شد انتباهى كتاب «الطريق الوعر» لرئيس كوريا الجنوبية السابق «لى ميونغ باك»، فهو سيرة رجل مكافح وشعب صبور عرف كيف يخطط لمستقبله فحقق نهضة صناعية كبرى، وأصبحت كوريا ترسانة تنموية هائلة تبنى بواخر ضخمة ومحطات نووية وأقمارا صناعية ووسائل اتصال حديثة. وعندما كان «لى ميونغ» صغيرا وجد أقرانه يأكلون وهو يملأ معدته الجوفاء بالماء واشتغل عامل نظافة، ثم أصبح بعد كفاح وصبر وإصرار رئيس مؤسسة عملاقة، وصار عمدة للعاصمة سيول، ثم رئيسا للجمهورية، وذلك بالعمل الجاد والعزيمة والإرادة. إنها بحق قصة أمة تمكنت من الانطلاق من شقاء الفقر الى نعيم الثراء، ومن بؤس الجهل إلى نعمة العمل والتقدم التكنولوجى حتى أصبح الاقتصاد الكورى يحتل المرتبة 13 على مستوى العالم. والكتاب مملوء بالمبادئ والدروس لمن يريد أن يكون صاحب أعمال أو رجل دولة وكذلك كل أمة تطمح أن تكون من بين الأمم الرائدة فى العالم. ويقول الكتاب ليس هناك مستحيل، وأن التصنيع هو طريق المستقبل، وأن إرادة الرجال ورؤيتهم الخلاقة وإخلاصهم لوطنهم هى التى تنقل المجتمعات من حال متواضع الى حال أفضل، وأن العمل والابتكار هما سر الأسطورة الكورية. ومما ساعد فى نهضة كوريا هو تحلى أفراد الشعب بعدة سمات منها: إسناد الأمر لأهله فى مواقع العمل وروح المقدرة على فعل كل شىء وثقافة الإنجاز واحترام المواعيد وروح التعاون والصبر وإنكار الذات والإتقان والعطاء. وفى أحد سباقات الانتخابات كان الرئيس «لى ميونغ» مرشحا وتم شطب اسمه من السباق حين تبين أن حملته زادت ألفى دولار على المحدد قانونا للصرف!، فعندما تقرر الشعوب أن تلاحق الفساد تبدأ بالكبير حتى لو كان المبلغ صغيرا. ومما يذكر أيضا أنه تبرع بكل ثروته «26 مليون دولار» موفيا بالوعد الذى قطعه فى حملته الانتخابية لاستخدام ثروته الخاصة.. ليس من أجل أسرته ولكن من أجل ذوى الحاجة والفقراء وقال: «إن من ساعدونى لكى أصبح فى وضعى الحالى هم جماهير الشعب الفقير، وأعتقد أن أحد الطرق لرد الجميل الذى قدموه لى هو استخدام ثروتى من أجل هدف نبيل، وقد تعلمت أن الحياة أكثر من مجرد جمع المال» حقا ليس هناك مكان لكلمة مستحيل فى قاموس القيادة الناجحة، ومهما كانت الصعوبات كثيرة فإن الإيمان والعزيمة والإصرار كفيلة بالتغلب عليها. وما من أمة علا شأنها إلا وكان رقيها وعلوها على سلم زعيمها والتفاف الشعب حوله. محمد مدحت لطفى أرناءوط موجه عام سابق بالتعليم الشرقية