الذين ينتمون إلى جيلى جيل المصاعب والتحديات فى أزمنة الانكسارات والانتصارات لا يخالجهم أدنى شك فى أن مصر قادرة بعون الله على أن تعبر أزمتها بمثل ما عبرت فوق جسور العزة والكرامة فى حرب أكتوبر عام 1973. والعبور الذى أتحدث عنه ليس المساحة الزمنية للمعارك التى بدأت تحت ألسنة اللهب والنيران ودوى المدافع وأزير الطائرات ظهر يوم العاشر من رمضان وإنما أتحدث عن البدايات الحقيقية لمعجزة العبور عندما رفض شعب مصر القبول بالهزيمة يومى 9 و 10 يونيو 1967 فى مظاهرات حاشدة كان عنوانها الظاهر التمسك باستمرار جمال عبد الناصر رئيسا وزعيما ولكن جوهرها الحقيقى هو أننا كمصريين لم نفقد روح القتال ولا روح الثأر ولن يهتز إصرارنا على استعادة الأرض واسترداد الكرامة. وهذا الذى أتحدث عنه لتأكيد أصالة هذا الشعب يتعلق بوقائع وأحداث جرت فى أصعب ظروف يمكن أن يجابهها أى وطن حيث كانت سماء مصر عارية ومكشوفة من أى غطاء جوى يتصدى للعربدة الإسرائيلية ولكن المصريين قلبوا كل التوقعات والحسابات استنادا إلى وجود الإرادة الوطنية الصادقة. ولولا هذه الروح العظيمة ما كنا استطعنا أن نسترد ثقتنا بأنفسنا بسرعة فارقة ومذهلة تمثلت فى معركة رأس العش يومى 6 و7 يوليو 1967 بعد أقل من شهر من وقف إطلاق النار ثم أعقبها فى أغسطس 1967 قيام طائرات ميج 17 بسلسلة ضربات مركزة ضد تجمعات قوات العدو فى سيناء وعودتها إلى قواعدها سالمة وكان مسك الختام فى ذلك العام الكئيب يوم 21 أكتوبر عام 1967 بنجاح زوارق الطوربيد البحرية المصرية فى إغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات» فى عرض البحر المتوسط شمال شرق بورسعيد وكان ذلك انقلابا فى الفكر العسكرى حيث لم يسبق لزوارق الطوربيد أن تفوقت على المدمرات... وهكذا نجحت مصر فى بناء الخط الدفاعى الأول والدخول عام 1968 معارك الصمود التى أهلتها لبدء حرب الاستنزاف عام 1969 فى افتتاحية سجلها التاريخ يوم 9 مارس 1969 باستشهاد الفريق عبد المنعم رياض فى الخطوط الأمامية عند موقع المعدية رقم 6 بالإسماعيلية واستحق بذلك أن يكون أمير الشهداء ورمزهم وليس أفضلهم. فهل بعد كل ذلك يمكن أن يشكك أحد فى قدرة المصريين على عبور المأزق الراهن... هذا هو السؤال الذى ستجيب عنه الأيام بكلمة واحدة هى كلمة نعم! خير الكلام: أشد التعب تعب النفس وأصعب الأوجاع وجع الروح ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله