لأول مرة تتحيز السياسة المالية فى مصر للبسطاء والفقراء حيث تبنت تطبيق سياسة جديدة فى الموازنة العامة للدولة وهى عدم الإنفاق على أى مشروع اقتصادى دون مردود اجتماعي، وزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم وبرامج الإصلاح الاجتماعى والقرى الأكثر احتياجا ومعاشات الضمان. حيث شهد مشروع موازنة العام المالى المقبل تعزيزا واضحا لمخصصات البرامج الاجتماعية التى تستحوذ عادة على ما يفوق نسبة 65% من اجمالى الإنفاق خاصة بقطاعى التعليم والصحة الذى ارتفع إلى نحو 20% من اجمالى الإنفاق العام فى الموازنة الجديدة خاصة بعد أن تقلص دعم الطاقة، بفضل الإصلاحات الاقتصادية، إلى نحو 16% بدلا من 23%، حيث زادت الاعتمادات المخصصة للخدمات الصحية بمعدل 35% لتبلغ نحو 58 مليار جنيه، بالإضافة إلى ما تنفقه الهيئات الاقتصادية، وتتضمن تلك الاعتمادات مبلغا بقيمة 3٫1 مليار جنيه لتقديم الخدمات العلاجية لأكثر من 7 ملايين مواطن من مستفيدى المعاشات الضمانية. كما زادت الاعتمادات المخصصة للخدمات التعليمية بمعدل 9% لتصل إلى نحو 114 مليار جنيه. كما تستهدف موازنة 2015/2016 استكمال البرنامج الإصلاحى لتحقيق المزيد من التقدم فى المجالين الاقتصادى والاجتماعي، وتتضمن تنفيذ برامج جادة للاستثمار فى رأس المال البشري، وزيادة الاستثمار فى البنية التحتية، بالإضافة إلى تحسين سياسات استهداف الدعم وتوفير الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، ورفع كفاءة الخدمات العامة وتحقيق عدالة أكبر فى التوزيع، وهو ما يتزامن مع استكمال الخطوات التدريجية نحو الوفاء بالاستحقاق الدستورى لزيادة مخصصات الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمى بما لا يقل عن 10% من الناتج خلال العامين المقبلين مقابل 7.2% فى الوقت الحالى بالاضافة إلى التوسع فى برامج الدعم النقدى للأسر المصرية من خلال تمويل برامج معاش الضمان الاجتماعى وبرامج تكافل وكرامة ومعاش الطفل، وكذلك استكمال تطوير منظومة دعم الخبز والسلع الغذائية وبرامج التغذية المدرسية، وكذلك تطوير برامج دعم الإسكان الاجتماعي، والاستمرار فى تقديم دعم المواصلات العامة، ومياه الشرب، والعلاج على نفقة الدولة وغيرها من برامج الدعم الاجتماعى التى تشملها الموازنة العامة. و تواجه الموازنة العامة للعام المالى القادم عدة تحديات أهمها محدودية فرص المناورة المالية، حيث يتوقع أن تتجاوز مصروفات الأجور والمعاشات وفوائد الدين العام التى تتحملها الموازنة العامة كمصروفات حتمية خلال عام 2015/2016 ما يزيد على مبلغ 500 مليار جنيه أو ما يعادل60% من إجمالى الإنفاق العام وبالتالى تلتهم نحو 90% من جملة الإيرادات العامة المتوقعة خلال العام نفسه. وعلى الرغم من هذه التحديات فإن الحكومة فى إطار سياستها لإعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام لتمويل هذه البرامج تعتزم استكمال إصلاح منظومة ترشيد دعم الطاقة، وتطوير المنظومة الضريبية، دون فرض أنواع جديدة من الضرائب، كما يتضمن برنامج الحكومة مواجهة مشكلات قطاع الطاقة بشكل جذرى لسد فجوة الطاقة التى عانى منها المواطنون والقطاع الخاص على حد سواء خلال السنوات الماضية خاصة فى فترات الصيف، وذلك من خلال إستراتيجية متكاملة تحقق أمن الطاقة والاستغلال الأفضل للموارد. وبالرجوع لمشروع الموازنة يتضح ان هناك زيادات غير مسبوقة فى اعتمادات الإنفاق على البعد الاجتماعى وتحسين حياة المواطن، حيث ارتفعت اعتمادات الإنفاق الاجتماعى بنحو 52 مليار جنيه، شملت زيادة أعداد المستفيدين من المعاشات الضمانية بنحو مليون مستفيد، لتصل جملة الاعتمادات إلى 11.2 مليار جنيه مقارنة ب 6.5 مليار جنيه فى الموازنة الحالية، كما بلغت اعتمادات الإسكان الاجتماعى 11 مليار جنيه بزيادة 16% على العام السابق. ايضا زيادة اعتمادات تطوير المناطق العشوائية بنسبة 115% لتصل إلى 1.3 مليار جنيه، وذلك فى مقابل 600 مليون جنيه فى العام الحالي. هذا بخلاف 850 مليون جنيه يتم تخصيصها لتطوير القرى الأكثر احتياجًا، و500 مليون جنيه تخصص لدعم فوائد القروض الميسرة للمستفيدين من برامج الإسكان منخفض التكاليف.