ولدت السيدة نفسية بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن على بن أبى طالب فى مكة 11 ربيع الأول عام 145ه. وانتقل بها أبوها إلى المدينةالمنورة وهى فى الخامسة، فكانت تذهب إلى المسجد النبوي، وتستمع إلى شيوخه. وتتلقى الحديث والفقه حتى لقبها الناس وقتها«نفيسة العلم» قبل ان تصل إلى سن الزواج.. تقدم الكثيرون للزواج منها إلى أن قبل والدها بتزويجها بإسحاق المؤتمن بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب، فأنجبت له القاسم، وأم كلثوم، وفى سنة 193 ه رحلت مع أسرتها إلى مصر، وحين علم أهل مصر وقتها «بقدومهم» خرجوا لاستقبالهم فى العريش، واقبلوا عليها يلتمسون منها العلم حتى كادوا يشغلونها عما اعتادت عليه من عبادات، فخرجت إليهم قائلة: كنت قد اعتزمت المقام عندكم، غير إنى امرأة ضعيفة، وقد تكاثر الناس فشغلونى عن «أورادي» وجمع زاد معادي، وقد زاد حنينى إلى روضة جدى المصطفى صلى الله عليه وسلم، حتى تدخل والى مصر وقتها «السرى بن الحاكم» وقال لها ياابنة رسول الله إنى كفيل بإزالة ماتشكين منه، فوهبها دارا واسعة، وحدد يومين فى الأسبوع ليزورها الناس طلبا للعلم لتتفرغ لعبادتها، فرضيت وبقيت فى مصر، ولما وفد الإمام الشافعى إلى مصر عام 198 ه توثقت صلته بنفيسة بنت الحسن، واعتاد أن يزورها وهو فى طريقه إلى حلقات الدرس فى مسجد الفسطاط، وكان يصلى بها التروايح فى مسجدها، وكلما ذهب إليها سألها الدعاء، وأوصى أن تصلى عليه فى جنازته، وبالفعل مرت الجنازة بدارها حين وفاته عام 204 ه وصلت عليه انفاذ للوصية. عرف عن السيدة نفيسة زهدها وحسن عبادتها، فيروى أنها كانت بالمدينة تمضى أكثر وقتها فى المسجد النبوى تتعبد، وكما روت زينب ابنة اخيها يحيى المتوج قائلة: خدمت عمتى نفيسة أربعين عاما فما رأيتها نامت بليل، ولا افطرت إلا العيدين وأيام التشريق فقلت لها ياعمتى أما ترفقين بنفسك؟ قالت: كيف ارفق بنفسى وأمامى عقبات لايقطعهن إلا الفائزون، وقالت أيضا كانت عمتى تحفظ القرآن وتفسره، وتبكى طالما تقرأ.. وذكرت الروايات أنها حفرت قبرها الذى دفنت فيه فى مسجدها بالقاهرة وبيديها، وكانت تنزل فيه وتصلي، وقرأت فيه المصحف مائة وتسعين مرة، كما كزروا أنها حجت أكثر من ثلاثين حجة أكثرها« ماشية» كما كانت شديدة فى الحق لاتهاب الأمراء فقد ذكر المؤرخ أحمد بن يوسف القرمانى فى تاريخه أن الناس استغاثوا بنفيسة بنت الحسن من ظلم أحمد بن طولون فكتبت له رسالة، وانتظرت حتى مرور موكبه فخرجت إليه، فلما رأها نزل عن فرسه فاعطته الرسالة وكان فيها «ملكتم فأسرتم»، وقدرتم فقهرتهم، خولتم ففسقتم، وردت إليكم الأرزاق فقطعتم، هذا وقد علمتم أن سهام الاسحار نفاده غير مخطئة، ولاسيما من قلوب أوجعتموها، واكباد جو عتموها وأجساد عريتموها، فمحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون» فخشع بن طولون بعدها وعدل بين الناس.. أما شمس الدين الذهبى فيقول عنها: أن جارة لها يهودية تركت ابنتها المشلولة عندها لما أرادت ان تذهب إلى الحمام، وكانت السيدة نفسية تتوضأ فجرى ماء وضوئها إلى البنت فأخذت منه شيئا بيدها، ومسحت به على رجليها فوقفت وشفيت من الشلل، فأسلمت البنت وأمها وزوجها وجملة من جيران اليهودية، كما ذكر فى كتابه سير النبلاء أن النيل لم يقض فى عام فشكا لها الناس، فاعطتهم قناعها، وقالت لهم القوة فى النيل، ففاض وأن امرأة ذمية اسر ابنها فأتت إلى السيدة نفيسة وسألتها الدعاء ليرد الله ابنها، فلما كان الليل رجع ابنها فسألته امه عن خبره فقال: يا اماه لم اشعر إلا ويد قد وقعت على القيد الذى كان فى رجلى وقائل يقول: اطلقوه قد شفعت فيه نفيسة بنت الحسن، وماشعرت يا اماه بنفسى إلا وأنا واقف بباب هذه الدار، فأسلمت المرأة وابنها.. هكذا كانت بركات سير أولياء الله وكرماتهم التى مازالت تحكى حتى الآن من مريدى السيدة نفيسة عند ضريحها.. ولك ان تتخيل حجم الأعداد التى تتردد يوميا على مقامها ومسجدها بالقاهرة لينالوا بركة الزيارة.. ومع ذلك هناك أشياء تخرج عن الدين والمألوف فى مسألة التبرك بنفيسة العلم بعيدة كل البعد عن الدين ولا ترضى الله ولا الأولياء،، رحم الله بنت الحسن واسكنها جناته بجوارها.