«نجد صعوبة فى فهم أو تصور الدوافع التى تجعل حليفا يتجسس على حلفاء يتخذون فى الغالب نفس المواقف الاستراتيجية فى الشئون العالمية»، بهذه الكلمات الصريحة الواضحة التى تحمل مرارة عميقة، علقت «ستيفان لى فول» المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية على التقارير التى كشفت أمس، عن أن الولاياتالمتحدة تجسست على فرنسا، وأن وكالة الأمن القومى الأمريكى تنصت على اتصالات آخر ثلاثة رؤساء فرنسيين من بينهم الرئيس الحالى فرانسوا أولاند! وقد أثار الأمر غضبا عارما فى فرنسا على المستويين الرسمى والشعبي، حيث عقد الرئيس الفرنسى اجتماعا عاجلا لمجلس الأمن القومى شارك فيه قيادة الجيش والمخابرات والوزراء، ووصف التجسس الأمريكى على فرنسا بأنه غير مقبول، واستدعت الخارجية الفرنسية السفيرة الأمريكية فى باريس «جاين هارتلي» لتحذرها من أن فرنسا لن تتهاون مع الأعمال التى تهدد أمنها. غير أن تجسس أمريكا على فرنسا ليس إلا آخر الفصول الباردة لواشنطن وتسببت فى أزمة فى العلاقات، وبالأمس القريب كانت أزمة مشابهة مع حليف أوروبى آخر، هو ألمانيا، بعد الكشف عن أن وكالة الأمن القومى الأمريكى تجسست على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وتنصتت على تيلفونها المحمول! وقبلها كشفت تقارير عن أن واشنطن تجسست على الرئيس الإندونيسى ورئيس الوزراء الماليزي، بل وطلبت من استراليا التجسس عليهما لحسابها! ولم يستثن التجسس الأمريكى الحلفاء أو الأصدقاء، سواء فى أوروبا أو الشرق الأوسط أو إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وقد تسببت أزمات مشابهة لتوتر العلاقات بين واشنطنوالبرازيل والمكسيك وهما أيضا دولتان حليفتان وصديقتان لأمريكا، لأن المخابرات الأمريكية تجسست عليهما وهو الأمر الذى دفع رئيسة البرازيل ديلما روسيف إلى أن تنتقد الأمر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر 2013، موجهة انتقادات لاذعة لواشنطن التى تجسست عليها شخصيا! ومن المؤكد أن واشنطن تتجسس على كل الدول العربية وعلى رؤسائها منذ أزمان طويلة! فكيف يثق المجتمع الدولى فى الولاياتالمتحدة ودورها بعد ذلك؟ لمزيد من مقالات رأى الاهرام