أودع المولى عز وجل فى هذا الكون الفسيح الكثير والكثير من عجائب خلقه ومظاهر قدرته ليهتدى بها أصحاب العقول الرشيدة إلى عظيم قدرته عز وجل ويستنير بها أصحاب القلوب العامرة بحب الله ورسوله الذين يسبحون ربهم أطراف النهار وزلفا من الليل ..موقنين بأرزاقهم متوكلين على ربهم كلهم نفع ومنافع لمن حولهم ..ويسعدون برضا ربهم عنهم فى الدنيا بسعة أرزاقهم وفى الآخرة بمغفرة ذنوبهم ودخولهم فى رحمته. والناس يتفاوتون فيما بينهم بقدر تفاوتهم فى محبة الله ورسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه والتفاوت بينهم يكون فى الأرزاق والأعمار والأولاد والرضا والإيمان وغير ذلك قال تعالى (ورفع بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون )..(وفضلنا بعضهم على بعض فى الرزق)..الخ من الآيات التى تتناول تفضيل العباد على بعضهم البعض وكذلك تفضيل الأنبياء والرسل بعضهم على بعض كل حسب درجته الإيمانية وعلو قدره عند الله عز وجل.. والتفضيل هنا مرجعه إلى الأفضلية فى الإيمان والتقوى واليقين بالله قال تعالى (ان أكرمكم عند الله اتقاكم ) ..(والذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم ) فالتفضيل ليس فى المال والأرزاق والأولاد فقط بل التفضيل الشامل والابقى هو التفضيل في الهدى والإيمان ودرجات العبد المؤمن (وما منا إلا له مقام معلوم ) "ولكل درجات مما عملوا".. والتفضيل ليس مقصورا على العباد بل هو كذلك فى جميع مخلوقات الله والمثل موجود بالنخيل والأشجار يقول تعالى (ويسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض فى الأكل ) والتاريخ يروي قصة حنين الجذع الذى كان يتخذ منه رسولنا الكريم منبرا يخطب من فوقه فى المسلمين، حيث بكى الجذع حنينا لرسول الله وشوقا إليه عندما شعر انه سيفتقد النبى فبكى حبا حتى سمعه جميع من فى المسجد وبكوا معه حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهنا وضع الرسول الكريم يديه على الجذع يربض عليه وليهدئ من روعه ويطمئنه، وأمر بأن يدفن أسفل منبره ليظل فى معية الرسول وروضته الشريفة إلى حين قيام الساعة ليظل مكرما حتى نهاية الكون على سائر الجذوع والأشجار وذلك بفضل حبه لرسول الله صلى عليه وسلم . ويرتبط حال البشر ودرجات تفاوتهم الإيمانية وتفاوتهم الدنيوى بحال الأشجار والنخيل وتفاوتها بقدر رسوخ كل منها ودرجة تسبيحه وإيمانه (وان كل إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم )..فحال المؤمن النافع الراسخ في إيمانه رسوخ النخلة فى الأرض والعلو والارتفاع إلى عنان السماء، كحال النخل الباسقات قال تعالى (والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد ).. (تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ). فالنخلة والمؤمن صنوان وهما وجهان لعملة واحدة قوامها الإيمان بالله فالمؤمن كله نفع لنفسه ولمن حوله وهو فى حالته الإيمانية يشبه النخلة التى لا يسقط ورقها ويشبهها فى حلاوتها وقوامه وثباته وصيامه قال تعالى (والأرض وضعها للأنام فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام ) اى ذات العطاء الدائم الذى لاينتهى كالمؤمن صاحب العطاء الدائم الذى لاينبض أبدا. (فسبحان الذى خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض) فهو صاحب الفضل وصاحب الجود والكرم ونعم السباق نحو الطاعة بين مخلوقات الله سبحانه وتعالي ونعم السباق بين النخل والأشجار وكذلك النباتات وبين الإنسان وهو المكلف بالعبادة...الخ من مخلوقات الله من طير وجماد وحيوان فالكل في حالة عبادة وتسبيح للمولي عز وجل فهيا بنا ونحن في شهر القران والذكر والقيام والصيام نتسابق إلي رضا الله لعلنا ننال رضوانه ومغفرته قبل رحيل موسم الطاعات. لمزيد من مقالات فهمي السيد