دخلت معركة الدستور أمس منعطفا خطيرا يهدد شرعية الجمعية التأسيسية لوضع الدستور, بإعلان أحزاب سياسية ورموز مدنية من بينها النائب عمرو حمزاوي, أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة. وعبدالغفار شكر, والقيادي اليساري ووكيل مؤسس حزب التحالف الشعبي والدكتور مصطفي كامل السيد من الجمعية, وسط اتجاه قوي لاتخاذ أحزاب الأقلية البرلمانية وعلي رأسها تحالف الكتلة المصرية الذي يضم أحزاب المصريين الأحرار والمصري الديمقراطي الاجتماعي والتجمع, ونواب مستقلين وشخصيات عامة, موقف مماثل في المؤتمر الصحفي العالمي الذي تعقده اليوم لإعلان موقفها الموحد من تشكيل الجمعية ومستقبل الدستور المصري. وبينما يحبس المصريون أنفاسهم اليوم انتظارا لقرار مجلس الدولة في دعوي إبطال قرار مجلسي الشعب والشوري, بتشكيل الجمعية التأسيسية التي رفعها الدكتور جابر جاد نصار, وكيلا عن نحو100 شخصية من السياسيين والمثقفين, اتسعت قاعدة الرافضين لتشكيل الجمعية. ويتجه اتحاد النقابات المهنية الذي يضم22 نقابة والذي بدأ اجتماعا مساء أمس إلي إعلان رفضه تشكيل الجمعية, اعتراضا علي عدم اختيار مرشحيها. وأعلن الدكتور محمد الصغير, عضو مجلس الشعب عن حزب البناء والتنمية, الذراع السياسية للجماعة الإسلامية, عن اعتراضه علي تشكيل الجمعية, لافتقاره معايير الكفاءة والخبرة. وهاجم الصغير الذي تم اختياره في القائمة الاحتياطية للجمعية عدم تضمن الأخيرة لقطاعات كبيرة بالمجتمع, منتقدا أسلوب اختيار أعضاء الجمعية الذي تعمد فرض أسلوب المغالبة لا المشاركة. وأدانت نقابة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات, تشكيل الجمعية, وقال الدكتور عبدالله سرور, أمين عام النقابة, إن ما حدث تزوير لإرادة الأمة. وأشار إلي أن الشخصيات التي تم اختيارها من أساتذة الجامعات ينتمون لجماعة الإخوان, وهو ما يؤكد وجود نية لكتابة دستور يعبر فقط عن التيار الإسلامي. وحذر الاتحاد العام لنقابات عمال مصر الرسمي من الهجمة الشرسة التي يواجهها المسار الديمقراطي في مصر.. وهاجم الاتحاد في اجتماعه الطارئ أمس برئاسة الدكتور أحمد عبدالظاهر ما وصفه بمحاولات السيطرة والهيمنة علي مستقبل العمل السياسي في البلاد, والخطر الداهم الذي تمارسه الأغلبية البرلمانية, التي أتهمها باتخاذ مواقف معادية للديمقراطية, وتجاهل العديد من الشرائح الطبيعية لشعب مصر, وفي طليعتها العمال والفلاحون وطليعة المثقفين والعلماء وشباب الثورة والأقباط والمرأة والشباب, مما يعد إهدارا متعمدا لمدنية الدولة. وأعلنت نقابة الأئمة والدعاة عن رفضها تشكيل الجمعية, وقال الشيخ عبدالناصر بليح, الأمين العام للنقابة, إن الجهة المسئولة عن اختيار الجمعية تجاهلت جميع النداءات والمكاتبات التي وجهتها النقابة في هذا الصدد وضربت بها عرض الحائط. ورأي أن تشكيل اللجنة جاء مخيبا للآمال, بالنظر إلي إقصائه كل طوائف المجتمع, ليأتي معبرا عن تيارات بعينها, ودعت اللجنة الشعبية للدستور إلي مقاطعة الجمعية وعدم الاعتراف بشرعيتها, أو ما ينتج عنها. واستنكرت الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان عدم تمثيل المدافعين والمهتمين بشئون الأطفال من الحقوقيين في الجمعية. وانتقد بيان للجمعية سيطرة التيار الإسلامي علي تأسيسية الدستور بمنطق القوة التصويتية للأغلبية, الأمر الذي حولها إلي لجنة برلمانية. وأعلن14 حزبا وحركة من بينها المصريين الأحرار والتجمع والشيوعي المصري والتحالف الشعبي والجمعية الوطنية للتغيير واتحاد شباب الثورة, عن تأسيس جبهة دستور لكل المصريين للدفاع عن حق الشعب المصري في صياغة دستور يحصن حقوقه الأساسية في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم, ويضمن تمثيل جميع فئات وقوي المجتمع في كتاباته والتوافق عليه. ودعت كل القوي الثورية والسياسية إلي الانضمام إليها في نضالها من أجل حماية الدولة المصرية ذات التوجه المدني من خلال دستور يضعه الشعب, ويضمن التوازن بين السلطات الثلاث. وطالبت الجبهة كل الشخصيات التي تم اختيارها في الجمعية بالانسحاب, ودعت جموع الشعب المصري إلي الاحتشاد أمام مجلس الدولة في العاشرة من صباح اليوم, لدعم المدعين في القضية المرفوعة لإبطال قرار البرلمان بتشكيل الجمعية. وقررت هيئة المكتب بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي انسحاب ممثلي حزب التحالف من عضوية الجمعية, بعد التشاور مع العديد من القوي الديمقراطية. وقال عبدالغفار شكر, وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي, إنه والدكتور مصطفي كامل السيد, ملتزمون بقرار هيئة المكتب بالانسحاب, علي الرغم من أنهما لا يمثلان الحزب رسميا في الجمعية, وإنما جاء اختيارهما تمثيلا عن الشخصيات العامة, ومنظمات المجتمع المدني علي الترتيب. وقررت الهيئة العليا لحزب الحياة الذي يقوده الناشط القبطي مايكل منير, رفضها المشاركة في أي أعمال تخص الجمعية التأسيسية للدستور. وأعلن النائب عمرو حمزاوي, مؤسس حزب مصر الحرية, عن انسحابه من الجمعية, اعتراضا علي التشكيل النهائي لها والذي جاء بعيدا عن مراعاة معايير الكفاءة والتمثيل المتوازن للأطياف السياسية والمجتمعية المختلفة. وانتقد حمزاوي غلبة معيار الولاء علي معيار الكفاءة وتقديم أهل الثقة بالمعني السياسي الضيق, عند تشكيل الجمعية, وهو الأمر الذي أدي إلي تهميش المرأة والشباب والأقباط واستبعاد الكثير من كفاءات مصر القانونية والاقتصادية. واستنكر غياب الشفافية عن بعض إجراءات تشكيل الجمعية, وما سماه الضعف الموضوعي, في إشارة إلي عدم إتاحة الوقت الكافي للنقاش, وطرح أسماء لشخصيات عامة ومرشحي هيئات ومؤسسات دون سير ذاتية, بالشكل الذي جاء صادما للرأي العام ولا يرقي للتوقعات المشروعة. ووصف سامح عاشور الموقف بالصدمة ولاتوجد فرصة في ضوء هذا التشكيل لإصدار دستور توافقي, مشيرا إلي أنه يقوم بمشاورات مع عدد من القوي السياسية قبل اتخاذ قرار نهائي بالمشاركة أو عدم المشاركة في أعمال اللجنة, لأنه يرفض أن يكون جزءا من الديكور, مؤكدا أنه انضم إلي الطاعنين في تشكل اللجنة أمام المحكمة الإدارية التي ستنظر الطعن اليوم. ورأي المستشار زكريا عبدالعزيز أن الجمعية لا تعكس كل أطياف المجتمع المصري, مؤكدا أن الأزمة سببها اختيار نصف الأعضاء من داخل البرلمان المهدد بعدم الدستورية. أكد الدكتور محمد نور فرحات, أستاذ القانون, أن تشكيل لجنة المائة كان معدا سلفا بالاتفاق بين حزبي الحرية والعدالة والنور, اللذين سيطرا علي الأغلبية ووضع نسبة قليلة من خارج التيار الإسلامي, للإيهام بوجود تنوع, وأن هذا يعني أن الدستور سيكون مجرد وثيقة حزبية تعكس أفكار تيار سياسي واحد هو التيار الإسلامي, ولفت فرحات إلي خلو اللجنة من خبراء التشريع الدستوري البارزين من أمثال الدكتور يحيي الجمل والدكتور أحمد كمال أبوالمجد والدكتور إبراهيم درويش والدكتور ثروت بدوي والدكتور فتحي فكري والدكتور جابر نصار والمستشارة تهاني الجبالي, وهؤلاء حرفتهم صناعة التشريع الدستوري. وأوضح أن الموجودين داخل اللجنة من رجال القانون تم اختيارهم بحكم مناصبهم فقط, مثل المستشار حسام الغرياني رئيس مجلس القضاء الأعلي, وسامح عاشور نقيب المحامين, مؤكدا أن اللجنة هي التي تضع دستورا ولكنها ستناقش دستورا تم وضعه بالفعل في أروقة حزبي الحرية والعدالة والنور. ورفض شباب الثورة اختيارات مجلسي الشعب والشوري, واصفين ماحدث بأنه ديكتاتورية وهيمنة, متعهدين بالعودة إلي الميدان, وأجمع كل من أحمد عبدالجواد عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة, ومحمد السعيد عضو المكتب التنفيذي لاتحاد شباب الثورة, وتامر القاضي منسق الاتحاد, ومصطفي النجمي المتحدث باسم الاتحاد العام للثورة, وأحمد نجيب المتحدث الإعلامي باسم مجلس أمناء الثورة علي تهميش شباب الثورة, الذين كان لهم الفضل في وصول نواب الإخوان والسلفيين إلي البرلمان, متهمين حزبي الحرية والعدالة والنور بمحاولة إهدار حقوق شباب الثورة, مؤكدين عودتهم للتحرك ومواصلة الاجتماعات في إسقاط محاولة كتابة دستور لا يعبر إلا عن الإخوان والسلفيين.