من المؤكد أن الهجوم الذى شنه الإرهابيون أمس على أهداف متعددة فى شمال سيناء خاصة بمدينتى رفح والشيخ زويد يعبر عن يأس شديد دفع هؤلاء الإرهابيين للانتحار لأن المعركة التى فجروها محسومة سلفا للجيش المصرى وكان الهدف الرئيسى منها هو الإيحاء بأنهم أقوياء وقادرون على البقاء فى الوقت الذى يتعرضون فيه للتصفية يوميا من خلال استهداف عناصرهم وقتل العديد منهم. وأهم مافى هذه العملية هو أنها وبالتأكيد العملية الفاصلة فى تاريخ الإرهاب فى سيناء لأن التكفيريين شاركوا فيها عن بكرة أبيهم مما أعطى الجيش المصرى الفرصة لملاحقة السيارات التى يتحركون بها وتدميرها، وكذلك تحديد الأماكن التى خرجوا منها للتعامل مع من تبقى منهم وتصفيتهم للأبد. ولعل السبب الرئيسى لقيام التكفيريين بهذه العملية وفى هذا التوقيت أن طائرات الأباتشى قامت على مدى الأسابيع الماضية وخاصة على مدى شهر رمضان الحالى من التحليق ليلا مستخدمة أجهزة الرؤية الليلة، وقامت برصد وتصوير الكثير من أماكن تجمع الإرهابيين واستهدفتهم وقد استطاعت الحملة توجيه ضربات موجعة للعناصر التكفيرية وأوقعت بهم خسائر فادحة فقرر المتبقون منهم الخروج من جحورهم لخوض معركتهم الأخيرة مما يعجل بنهايتهم خاصة بعد انكشافهم . ولتفسير سبب مشاركة هذا العدد الكبير نسبيا من الإرهابيين فى هذه الغزوة الفاشلة يجب أن نعلم أن معظم عناصر الجماعات التكفيرية، انتقلوا من منطقة جبل الحلال بوسط سيناء، إلى قرى المدن الحدودية الساحلية باتجاه الجنوب، وتحديدا قرى جنوب الشيخ زويد ورفح وخاصة قرى التومة، والظهير، والجورة، والزوارعة، والفتات، وجريعة، والمقضبة، التابعة لمدينة الشيخ زويد، إلى جانب قرى جنوب رفح وخاصة المقاطعة والطايرة والمهدية. وتعد هذه القرى مناطق إستراتيجية بالنسبة لتلك الجماعات لكونها تقع بمنتصف المسافة بين مدينة العريش ومدينتى الشيخ زويد ورفح وأيضا مطار العريش، حيث استطاعت تلك العناصر من ممارسة عملياتها وهجماتها المسلحة انطلاقا من تلك القرى المحصنة بالسكان والمزارع مستعينة بأعداد هائلة من سيارات الدفع الرباعي، التى تمكنهم من الوصول إلى أهدافهم والعودة للمناطق التى انطلقوا منها بسرعة شديدة وبعيداعن عيون قوات الأمن الغائبة تماما عن تلك المنطقة خاصة بعد ثورة 25 يناير وما صاحبها من فوضى عارمة وأخيرا فقط استطاع انشاء عدد من الأكمنة الثابتة داخل تلك المناطق. وتقع الشيخ زويد فى الركن الشرقى لمحافظة شمال سيناء المصرية، وبخاصة فى مربّع منطقة الشيخ زويّد الممتدّة ما بين مدينتى رفح شرقا حتى العريش غربًا وصولاً إلى جبل الحلال جنوبًا، وفى النطاق ذاته عمقًاوهى المنطقة التى شهدت على مدى السنوات القليلة الماضية نشاطا كبيرا لنشر الفكر التكفيرى من خلال تكفيريين جاءوا من قطاع غزة ومحافظات مصرية أخرى تحت اسم المساعدة فى توجيه الشباب لمواجهة الاحتلال الإسرائيلى للمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مثل ممتاز دغمش قائد مايسمى بتنظيم جيش الإسلام الفلسطينى المدعوم من حماس. وقد كان بإمكان الجيش المصرى القضاء على الإرهاب فى شمال سيناء سريعا ولكن عملياته هناك تجرى «بمشرط الجراح» تجنبا لوقوع أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين الذين يختفى الإرهابيون وسطهم حيث إن عناصر الإرهاب يعيشون بين المدنيين فيما يمكن اعتباره خلايا نائمة مستفيدين من التعليمات الواضحة للقيادة السياسية وهى تجنب إصابة المدنيين نظرا لأن أبناء القبائل يتعاونون مع القوات على الرغم من التهديدات المتواصلة التى يتعرضون لها من عناصر الإرهاب، والتى يصل بعضها إلى حد إعدام من يشكون انه يتعاون مع الشرطة والجيش.