يعيد إلينا رمضان كل عام مع قدومه ذكرياتنا الجميلة، فقد كنا نتطلع لقدومه ونحن أطفال ونحتفل باقتراب هلاله قبلها بأيام، فمن منا لا يحمل مشاهد فانوسه وهو صغير، أو مشاركته مع أبناء الحي في تعليق الزينة والأنوار، أو لمة العائلة لمشاهدة ليالي الحلمية أو رأفت الهجان. الكثير والكثير من الذكريات السعيدة والمفرحة يثيرها فينا رمضان مع اقترابه ونهفو لاستعادتها حين يأتي، ولكن هل تساءلنا مرة كيف سيصبح الحال حين لا يأتي رمضان، أو حين يأتي فلا نشعر بقدومه، أو لا نرغب في قدومه لأنه يعيد إلينا ذكريات مؤلمة. ربما جرب البعض منا فقدان معنى الفرحة أو البهجة بقدوم رمضان لأنه واجه وقتا عصيبا أو كربة وضائقة شديدة قبله، ولكن هل جربتم أن يكون هذا إحساسا دائما، ألا تشعرون بقدومه، مثل هؤلاء الأمهات الغارمات الحبيسات خلف القضبان بعيدا عن أبناءهن لا يشعرن بقدوم رمضان ولا يستسغن بهجة لياليه كالآخرين. نستعيد ذكريات طفولتنا السعيدة مع فانوس رمضان ويستعيد آخرون لحظات شجن طفولية اكتفوا خلالها بمشاهدة الأطفال الآخرين يلعبون بفوانيس، عجز أباؤهم عن توفيرها لهم. من حقنا أن نفرح بقدوم رمضان ولكن دون أن ننسى أن هناك أبا يتهرب من العودة إلى المنزل لكي لا يسأله أبناؤه عن ياميش رمضان الذي لا يستطيع تحمل نفقاته، ودون أن ننسى ربة المنزل التي لا تدري هل سيكون لها نصيب أم لا في شنط رمضان التي يوزعها أهل الخير لكي تستطيع أن تعد إفطارا لأبنائها بعد يوم صيام طويل. أعيدوا ترتيب خزائن ذكرياتكم الرمضانية وافسحوا مجالا لذكريات جديدة مع دراما تليفزيونية جديدة، وسهرات صاخبة في الخيم الرمضانية، وموائد إفطار عامرة بألذ وأطيب الأصناف، ولكن تذكروا بأن هناك من تقتصر ذكرياته في رمضان على الانتقال من مائدة رحمن إلى أخرى لكي ينهي وأسرته ساعات من الصيام الذي لم يكتب عليه فقط في رمضان بل كتب عليه طيلة العام.