العام الماضى، وبالتحديد فى 29 يوليو كتبت فى جريدة الاهرام الغراء مقالا بعنوان «توشكى مشروع واعد» وجاء المقال بناء على دراسة استمرت اربعة اسابيع بناء على تكليف واضح من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى. أشرت فى المقال إلى أنه من المهم ان نتجنب العثرات التى وقعت فى الماضى اذا أردنا لتوشكى النجاح، وذلك من خلال تطبيق عدد من المعايير اللازمة لنجاح أي مشروع، تتضمن العمل بشكل متكامل. وإعادة النظر لتوشكى كمشروع تنموى مجتمعى وليس كمشروع رى او زراعة فقط. وأشرت الى معوقات عطلت انطلاق المشروع مثل غياب وسائل الاتصال خلال مساحة المشروع الشاسعة بالاضافة الى عدم وجود مقار سكنية دائمة للعاملين او المستثمرين . بعد كتابة المقال والعرض على السيد رئيس الجمهورية قرر المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء وبصحبته مجموعة من الوزراء المعنيين زيارة المشروع فى رمضان الماضى للتعرف على مشكلاته عن قرب. وكان القرار بعد الزيارة هو البدء الفورى فى استكمال اعمال المشروع الذى انفقت عليه استثمارات بلغت 6.4 مليارجنيه بأسعار عام 2002، وحوالى 14 مليار جنيه بأسعار اليوم، كادت تنطمر تحت رمال توشكى بدون استفادة منها. واليوم وبعد مرور عام كامل على الزيارة الاولى لرئيس مجلس الوزراء، تتم الزيارة الثانية التى تأتى المصادفة السعيدة لها فى هذا الشهر الفضيل، لتفقد ما تم من اعمال خلال عام. نجحنا فى اعادة الحياة ل 52 بئرا جوفية تم حفرها منذ سنوات طويلة ولم يتم تشغيلها وتعرضت بعض مهماتها للتلف والسرقة جراء الإهمال وعدم التشغيل، وأصبحت جاهزة لري 5 آلاف فدان. كما تم اسناد حفر 50 بئرا اخرى الى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتكلفة 25 مليون جنيه، تم الانتهاء من 48 بئرا منها والباقى سينتهى بالكامل نهاية شهر رمضان، والجديد فى هذه الآبار انه سيتم تزويدها بتكنولوجيا حديثة تسمح بمراقبة عمليات سحب المياه ومناسيبها عن طريق غرفة تحكم مركزية ترسل بياناتها الى المسئولين عن المراقبة عن طريق اجهزة التليفون المحمول. كما سيتم تشغيل تلك الآبار عن طريق تكنولوجيا الطاقة الشمسية، مما سيحقق اكثر من هدف، أولا عدم إضافة أحمال على شبكة الكهرباء المثقلة بمتطلبات عديدة داخليا، وثانيا ترشيد سحب المياه من خلال التشغيل المرتبط بساعات النهار فقط. وبذلك يصبح لدينا - ولأول مرة - 50 بئرا جوفية سيتم تشغيلها بالطاقة الشمسية بتكلفة اجمالية قدرها 85 مليون جنيه وجاهزة لاستصلاح مساحة 5 آلاف فدان. خلال هذا العام نجح المشروع فى تنفيذ 55% من أعمال شبكات الرى متضمنة قناطر حجز وهدارات وقناطر أفمام لمساحة 17 الف فدان بتكلفة قدرها 150 مليون جنيه، وسيتم تسلم تلك الاعمال قبل نهاية العام الحالى ليتم تخصيصها كلها للشباب ،كما كانت هناك عقود أعمال قيمتها تقارب ال 66 مليون جنيه وتأخرت سنوات عن مواعيد الإنهاء المقررة لها، ومن العجيب أن أحد العقود بلغت مدة تأخيره حوالى خمسة عشر عاما، أي أضعاف المدة المقررة للتنفيذ، وهذه خسارة محققة لشركات المقاولات وهى ايضا خسارة كبيرة للدولة لتعطل الاستفادة من الاعمال المتأخرة. لذلك تم تذليل العقبات امام شركات المقاولات العاملة بالمشروع (ست شركات) من خلال حصر جميع الاعمال المتبقية والاتفاق معها على استكمال تلك الأعمال لتحقيق الاستفادة مما تم تنفيذه وذلك طبقاً لبرنامج زمنى محدد تم اعتماده من الشركات المنفذة والوزارة، مع طرح أعمال اضافية لاستكمال ما تم تنفيذه وهى كلها أعمال تصل قيمتها الى 186 مليون جنيه أي لا تمثل أكثر من 3% من حجم الاستثمارات التى تم انفاقها بالفعل. وقد نجحت الجهود لدفع تلك الشركات لإنهاء اعمالها مع احراز تقدم كبير لبعضها، والبعض الآخر تم سحب العمل منه لعدم الجدية، وجار إنهاء العمل فى تسعة عقود من المقرر ان تنتهى فى ديسمبر القادم لنستقبل عام 2016 وقد انتهت بشكل تام ، وبنسبة 100%، البنية الأساسية لمشروع توشكى. خلال عام واحد تم وضع حجر أساس مدينة توشكى الجديدة ويجرى العمل فى انشاء الف وحدة سكنية من خلال وزارة الاسكان والمرافق، وطبقا لمعدلات التنفيذ الحالية فسيتم إنهاء المدينة قبل نهاية العام الحالى لتكون جاهزة لاستقبال سكان توشكى. كما قامت وزارة الموارد المائية والرى بإنهاء عملية انشاء قريتين سكنيتين تتسعان ل100 وحدة سكنية للعاملين بالمشروع بمختلف تخصصاتهم مهندسين واداريين وفنيين وعمالا وسيتم افتتاحهما هذا العام. وتقوم حاليا هيئة الطرق والكباري بعملية إعادة تأهيل ورصف لطريق أسوان أبوسمبل بطول 220 كيلومتراً. كل الانشطة السابقة كان لها دور ملموس فى دفع العمل فى عمليات استصلاح واستزراع اراضى توشكا عن طريق شركات الاستصلاح التى تعمل بالمنطقة، فهناك مساحة يجرى استصلاحها خلال هذا العام قدرها 45 الف فدان تمهيدا لزراعتها، وهى تزيد على اجمالى المساحة التى تم استصلاحها واستزراعها بالمشروع منذ بدايته فى عام 1997 وحتى عام 2014. وبذلك يبلغ اجمالى المساحة التى سيضيفها المشروع للرقعة الزراعية المصرية 152 الف فدان، وهى مدرجة كلها ضمن مشروع المليون فدان الذى يرعى استصلاحه واستزراعه السيد الرئيس ضمن برنامجه الانتخابى. إن بوادر الخير تهب علينا من توشكى، المشروع الواعد، ليسعد المصريون بجهود سنوات طويلة انتظروا فيها ثمار التنمية وآن لهم أن ينالوا ما يستحقونه . حفظ الله مصر وشعبها ونيلها من كل سوء .. لمزيد من مقالات د.حسام مغازى