ساهمت القنوات الفضائية فى إنعاش السينما من خلال تعاونها الكبير سواء فى الحصول على الأفلام حصريا كعرض أول بمبالغ مالية كبيرة ، أوعرضها بشكل عادى مع دفع مقابل مالى مناسب ، والأهم من ذلك مشاركة القنوات الكبيرة فى إنتاج تلك الأفلام وهو ما منح صناع السينما الفرصة فى انتاج أفلام جيدة ومتميزة وهادفة تتناسب مع العرض على القنوات الفضائية التى تدخل كل البيوت المصرية ، ومع قيام ثورة يناير واهتمام القنوات بانتاج برامج التوك شو لمواكبة التطورات والأحداث السياسية بالإضافة لانتشار القرصنة بشكل كبير خلال السنوات الماضية كل هذا جعلنا نطرح التساؤل حول وضع الأفلام السينمائية فى القنوات الفضائية حاليا وكيفية التغلب على الأزمات التى أثرت فى عرض الأفلام بشكل حصرى ؟ لذلك حرصت «الأهرام» من خلال هذا التحقيق على استطلاع رأى صناع السينما وبعض مسئولى القنوات الفضائية التى مازالت تقبل على شراء الأفلام فى البداية، أكد الدكتور محمد خضر رئيس قناة «تن» أنه بالنسبة للأفلام السينمائية بشكل عام هناك 3 عناصر رئيسية تسهم بدور كبير فى إنعاش صناعة السينما وهى القنوات المشفرة والقنوات المتخصصة فى عرض الأفلام السينمائية، بالإضافة إلى القنوات العامة التى تحصل على حق عرض الفيلم كعرض أول أما باقى القنوات الموجودة على الساحة فإنها تقوم بشراء الأفلام بسعر عادى لأنها تكون قد عرضت وأصبحت متاحة بشكل كبير أمام المشاهد. وأوضح خضر أن المشكلة الرئيسية التى يواجهها صناع السينما أو القنوات الفضائية هى وجود قنوات غير شرعية تقوم بسرقة الفيلم من دور العرض من خلال وسائل التكنولوجيا الحديثة وتقوم بعرضها قبل القنوات التى تقوم بشراء تلك الافلام لعرضها بشكل حصرى وهو ما يؤثر بشكل كبير على صناعة السينما وهذا الأمر يهدر حقوق المنتجين ويتسبب فى خسائر مالية كبيرة لهم ، كما أنه يجعل القنوات الفضائية تتراجع عن شراء الأفلام كعرض أول لذلك يجب أن يتم إيجاد حلول جذرية لمنع قرصنة الأفلام حفاظا على حقوق أصحابها وهو ما سوف يسهم فى إقبال القنوات على شرائها بثمن مرتفع مما يسهم فى إنعاش الصناعة بشكل عام. وكشف خضر عن أنه كانت هناك فترة شهدت انتعاشة كبيرة فى السوق السينمائية وحققت مكاسب كبيرة لدرجة أن بعض القنوات المشفرة أو المتخصصة فى صناعة السينما قامت بتمويل بعض الأفلام والمشاركة فى إنتاجها للحصول على حق عرضها حصريا كعرض أول مثل «روتانا» وال»أى أر تي» ، ولكن بعد حدوث أزمة مالية فى عام 2008 تراجعت تلك القنوات عن تمويل وإنتاج الأفلام وبالتالى حدثت أزمة عند المنتجين حيث أن بعضهم كان يعتمد على الدعم المالى من القنوات ، كما أن نجوم السينما اتجهوا للدراما التليفزيونية وكل هذا أثر فى النهائية بشكل سلبى على وضع الأفلام فى القنوات الفضائية
لايحقق ثمنه
وأضاف أحمد عبد اللطيف مدير أول شركة أو ثرى مصر التابعة لمجموعة قنوات «أم بى سي» أن القنوات خلال الفترة من 2009 إلى 2010 كانت تشترى الأفلام السينمائية بمبالغ مالية كبيرة وكان المنتجون يحققون مكاسب مالية كبيرة تسهم فى إنعاش الصناعة ، ولكن بعد ثورة يناير حدثت انتكاسة كبيرة حيث تراجعت القنوات عن شراء الأفلام بشكل كبير وأصبحت تهتم ببرامج التوك شو ، كما أن الفيلم أصبح لا يحقق ثمنه مما جعل القنوات تتعرض لخسائر مالية جعلتها تتوقف عن شراء الأفلام خاصة كعرض أول وحصرى. وأشار عبد اللطيف إلى أن الجزء الثانى فى الأزمة يتمثل فى الأفلام نفسها فقبل فيلمى الجزيرة والفيل الأزرق لم تكن الأفلام بمستوى جيد وهو ما جعل الإقبال عليها ضعيفا وأصبح الفيلم لا يستطيع تعويض ثمنه إلإ إذا تم بيعه لدول الخليج وأعتقد أن هذا الوضع من الممكن أن يتغير خلال الفترة المقبلة بشرط تحسن السوق الإعلانية ووقتها سوف تحدث طفرة كبيرة فى إنتاج الأفلام وإقبال القنوات على شرائها وعرضها حصريا. وشدد عبد اللطيف على أن أصحاب القنوات لم يكن هدفهم الأساسى الربح من خلال شراء تلك الأفلام وعرضها بقدر ما كان هدفهم عرض أفلام جيدة يكون هناك إقبال كبير عليها من الجمهور
تحاصرها الأزمات
ومن جانبها، أكدت المنتجة السينمائية ماريان خورى أن صناعة السينما تعانى بشكل عام وتحاصرها الأزمات من عدة جوانب حتى أن الوضع أصبح سيئا للغاية ولا يساعد المنتجين على إنتاج أفلام جديدة لأنه باختصار المنتج يحتاج لتسويق الفيلم حتى يغطى تكلفة إنتاجه ومع تعدد الأزمات وتعرض المنتجين لخسائر كبيرة أصبح هناك تخوف من إنتاج أعمال جديدة. وأردفت خورى قائلة إن الجميع يعلم أن العائد المالى لأى فيلم يتم إنتاجه يكون عن طريق القنوات الفضائية التى تشترى المنتج وتقوم بعرضه حصريا على الجمهور ، ولكنى لست مع الرأى الذى يقول إن سرقة الفيلم من دور العرض هو السبب فى عزوف القنوات الفضائية عن الشراء لأن هناك أسبابا أخرى ويجب علينا مناقشة الموضوع من جوانبه كلها حتى نستطيع أن نضع الحلول المناسبة بما يصب فى إنعاش صناعة السينما .التى تمثل مصدرا كبيرا للدخل والأمن القومى .
مساعدة الدولة
وشدد الناقد السينمائى على أبو شادى على ضرورة أن تقوم الدولة بمساعدة صناع السينما حتى يستطيعوا أن يؤدوا رسالتهم فى ظل الظروف الصعبة التى تعرضت لها الصناعة خلال السنوات الماضية مشيرا إلى أنه يجب أن يكون هناك تعاون بين القنوات الفضائية وإدارة الأقمار الصناعية حتى يتم إيجاد حلول لتلك المشاكل ومنها مشكلة القرصنة التى ساهمت فى تراجع القنوات الفضائية عن الشراء ، وأعتقد أن الموضوع فى يد الدولة بحيث كما تم إغلاق القنوات التى تدعو للعنف يتم إغلاق القنوات التى تبث مواد غير شرعية ومنها الأفلام التى يتم سرقتها وتسبب خسائر كبيرة للمنتجين الذين أصبحوا غير قادرين على الإنتاج. وأضاف أبو شادى أنه بسبب أن سرقة الأفلام تتسبب فى قلة الإيرادات من ناحية حيث أنه إذا كان الفيلم سوف يتم عرضة مسروقا فلماذا يذهب الجمهور للسينما ؟هذا من ناحية ، ومن الناحية الأخرى ترفض القنوات شراء الأفلام لعرضها حصريا أو كعرض أول بسبب عدم تحقيقها أى مكاسب ومن هنا تصبح الخسارة مزدوجة سواء من العرض التجارى للفيلم أو عدم إقبال القنوات الفضائية على شراء المنتج ومن هنا يكون من الطبيعى هروب المنتجين من السينما واتجاههم للإنتاج التليفزيونى لضمان تحقيق مكاسب من العمل .