كنت أسير كعادتى حاملا كيس اللب الأبيض المملح الساخن وإقتحمت عقلى عاصفة من الأفكار المزعجة حول الإقتصاد الوطنى والحالة التى وصل اليها والضغط المتوقع الذى سيتعرض له فى المستقبل مع عودة دوامة القروض الخارجية الى الحياة. ولكن وقفت ذاكرتى أمام عاصفة الأفكار المتشائمة وتصدت لها.فقد تذكرت مافعله الهنود عندما قرروا التخلص من الإستعمار البريطانى حيث بدأوا كفاحهم بمقاطعة المصنوعات البريطانية.وبدأ المهاتما غاندى طريق الإستقلال بمسيرة الملح التى حشد فيها الهنود وقطع مسافة 380كيلومتر سيرا على الأقدام لإستخراج الملح من البحر كنواة للصناعة الوطنية بدلا من استيراده من بريطانيا.وتحقق لغاندى ما أراد فقد إستقلت الهند بل وأصبحت واحدة من أبرز الدول ذات الإقتصاديات الواعدة فى العالم. وفجأة وجدت نفسى أقف أمام خيمة من الخيام الكبيرة التى تم نصبها فى أرض المعارض بمدينة نصر لإستضافة فعاليات معرض القاهرة الدولى (المعرض الصناعى). قادتنى قدماى الى داخل الخيمة فإذا بى أجد نفسى أمام لافتة كبيرة مكتوب عليها بخط واضح مصباح الملح السحرى"!" بالتأكيد لم يكن لهذا المصباح علاقة بمصباح علاء الدين السحرى ولكنى وجدت أن لمصباح الملح السحرى القدرة على تحقيق بعض الآمال فى وقت "أضرب"فيه الأمل ذاته. فبعد لحظات وجدت نفسى أقف أمام موظف مهذب ليحدثنى عن هذا المصباح الملحى السحرى الذى أنتجته شركة المكس للملاحات بوادى القمر بالأسكندرية. فمن مناجم الجبال يتم إستخراج بلورات الملح الصخرى والتى تتميز بالنقاء الشديد.ويتم الحصول على تلك البلورت بأسلوب النحت المباشر قبل أن يتم تشكيلها بواسطة النحت لتتخذ شكل الأهرامات أو الفازات أو أصداف اللؤلؤ و الكرة المسحورة ..الخ وبعدها يتم تثبيت المصباح الكهربائى (لمبة) بداخل الشكل وعندما يضاء يتحول الشكل الى قطعة فاخرة من الديكور الذى يبهر العين نظرا لأن خروج الضوء من قلب البلورات الملونة ينشر فى المكان ضوء سحرى خلاب. وكانت المفاجأة أن المصباح ليس للديكور فقط وإنما له أغراض صحية فانبعاث الحرارة من قلب البلورة الملحية يزيد من عدد الأيونات السالبة فى الهواء بمقدار 3 أمثال ما كانت عليه فى الحالة الطبيعية وهو ما يؤدى الى توليد الشعور بالطاقة والحيوية وزيادة التركيز والطاقة الذهنية لدى أى شخص يقف فى محيط البلورة. كما يؤدى توليد الأيونات السالبة الى تنقية الهواء من الغبار والبكتريا وتقليل أضرار التعرض للمجال المغناطيسى والموجات الكهرومغناطيسية الناتجة عن تعرض الجسم البشرى لأجهزة مثل الكمبيوتر والتليفزيون.كما يساعد التعرض لضوء المصباح على الشفاء من أمراض مثل الربو والحساسية والتهاب المفاصل وآلام العصب والروماتيزم وإرتفاع ضغط الدم بل والتهاب الجيوب الأنفية. وعلمت أن لكل لون من الوان مصابيح الملح الصخرى فائدة ما. فالبلور الملحى البرتقالى اللون ينشط الكلى والمثانة وهو مفيد للعقل والجهاز العصبى, واللون الأصفر يساعد على الفهم وينشط البنكرياس والكبد والمرارة, واللون الأحمر يعطى إحساس بالحيوية وينشط القلب والدورة الدموية, واللون الوردى ينشط الجسم والمشاعر العاطفية, أما اللون الأبيض فيعمل على التطهير وإزالة السموم من الجسم بينما يساعد اللون البنى على إعادة التوازن للجسم والروح. وقد تعجبت كثيرا من وجود هذا المنتج فى مصر دون أن ينتشر على نطاق واسع بل ودون أن نسمع عن تواجد مصرى قوى فى أسواق مصابيح الديكور فى انحاء العالم! إن السر يكمن فى التسويق.فمن خلال التسويق الناجح يمكن لتلك الشركة المنتجة لمصباح الملح السحرى أن تغزو أسواق العالم بهذا المنتج فقط.ولم لا فقد غزت الصين العالم بالمسبحة وسجاد الصلاة المزركش وبالميداليات البلاستيكية الملونة وبلعب الأطفال البسيطة.ولنتخيل سويا ما الذى يمكن ان يحدث للأوروبيين أو الأمريكيين أو اليابانيين عندما يستيقظون فى نهار أحد الأيام على خبر وجود "مصباح الملح السحرى"على شكل هرم والمستخرج من بلاد الفراعنة بناة الأهرام الأصلية؟والأهم أن نتخيل كم سيدفعون من مال للحصول على قطعة واحدة؟ إنصرفت مغادرا الخيمة وقد إكتسحتنى موجة من التفاؤل والفخروالأمل, فكل حفنة تراب من أرض بلادى يمكنها أن تحقق المعجزات. مددت يدى الى اللب الأبيض المملح الساخن الذى كنت أحمله ونظرت الى الأفق الرحب. المزيد من مقالات طارق الشيخ