمجتمعات الرأسمالية الغربية، يعود إلى تفسيرات ماكس فيبر عن الأخلاق البروتستانتية والرأسمالية، حيث يذهب دينس كوش إلى أن «تستتبع أخلاقية الرأسمالية ايتقيا (أخلاقية) للضمير المهنى وتثميناً للعمل بوصفة نشاطاً غايته فيه هو ذاته. لم يعد العمل مجرد وسيلة نحصل، عبرها، على الموارد الضرورية لنحيا. إنه يكسب الحياة معنى. عبر العمل الذى أصبح »حراً« بفضل نشوء العمل المأجور، يحقق الإنسان الحديث ذاته، بوصفه شخصاً حراً ومسئولاً».
ساعدت الحركة البروتستانتية والكاليفنية على إبراز هذه القيمة ودعمها، وفى إنماء قيمة التقشف والزهد، على نحو أسهم فى دعم قيمة الادخار والتراكم على نحو ساعد على تطور الرأسمالية من هنا تبدو العروة الوثقى بين تحرير النسق الدينى التأويلى السائد مصرياً إسلامياً ومسيحياً أرثوذكسيا - من النزعة الجبرية التى تشل الإرادة الإنسانية الفردية والجماعية -، والتى تكرس قيم الخضوع السياسى والاجتماعى التى تكرس لثقافة الاتكالية والخنوع والكسل والترهل.
من هنا تبدو ثمة ضرورة حياتية ودينية لتجديد الفكر الدينى المصرى وتحريره من بعض المقولات التفسيرية السلبية، ومن ثم إعادة الاعتبار فى الخطاب الدينى إلى مفاهيم الحرية والإرادة الحرة والمسئولية الفردية، وإلى العمل كقيمة فى ذاته تضفى على الإنسان وحياته ومصيره معنى. أن هذه القيم والمفاهيم تحتاج إلى تأصيل فى الفكر الدينى المصري، لأنها لا تتناقض مع جوهر الإيمان المصرى الإسلامى والمسيحي.
لمزيد من مقالات نبيل عبدالفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.