يخيم الكساد ويعم الغلاء جميع الأسواق المصرية, ولكن ذلك يتخذ منعطفا اكثر خطورة واشد ضراوة في مدينة بورسعيد التي صارت حرة في الركود وترقب الافلاس في جميع الانشطة الصناعية والتجارية وحتي داخل اسوار المنطقة الحرة. وخرجت المدينة من خريطة السياحة الداخلية والخارجية وتكدست البضائع في مخازنها وخلت محلاتها من الزبائن وتوقفت اسواقها التجارية الشهيرة عن العمل او تكاد. يقول محمد المصري نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية ورئيس الغرفة التجارية ببورسعيد ان هناك عوامل عديدة تحاصر بورسعيد وتهددها بالافلاس, ليس لسبب رياضي تجسد في كارثة مباراة الاهلي والمصري الاخيرة فحسب, والتي لاينبغي معاقبة650 الف بورسعيدي لاخطاء يحسمها القانون, بل لأسباب اخري سياسية واقتصادية ونفسيه, فقد تعرضت المدينة لاهمال حكومي استمر لاكثر من عشر سنوات عقب محاولة الاعتداء علي الرئيس السابق, وظلت بلا محافظ لمدة شهرين عقب احداث المباراة, وتوقفت معها جميع اوجه الحياة, خاصة وقد صدر مرسوم بقانون من المجلس العسكري بمنح حصة استيرادية جديدة لصغار المستوردين والتجار تقدم لها13 الف تاجر ولم يتم توزيعها حتي الان. بالاضافة الي قرار تقليص حجم الاستيراد الي45 مليون جنيه فقط سنويا بحجة منع التهريب, بينما تنهال علي البلاد البضائع المهربة من جميع الأصناف من ليبيا رغم انها مخالفة لقواعد الاستيراد وبعضها مغشوش او فاسد, وقد ادي امتناع الوفود السياحية وتدهور الرحلات الداخية وارتفاع الأسعار الي تفشي الركود وتراكم المخزون السلعي وانعكس ذلك سلبا ليس علي التجار فحسب, بل علي الفنادق والمطاعم وسائقي التاكسي, بخلاف انتشار البطالة بين شباب الخريجين. ويضيف المصري انه بعد35 سنة فان بورسعيد مهددة نهاية العام الحالي بعدم مد العمل بنظام المدينة الحرة التي ينبغي استمرارها لحين ايجاد البدائل ومحاور التنمية اللازمة لجذب رجال الاعمال. ويقول المهندس حسام الدين جبر رئيس جمعية مستثمري بورسعيد ان الكساد الاقتصادي في امريكا واوروبا تزامن مع رفع الحد الادني للاجور في مصر خلال تلك الفترة الحرجة الي تخفيض اسعار المنتجات المصرية التي يتم تصديرها للأسواق الخارجية مما يشكل عبئا اضافيا علي مستثمري المنطقة الحرة العامة ببورسعيد ونطالب الحكومة بزيادة دعم الصادرات( رد الاعباء) للمستثمرين, وذلك للخروج من تلك الازمة, وضرورة الالتزام بالاتفاقيات المبرمة مما يشجع المستوردين الأجانب علي الاتجاه لمصر وبما ينعكس علي جميع القطاعات الاخري كالسياحة. ويضيف المهندس هاني الحسيني نائب رئيس الجمعية ان استمرار خفض نسبة الدعم الحكومي للصادرات وفقدان الامن وعدم الاستقرار السياسي مع تعاظم الاضطرابات الفئوية والوقفات الاحتجاجية من اهم الاسباب التي تؤدي الي تزايد خسائر المشروعات الاستثمارية القائمة بنسب تتراوح ما بين25 و50% ويهدد بافلاس بعض الشركات وباغلاق البعض الاخر لضمان الخروج الامن من النشاط ولاشك ان عدم استقرار الاوضاع في مصر يثير الشكوك في امكانيات التنفيذ الامثل للصفقات المبرمة بمواصفات معينة ومواعيد توريد محددة وقد ادي ذلك لاغلاق بعض مكاتب المستوردين لتقليل نسب المخاطر وكذلك تقليص نشاط مكاتب التمثيل التجاري الأوروبية والأمريكية وقد اغلقت بالفعل مكاتب شركات عالمية شهيرة في الآونة الأخيرة بمصر بل وربط بعض المستوردين نشاطهم في مصر بانتخاب رئيس الجمهورية وتحقيق الاستقرار السياسي. ويضيف جمال الغيطاني رجل الاعمال بالمنطقة الحرة العامة ببورسعيد ان مشروعات الملابس الجاهزة كثيفة العمالة ويعمل بها في المنطقة40 الف عامل بمرتبات تزيد علي100 مليون جنيه تمثل20% من حجم الاستثمار ورغم ذلك فالحكومة لاتدرس موقفنا او تشاركنا في لجان مناقشة الاجور عند رفع الحد الادني بالاضافة الي وجود تضارب في تحديد ساعات العمل بين قانون الاستثمار وقانون العمل, رغم انخفاض انتاجية العامل المصري ويجب ربط الدخل بالانتاج لان غالبية المستوردين تخفض الانتاج فكيف تدفع الشركات اجور عمالها. ويقول مجدي كمال مدير عام جمعية المستثمرين ببورسعيد انه يجب الاسراع في توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع أمريكا لفتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية وبما يؤدي لانعاش الاستثمار ورواج البضائع, ويضيف رجل الأعمال حسام عمر ان قصر دور هيئة الاستثمار في تلبية احتياجات المستثمرين وتراخيها في حل مشكلاتهم بشأن قضايا الدعم والتسويق له اثار سلبية علي النشاط الاستثماري في بورسعيد عامة, كما ان عدم تقديم البنوك تسهيلات ائتمانية للمشروع الاستثماري بالمنطقة الحرة واستمرار تخفيض دعم الصادرات يهدد صناعة الملابس الجاهزة مما قد يؤدي لتشريد الاف العمال وضياع مستقبل اسرهم. ويقول محمد صلاح مدير التسويق بفندق بورسعيد ان الخسائر بلغت اكثر من3 ملايين جنيه خلال الشهرين الماضيين نتيجة لالغاء الحجز كما انخفضت حاليا نسبة الاشغال التي تذبذبت علي مدي العام الماضي.