من حق شباب الأمة علينا وحق الأجيال القادمة أن تعى دون تعصب بعض الأضرار المهمة ذات العلاقة بتاريخها المعاصر.. باعتبار أن التاريخ وظيفة حضارية تتحرك من المستقبل وليس من الماضى الذى هو فى حقيقته مستقبل فات، وتأسيسا على ذلك فلا يجب النظر إلى الخامس والعشرين من ابريل من كل عام والذى تحل ذكراه الثالثة والثلاثون هذا العام على أنه اليوم الذى تحررت فيه سيناء كل سيناء عدا طابا من الاحتلال الإسرائيلى الذى ظل جاثما عليها منذ هزيمة يونيو عام 1967 فقط دون التعمق فيما سبقه من أحداث جسام حولت بالإرادة هذه الهزيمة إلى نصر. ومع اعترافنا بأنه ما من هزيمة تمت بطول التاريخ الإنسانى إلا واعتبرت ترجمة مادية لقصورها على المستوى الاستراتيجى القومى فليس هناك نصر إلا ووراءه معرفة شاملة بالخصم، وليست هناك هزيمة إلا ومن أسبابها قصور معيب به، ومن ثم واجهت مصر تلك اللحظات والدقائق التى تعتبر فى تاريخ الأمم نقطة تحول فى صنع أحداث هذا التاريخ، فكانت مرحلة الصمود من يونيو 7691 إلى أغسطس عام 8691، والتى تلتها مرحلة الدفاع النشط من سبتمبر 8691 إلى فبراير 9691 مرحلة الاستنزاف التى تعتبر بكل المقاييس حربا قائمة بذاتها من مارس 9691 وحتى 8 أغسطس عام 0791 عندما تم الاتفاق على وقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل لمدة 09 يوما. ولقد كان لكل مرحلة من تلك المراحل أهدافها وسماتها، لعل أبرزها معركة رأس العش الشهيرة فى أول يوليو عام 7691 والتى تلتها معركة اليومين اللذين اخافا المنتصر يومى 41،51 من نفس الشهر عندما توغلت قواتنا الجوية داخل سيناء لأول مرة بعد حرب 7691 حيث انزلت خسائر موجعة بأفراد ومعدات العدو الإسرائيلى حتى اهتزت الدنيا لنبأ اغراق بحريتنا للمدمرة الاسرائيلية إيلات يوم 12 أكتوبر 7691 ليبدأ بعدها زئير المدفعية المصرية فيما سمى وقتذاك بمعركة المدافع والتى ظلت مشتعلة حتى اقتحمت قواتنا قناة السويس يوم السادس من أكتوبر عام 3791 هادمة بذلك نظريات عتيدة ومستحدثة لقوانين واستراتيجيات جديدة. ولعلنا لاننسى فى خضم تواتر الاحداث ذكرى استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة بين جنوده وهو يتفقد الخطوط الأمامية لجبهة القتال يوم 9 مارس عام 1969 والذى اعتبر من يومها «يوم الشهيد» فكان نموذجا فذا للكبرياء الوطنى والقومى عبرت عنه وكالة يونايتد برس الأمريكية بقولها: «إن عبدالمنعم رياض ختم حياته على العهد به رجلا مخلصا لجنديته فى الخطوط الامامية لجبهة القتال بعد ان شارك فى عمل شبه مستحيل لإعادة بناء القوات المسلحة المصرية، وان مصر وإن فقدت فيه جنديا فقد كسبت به بطلا شعبيا». إننى على يقين تام بأن شعب مصر الصابر الصامد والحمول والذى خرج يومى 9، 10 يونيو عام 1967 رافضا الهزيمة ومرددا «حنحارب حنحارب» وشد الأحزمة على البطون على مدى سبع سنوات يعلم يقينا أنه يخوض حربا تستهدف حاضره ومستقبله ضد إرهاب جبان يرفض المواجهة ويسجل عملياته الخسيسة بالتصوير لكى يقبض باقى الثمن من أسياده، مستوعبا ان نتيجتها النهائية محسومة سلفا بحكم الامر الواقع والتاريخ، وانه كلما زادت عملياته.. التى أتوقع ان ينتهز فرصة عيد سيناء لكى ينفذها لإحباط المصريين، كلما زاد حجم كراهية المصريين وبغضهم له بدليل المظاهرات العارمة التى تخرج بعد كل عملية مقيتة تطالب بالقصاص. وشهداؤنا الابرار على امتداد تلك الملحمة النضالية والذين اعادوا لنا كبرياءنا الوطنى هم احياء عند ربهم يرزقون (صدق الله العظيم) اللواء د. إبراهيم شكيب