اذا تمسك قادة الانقلاب العسكري في مالي بشرطهم توحيد البلاد وإنهاء ما يهدد سلامة أراضيها قبل إعادة الحكم المدني الديمقراطي فمن المرجح ألا يتركوا الحكم في المستقبل القريب. فالجيش أصبح عاجزا أكثر بعد انشقاقه بين مؤيدين للقادة الجدد وموالين للرئيس المطاح به أمادو توماني توري عن التصدي للمتمردين الطوارق الذين اجتاحوا مدن الشمال وطردوا جنوده من قواعدهم العسكرية ومن70% من مساحة الإقليم وهددوا بالزحف علي العاصمة باماكو, كما بقي عاجزا عن مواجهة عناصر تنظيم القاعدة فرع المغرب الإسلامي الذين قويت شوكتهم أخيرا بعد تلقيهم جزءا من الأسلحة المهربة من نظام القذافي الذي تم اسقاطه في ليبيا وأصبحوا يجوبون صحراء مالي والنيجر وتشاد وموريتانيا وجبال الجزائر حتي وصلوا الي شمال نيجيريا دون أن تتمكن أية دولة من استئصالهم بالرغم من تعاون المخابرات الأمريكية والفرنسية وغيرهما مع أجهزة الأمن والجيوش وتقديم المعدات والأسلحة والمساعدات المالية لها لمواجهتهم وعقد الاجتماعات الأمنية للتنسيق بينها. ويزيد المشكلة أن الجزائر أكثر الدول التي اكتوت بنار القاعدة أوقفت التعاون العسكري مع مالي بعد الإنقلاب وكذلك فعل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وحدة البلاد أصبحت مهددة بدرجة خطيرة إذا نجح المتمردون الطوارق في الاستيلاء علي مقاليد الأمور بالكامل في منطقة أزواد التي تضم تمبكتو وجاوا وكيدال في الشمال وأقاموا عليها إمارة إسلامية أو حتي حكما ذاتيا, وتهديدهم بالزحف علي العاصمة باماكو استهدف بالأساس بث الرعب في قلوب أفراد الجيش ليسارعوا بالإنسحاب الكامل من الإقليم للدفاع عن العاصمة لتخلو الساحة لهم ويحققوا هدفهم المنشود, ولا شك أن تنظيم القاعدة سيسارع بدعمهم علي الأقل نكاية في حكام مالي الجدد والقدامي الذين يعتبرونهم عملاء للغرب, ولن يتردد الطوارق في قبول مساعدتهم مادام ذلك يقويهم في مواجهة الجيش. ومع ذلك يمكن التقليل من هذا الخطر إذا تمكن القادة الجدد من توحيد صفوف الجيش ورفع روحه المعنوية وتسليحه جيدا بمساعدة دول غربية يهمها منع نجاح القاعدة والطوارق في تحقيق أهدافهم بشرط أن يضعوا جدولا زمنيا لإعادة الحكم المدني الديمقراطي ويمنعوا نشوب حرب بين أنصارهم وأتباع النظام القديم. المزيد من أعمدة عطيه عيسوى