يقول الأمين العام لحزب الله اللبنانى السيد حسن نصر الله :إن قادة تيار المستقبل سيكونون أول ضحايا داعش إذا دخلت لبنان ،بينما يرد عليه رئيس وزراء لبنان الأسبق زعيم تيار المستقبل السنى سعد الحريرى :يجب على السيد نصر الله أن يراجع مواقفه وينسحب من سوريا حتى لايجر لبنان إلى الهاوية،كلام نصرالله ورد الحريرى عليه جاء عقب قيام حزب الله بشن معركة كبرى فى عرسال منذ أيام لتطهير جرودها من التكفيريين على حد قوله،بينما يعتبر تيار المستقبل أن حرب حزب الله فى عرسال موجهة ضد أهلها من السنة ،وبين تهديدات حزب الله لتيار المستقبل وبين الهجوم المضاد للحريرى ضد نصرالله ،باتت عرسال هى القشة التى تنهى شهر العسل بين السنة والشيعة، وقد تقصم ظهر الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل والذى بدأ بعد معركة عرسال فى أغسطس الماضى بين الجيش اللبنانى وتنظيمى داعش والنصرة. وعرسال مثلما جمعت حزب الله الشيعى وتيار المستقل السنى ، تنزع ورقة التوت الأخيرة من فوق مائدة الحوار بين الطرفين،فهى المدينة الشمالية على خريطة لبنان، ذات أغلبية سنية وملاصقة بل ومتداخلة مع مقاتلى داعش والنصرة فى سوريا، وفيها حدثت معركة دامية بين الجيش اللبنانى من ناحية وبين النصرة وداعش من ناحية أخرى مطلع أغسطس الماضى ،وانتهت المعركة بعد أيام بقتلى من الطرفين ،وخطف 23جنديا لبنانيا لدى داعش والنصرة، وفرار التكفيريين إلى جرود عرسال وماحولها.فماذا حدث، ولماذا جمعت عرسال حزب الله وتيار المستقبل إلى مائدة الحوار وهما الخصمان اللدودان،ولماذا تظهر عرسال حاليا إلى الواجهة مهددة الحوار فى مقتل، بل وقد تكون القشة التى تقصم ظهر العلاقة الهشة بين السنة والشيعة فى بلد يعانى أصلا من هشاشة الأوضاع السياسية والاقتصادية ودون رئيس جمهورية لمدة عام كامل؟تعد عرسال وهى مدينة قديمة منذ أيام الفينيقيين وكانت تعرف باسم "عرش الله"ممرا بين شمال لبنانوسوريا مثلها مثل مدينة طرابلس كبرى مدن الشمال اللبنانى ذات الأغلبية السنية،وقد عانت عرسال وطرابلس بعد سقوط حكومة رئيس وزراء لبنان الأسبق سعد الحريرى فى 2010 على أيدى وزراء حزب الله. وخلال معركة عرسال العام الماضى زار لبنان فجأة سعد الحريرى وعقد لقاءات متوالية فى بيت الوسط مقر تيار المستقبل وسط بيروت ،كما جاء بمليار دولار منحة من السعودية لتسليح الجيش اللبنانى ليستطيع مواجهة التكفيريين ،بالإضافة إلى منحة لاترد أيضا من السعودية بقيمة 3مليارات دولار لتسليح الجيش اللبنانى فى صفقة كبرى مع فرنسا،كما أكد الحريرى وقتها أن النصرة وداعش تنظيمان إرهابيان، ويجب التلاحم مع الجيش اللبنانى لمواجهتهما،بل وذهب بعيدا مطالبا بالحوار الجدى والعملى مع غريمه السياسى حزب الله لوضع النقاط على الحروف ،وحلحلة المشكلات العالقة بين الطرفين والتى تعيق التوافق الإسلامى السنى – الشيعى،وكذلك التوافق المسيحى المارونى – المارونى بين زعيم تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون حليف حزب الله وبين زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حليف تيار المستقبل،وهو الأمر الذى يعيق انتخاب رئيس للجمهورية منذ عام مضى. وبالرغم من تراخى الحوار بين حزب الله والمستقبل تارة، وسخونته تارة أخرى ،كانت الأمور تسير فى الاتجاه الصحيح،راسمة نقطة ضوء قد تنير ظلام الطريق بين السنة والشيعة فى لبنان،بعد أن أوشكت الأمور على الانفلات بعد تدخل حزب الله فى سوريا مع نظام بشار الأسد ضد المعارضة المسلحة التى كان يدعمها تيار المستقبل وحلفاؤه فى فريق 14آذار،وظل الحوار بين أخذ ورد ،حتى قيام السعودية وحلفائها بشن عاصفة الحزم ضد الحوثيين فى اليمن ،وهنا هاجم السيد نصر الله السعودية صراحة، ليرد عليه الحريرى مفندا اتهاماته ومعددا مواقف السعودية تجاه لبنان ودعمها سياسيا وماديا،ومع ذلك استمر الحوار بين الطرفين ولكن دون تقدم يذكر. ومنذ مشاركة حزب الله قوات الأسد فى حربها ضد التكفيريين فى القصير والقلمون العام الماضى، وتحريرهما من قبضة داعش والنصرة، وحزب الله موجود فى سوريا مناصرا لبشار الأسد وبدعم غير محدود من إيران، وهو الأمر الذى دفع تيار المستقبل وحلفاءه فى 14آذارأكثر من مرة لمطالبة الحزب بالانسحاب من سوريا حتى لايجر لبنان إلى الهاوية فى مواجهة مفتوحة مع تنظيمى داعش والنصرة. ولكن الحزب لم يلق بالا لكلام معارضيه وانتظر بفارغ الصبر انتهاء موسم الأمطار والعواصف وتساقط الثلوج لينقض على التكفيريين فى عرسال وجرودها، وهو الأمر الذى فسره خصومه بأنه ضد السنة فى عرسال وطرابلس. نهاد المشنوق وزير الداخلية اللبنانى من جانبه بعد تدخل الحزب فى عرسال قال إن عرسال محتلة ويجب تحريرها دون أن يسمى من يحتل عرسال؟هل يقصد حزب الله أم يقصد داعش والنصرة؟ بينما ذهب الحريرى إلى اتهام نصر الله بأنه يجر لبنان إلى الهاوية ، مطالبا فى الوقت ذاته الجيش اللبنانى بأن يكون وحده دون سواه هو المسئول عن حماية حدود لبنان مع سوريا بل وحماية المدن اللبنانية على الحدود وفى الداخل أيضا. أحمد فتفت النائب فى تيار المستقبل ووزير الداخلية الأسبق هاجم أيضا موقف نصر الله من عرسال خاصة ومن سوريا عامة ،مؤكدا أن مايحدث فى عرسال ومحيطها قد يشعل فتنة مذهبية داخلية. أما رئيس وزراء لبنان السنى تمام سلام فقد حاول جاهدا إبعاد مناقشة ملف عرسال عن جلسات مجلس الوزراء، حتى تستقر الأمور ولكن كتلة المستقبل بزعامة رئيس وزراء لبنان الأسبق فؤاد السنيورة تصر على مناقشة الموضوع كأول بند فى جلسة مجلس الوزراء المقبلة هذا الأسبوع. وفى كلمته ليلة 25مايو عيد المقاومة وتحرير الجنوب عام 2000، قال السيد نصر الله إن وجودنا فى سوريا ضرورة لحماية لبنان،وأن الحرب مع التكفيريين حرب وجود،مهددا تيار المستقبل وقادته بأنهم سيكونون أول ضحايا داعش لودخلت لبنان. ومابين موقف نصر الله الداعم للأسد والمقاتل فى عرسال، وبين موقف الحريرى الرافض لتوجهات وتحركات حزب الله ومطالبا بتحرير عرسال من الحزب،تزداد الأمور سخونة مهددة بموت الحوار بين الطرفين قبل التوصل لشىء، ليعود الموقف السنى الشيعى فى لبنان إلى المربع صفر،فى ظل استمرار كل طرف على رأيه ومواقفه الداخلية والخارجية،وفى الوقت نفسه يصر العماد عون على الوصول لسدة الرئاسة مهما يكن الوضع مدعوما من حزب الله وحلفائه فى 8آذار،وكذلك يصر غريمه المارونى سمير جعجع على رغبته فى الوصول إلى قصر بعبدامدعوما من الحريرى وحلفائه فى 14آذار،ليبقى لبنان بلا رئيس ،ويظل الحوار مجمدا بين السنة والشيعة، ويصبح الشارع مهددا بالانفجار بين عشية وضحاها.