هذه هى حلوانُ، هل أفسدتْ ماءها المعدنىّ، الذى كان، أم جرفتها الطبيعةُ، فاختل وقع المكان ........ ما الذى كان أو سيكونُ، ونخل بساتينها لم يزل شاهداً، يتمايل كالحارس الأبدىّ، على موكب المجد منذ قديم الزمان ....... هذه هى حلوانُ، دار الخلافة تغلق ضوء شبابيكها، المتعتّق من عصر مَرْوانَ، تغلقهُ فوق وجه الميادينِ، حيث يضج الزحامُ، وحيث تعج المصانع فيها، ويعلو فحيح الدخان ....... ما مرّ فى البال من أطيافِ أغنيةٍ إلا ترنَّم فى إيقاعها الوطنُ حلوان كانت مداراً للبلاد، وقد صارت عَثاراً إذا تهفو لها المدنُ ....... ما الذى دار أو سيدور وخيول التواريخِ، مازال وقع حوافرها يتردَّدُ، فى هضبات المقطم، ما بين ظلٍ ونور وتدور العصور ....... حلوان شهدت وقع الأقدام الأولى، فى سفح الوادى شهدت مشرق أول شمس طلعت فوق جبين الوادى كان التاريخ عملاقا والموتى يبتسمون تركوا إرث حضارتهم للأحفاد ليقيموا صرح الدنيا والدينِ، فماذا كان من الأحفاد؟ لا شىء سوى بدوٍ فى الآفاقِ، غثاءٍ كغثاء السيلِ، يدورون، وتأخذهم فى الدورانِ مصانعُ، ومزارعُ، ومواقعُ، تُعلى شأن الآلةِ، لكن تصفع وجدان الإنسان هذا إيقاعك فى قلب الساحةِ يا حلوان.