أدلى ملايين البريطانيين أمس بأصواتهم لانتخاب برلمانهم الجديد وسط مؤشرات على نتائج متقاربة جدا بين الأحزاب المتنافسة. وستبدأ النتائج الأولية فى الظهور بعد منتصف الليل، على أن تعلن النتائج النهاية صباح اليوم، ويتنافس فى الانتخابات 12 حزبا وعدد من المستقلين، وأدت حالة الترقب التى تسيطر على الساحة البريطانية إلى تراجع البورصة، حيث انخفض مؤشر «فاينانشال تايمز 100» البريطانى بنسبة 0،8 ٪ . وبحسب آخر استطلاع للرأى أجراه مركز «أى سى أم» و»الجارديان» فإن «المحافظين» و»العمال» أصبحا متطابقين ب35٪ من الأصوات لكل منهما، بينما نال «حزب استقلال بريطانيا» (يوكيب) 11٪، و»الأحرار الديمقراطيون» 9٪، و»الخضر» 3٪. أما فى اسكتلندا، فتشير آخر استطلاعات الرأى إلى تقدم «القومى الاسكتلندي» ب48٪ من الأصوات، مقابل 28٪ ل»العمال»، و14٪ ل»المحافظين». وتحتدم المواجهة بين الأحزاب الرئيسية فى مناطق الوسط والشمال، فوفقا لآخر الاستطلاعات فإن هناك 38 دائرة انتخابية تتأرجح بين «المحافظين» و»العمال» و»الأحرار الديمقراطيين» مثل «وويركشاير نورث» و»برنيلي» و»ساوث ريبل» و»نورث ديفين». وتعتمد حظوظ «العمال» و»المحافظين» لتشكيل الحكومة الجديدة على نتائج «الحزب الثالث» فى البرلمان، فإذا أخفق حزب «الأحرار الديمقراطيون» فى الحصول على عدد كاف من المقاعد لدعم أى من الحزبين الكبيرين لتشكيل حكومة أغلبية، فإن «العمال» و»المحافظين» قد يفضلان تشكيل حكومة أقلية، بدلا من التحالف مع أحزاب فى أقصى اليمين مثل «يوكيب»، أو أقصى اليسار مثل «القومى الاسكتلندي». ويشير مراقبون إلى أن النتائج المتقاربة جدا ستخدم «العمال» أكثر مما ستخدم «المحافظين»، موضحين أن البدائل أمام «العمال» لتشكيل حكومة أغلبية أو أقلية أكثر، فأحزاب «الخضر» و»القومى الاسكتلندي» و»الأحرار الديمقراطيون» و»القومى الويلزي» أعلنت كلها رغبتها فى العمل مع حكومة عمالية. وعلى الرغم من صعوبة التنبؤ بنتائج هذه الانتخابات، إلا أن الإحصاءات الأخيرة، قبل التصويت، تشير إلى أنه من المؤكد أن «القوميين الاسكتلنديين» سيكتسحون مقاعد اسكتلندا ال59، ومن المؤكد أيضا أن مقاعد «الأحرار الديمقراطيون» ستتقلص كما هى عليه الآن، وتشير التوقعات إلى أن «الخضر» و»يوكيب» سيحصلان على عدد صغير من المقاعد الإضافية مقارنة بانتخابات 2010. ومع تزايد احتمالات برلمان معلق، قال اللورد جوس أودونيل، الوزير فى الحكومة البريطانية السابقة إنه فى حالة تقارب أو تعادل المقاعد البرلمانية لكل من «المحافظين» و»العمال»، فإن حق تشكيل الحكومة المقبلة لن يكون بالضرورة للحزب الحاصل على عدد أكبر من المقاعد، بل للحزب القادر على تشكيل ائتلاف حكومى قوى يحقق الاستقرار للبلاد، وأوضح أن التقليد السياسى يقتضى أن يحاول رئيس الوزراء أولا تشكيل حكومة، لكن إذا رأى أنها لن تتمتع بالأغلبية البرلمانية ويمكن إسقاطها باقتراع ثقة، فى هذه الحالة عليه أن يعطى الحزب الثانى الحق فى تشكيل البرلمان. وافتتحت مراكز الاقتراع البالغ عددها 50 ألف مركز لانتخاب 650 عضوا بالبرلمان الجديد، إضافة إلى 9 آلاف نائب محلي، ورؤساء ست بلديات شغرت مقاعدها، وسيكون التصويت الإليكترونى متاحا لأول مرة فى بريطانيا، وصوت عدد كبير من الناخبين بالفعل عبر البريد. يأتى ذلك فى الوقت الذى أكدت فيه صحيفة «ذى تايمز» البريطانية أن الملكة اليزابيث ستلقى خطابها الذى يحدد جدول أعمال الحكومة القادمة فى موعده، بغض النظر عن نتيجة الانتخابات ورغم مخاوف من عدم وجود دعم كاف من النواب للحكومة. وكشفت الصحيفة عن أن قصر «باكنجهام» قرر أن تلقى الملكة خطابها مهما كانت النتائج، حتى مع وجود قلق من إمكانية تشبث ديفيد كاميرون بالسلطة رغم عدم امتلاكه للأغلبية.وكان القصر قد أعرب عن مخاوفه من تشويه سمعة الملكة، إذا حاول كاميرون طرح خطاب للملكة للتصويت قبل أن يتمكن من ضمان تأييد ما يكفى من النواب للحكم، واقترح أن تبقى الملكة بعيدة عن الحدث، والمقرر له 27مايو فى مجلس اللوردات، فى حال تم التصويت ضد الخطاب فى مجلس العموم.
ماذا بعد الانتخابات البريطانية؟ لندن مراسلة«الأهرام»: ليس بالضرورة أن يشكل الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد الحكومة فلو كانت النتائج متقاربة جدا وليس هناك فائر واضح، يمكن للحزب الثاني تشكيل الحكومة إذا كان بإمكانه تشكيل ائتلاف حكومي أوسع، وقادر على نيل الثقة في اقتراع بالبرلمان. عدد المقاعد المطلوبة لتشكيل حكومة أغلبية هو 326 مقعدا، فهذا العدد يمكن الحزب الفائز من تمرير القوانين دون أن يحتاج دعما من أي من الأحزاب الأخرى في البرلمان. البرلمان المعلق هو البرلمان الذي لا يحصد فيه أى من الأحزاب المتنافسة على الأغلبية في البرلمان، وهذا حدث في انتخابات 2010. عندما تكون النتائج متقاربة جدا كما يبدو الآن، ستكون حتى الأحزاب الصغيرة الحاصلة على 4 أو 5 مقاعد مهمة فيما يتعلق بتشكيل ائتلاف حكومي، فإذا لم يحصل «الأحرار الديمقراطيون» على مقاعد كافية، سيضطر «العمال» و»المحافظون» لتشكيل ائتلاف من 3 أو 4 أحزاب. إذا لم يكن هناك فائز واضح بالأغلبية، فستبدأ فورا مشاورات في البرلمان البريطاني قد تستغرق أسابيع للتوافق حول حكومة ائتلافية مستقرة. يمكن ل»العمال» و»المحافظين» تشكيل حكومة ائتلافية معا من الناحية النظرية، لكن من الناحية السياسية هذا غير وارد. يمكن أن يتصارع الحزبان الكبيران على من له الحق في تشكيل الحكومة، ولقد بدأ الصراع بالفعل، فحزب المحافظين يقول إن رئيس الوزراء له حق بحكم منصبه في البدء في محاولة تشكيل الحكومة، فيما يقول العمال إنه يجب أن يعطى الفرصة أولا إذا كان سيوفر لبريطانيا حكومة أكثر استقرارا من حكومة المحافظين.