يمضى رمضان، ولا يخلو دائما من أناس فاتهم الصيام فى بعض أيامه أو كلها، منهم من منعه العذر، ومنهم من لم يصم وهو غير معذور. ومع توافر النية بالقضاء لدى الكثيرين إلا أن التراخى عادة ما يسوف القضاء حتى قدوم رمضان التالي. واليوم ما هى إلا أيام معدودة ويهل علينا رمضان جديد.. فما موقف هؤلاء الذين تخلفوا عن قضاء الفوائت وأقبل عليهم شهر الصيام؟ الدكتور حلمى عبد الرءوف، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، يقول: إن الذين يفطرون فى نهار رمضان صنفان: الأول أفطر عن عذر شرعى كأيام الحيض والنفاس الخاصة بالمرأة، (وهى أيام لا يجوز للمرأة بل يحرم عليها أن تصوم فيها)، بالإضافة إلى فترة الرضاعة إذا كان فى صيام الأم خطر على صحتها أو صحة الرضيع..أو مانع صحى وطبى مثل الضعف العام وعدم القدرة على الصيام، وكبر السن الذى يشق معه الصيام، أو الإصابة بمرض لازمه أثناء شهر رمضان سواء كان هذا المرض يُرجى برؤه أو لا يُرجى برؤه، مادام يتعارض مع الصيام والامتناع عن الطعام والشراب، ومن ذلك أيضا أن يكون المسلم قويا صحيحا ولكنه كان يقوم بعمل شاق أو على سفر، أو تعرض لحادث طارئ يشق معه الصيام أو نحو ذلك مما أباح له الشرع ورخص للإفطار فيها، حفاظا على النفس من الهلاك. والصنف الثانى ممن يفطرون فى رمضان هو الذى يفطر بدون عذر كأن أفطر تكاسلا أو انسياقا وراء شهوة فى نهار رمضان. وبالنسبة للصنف الأول الذى أفطر لعذر ( المرأة أثناء الحيض والنفاس والرضاعة، والمسافر، والمريض مرضا يرجى برؤه والضعيف الذى لا يحتمل الصوم لحرارة الجو أو ضعفه العام) فإنه إذا ما زال سبب الإفطار، ينبغى الإسراع بقضاء هذه الفوائت قبل قدوم رمضان التالي. ورغم أن الأمر فيه سعة فى أيام القضاء من بعد رمضان إلى رمضان الذى يليه، لكن الأولى على المسلم أن يبادر ويعجل بالقضاء متى يسر الله له وكان قادرا على الصيام. أما إذا كان التأخر فى القضاء لعذر شرعى مستمر طوال العام كطول فترة علاج أو نحوه، أو أن تكون المرأة التى أفطرت العام الماضى بسبب الوضع والنفاس لا تستطيع قضاء ما فاتها بسبب الرضاعة ويقبل عليها رمضان جديد، فيوضح د. حلمى عبد الرءوف أنه لا شيء عليها سوى القضاء فقط، لأن الإفطار أثناء الرضاعة عذر شرعى إذا كانت المرأة لا تقوى على الصيام مع الرضاعة، وهذا أمر يتباين من امرأة لأخري، ومن ثم يجوز تأجيل قضاء الفوائت فى هذه الحالة ويبقى عليها بعد فطام الرضيع القضاء فقط. أما فى حال التراخى فى القضاء بغير عذر، أى إذا تعافى المعذور من أعذاره وأقبل رمضان جديد و لم يقض ما عليه فى الماضي، ففى هذه الحالة يكون على المفطر القضاء مع الكفارة (أى الصيام مع إطعام مسكين وجبتى طعام وسحور عن كل يوم) لقاء التراخى فى القضاء. أما المريض مرضا لا يرجى برؤه (يقرر ذلك الطبيب المتخصص المسلم الثقة)، والشيخ الطاعن فى السن ولا يقوى على الصيام، فإنه ليس عليهما صيام ولا قضاء، ولكن عليهما الفدية فقط، لقول الله تعالى «وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين»، أى الذين يطيقون الصيام بمشقة أو لا يطيقونه أصلا..والفدية هنا هى إطعام مسكين عن كل يوم يمر على المفطر. أما الصنف الثاني: وهم الذين يفطرون فى نهار رمضان بغير عذر (المفطر تكاسلا أو انسياقا وراء شهوة)، فعليه القضاء والكفارة المغلظة، أى القضاء بعدد الأيام التى أفطرها، بالإضافة إلى إطعام ستين مسكينا وجبتين كاملتين من أوسط طعامه، عن كل يوم أفطره. وهذا الرأى قال به جمهور الفقهاء، عدا الشافعية ورواية عند الحنابلة.