بعد أن اختلط الحابل بالنابل في انتخابات الرئاسة, واصبحنا أمام تصنيفات دينية للمرشحين, يصبح من المهم العودة إلي الأسس الشرعية لاختيار القيادات في الاسلام لتوضيح الموقف الصحيح مما يجري الآن. حتي لا يستغل بعض المتحدثين باسم الدين الأمر في غير موضعه لأسباب سياسية. وباختصار شديد نظرا لضيق المساحة فإن هناك مبدأ إسلاميا مهما بهذا الصدد هو استخدام القوي الأمين, والقوة هنا لا تعني القوة الجسدية حسبما فهم بعض أنصار أحد المرشحين الذين يرفعون هذا الشعار, ولكنها تعني التمكن من المقومات اللازمة لشغل المنصب. ويقول ابن تيمية في كتابه السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية: ينبغي أن نعرف الأصلح في كل منصب, فإن الولاية لها ركنان: القوة والأمانة كما قال تعالي: إن خير من استأجرت القوي الأمين, والقوة في كل ولاية بحسبها فالقوة في إمارة الحرب ترجع إلي شجاعة القلب وإلي الخبرة بالحروب, والقوة في الحكم بين الناس ترجع إلي العلم بالعدل, وإلي القدرة علي تنفيذ الأحكام,والأمانة ترجع إلي خشية الله, وألا يشتري بآياته ثمنا قليلا, وترك خشية الناس. كما أن الاسلام يعطي الأولوية للرجل القوي بعلمه وقدرته حتي لو لم يكن من أهل الصلاح دينيا, فقد سئل الإمام أحمد عن الرجلين يكونان أميرين في الغزو, وأحدهما قوي فاجر, والآخر صالح ضعيف مع أيهما يغزي؟ فقال: أما الفاجر القوي فقوته للمسلمين, وفجوره علي نفسه, وأما الصالح الضعيف فصلاحه لنفسه وضعفه علي المسلمين, فيغزي مع القوي الفاجر. وترجمة هذه الأسس علي الوضع الحالي تعني أن الاسلام يؤيد المرشح الرئاسي الذي يمتلك الخبرة اللازمة في إدارة شئون الدولة داخليا وخارجيا ليصبح قادرا علي حكم مصر, حتي لو لم يكن ملتزم دينيا. فما بالكم لو كان هناك مرشحون لديهم هذه القدرة والالتزام الديني أيضا, ثم يحاربهم بعض المتحدثين باسم الاسلام لأسباب حزبية, ألا يعد ذلك صورة من صور خيانة الأمانة في الاسلام. المزيد من أعمدة فتحي محمود