تؤكد القيادة السياسية دائما ضرورة مواجهة الفساد المستشرى فى العديد من مفاصل الدولة ، بحكم «التراكم» والترهل الذى اصاب العديد من المؤسسات ، حتى تعود الثقة المفتقدة بين المواطن وأجهزة الحكم ، والتى استمرت طوال العقود الماضية، حتى ان المواطن بات يتشكك فى كل شىء، ولم يشعر بعد بالتحول الذى حدث ومازال بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو، ولذلك لابد من تفعيل أجهزة مكافحة الفساد ، لخوض هذه الحرب مهما طال الوقت ، حتى يشعر المواطن بالانتماء، ويلمس الجهد المبذول حاليا من قيادات الدولة ، ومن هذه الادوات إضافة بعض الاحكام لقانون هيئة النيابة الادارية الجديد حتى يكتمل دورها فى مكافحة الفساد داخل دواوين الحكومة وكافة جهات الدولة الإدارية . يوضح مبررات ذلك المستشار محمد هشام مهنا النائب الاول لرئيس هيئة الادارية ، قائلا " لقد صدر قانون النيابة الادارية الحالى منذ عام 1954- وتم تعديله 1957، وقد كشف التطبيق العملى أن نصوص هذا القانون الذى مضى على العمل به اكثر من 60 عاما، أصبحت تضيق عن تلبية حاجات نظام قانونى للتحقيق والادعاء، يتضمن العدالة والسرعة والفاعلية، فى الكشف عن الحقيقة كما أصبحت هذه النصوص قاصرة عن مواجهة التطور الجذرى الذى لحق بالنظام الاقتصادى المصرى، وتحوله الى نظام الاقتصاد الحر، وهو ما قابله من ظاهرة تزايد العدوان على المال العام وإهداره ، مما يخل بخطط التنمية الاقتصادية، وتعثر المشروعات الاستثمارية، والمحصلة استشراء الفساد، ولذلك أطلق الدستور الحالى الصادر -2014- فى المادة -197- يد النيابة الادارية للتحقيق فى المخالفات المالية والادارية بدون أى قيد أو شرط ، كما منحها سلطة توقيع الجزاء فى المخالفات التى تحال اليها لتحقيقها، وكذلك إقامة الدعوى التأديبية أمام محاكم مجلس الدولة، وكذلك صدر قانون الخدمة المدنية الجديد رقم- 18- لسنة 2015- مانحا النيابة الادارية فى المادة – 57- منه الانفراد وجوبيا بتحقيق المخالفات التى يترتب عليها ضرر مالي، وكذلك المخالفات التى يرتكبها شاغلو الوظائف العليا. تدارك سلبيات مواجهة الفساد ويؤكد النائب الاول لرئيس هيئة النيابة الادارية ، لقد أصبح التعديل الجذرى للقانون رقم 17- لسنة 1958- بشأن النيابة الادارية أمرا حتميا تنسيقا لشتى احكام النيابة الادارية فى ضوء أحكام الدستور وقانون الخدمة المدنية الجديدين، لحماية المال العام أسوة بتشديد الحماية الجنائية عليه، وتوافقا مع الاتجاه العام لمكافحة الفساد وتداركا لاوجه القصور والسلبيات التى أسفر عنها التطبيق العملى لقانون النيابة، وأكتمال دورها فى مواجهة الفساد، ولذلك أرى أن يتضمن قانون هيئة النيابة الادارية الجديد مجموعة من الاحكام المستحدثة أهمها. أولا: توسيع اختصاص النيابة الإدارية حتى تمضى بفاعلية فى مهمتها من اجل الحفاظ على المال العام، وحمايته من العدوان عليه، وتحقيق مبدأ المساواة بامتداد ضمانات الحيدة والعدالة فى إجراءات التحقيق والادعاء الى اكبر عدد من العاملين المدنيين بالدولة، وذلك كما يقول المستشار محمد هشام شتا عن طريق امتداد اختصاص النيابة الادارية الى العاملين بجميع الجهات التى نصت المادة – 119- عقوبات على أن أموالها تعد من الاموال العامة ،لان حجب النيابة الادارية عن اكتشاف مواطن الانحراف والعبث باموال هذه الجهات يشكل قصورا كبيرا فى نطاق الحماية التاديبية لهذه الاموال العامة، التى تقوم جنبا الى جنب مع الحماية الجنائية، فلا معنى لان تفرض الدولة رقابتها على اموال هذه الجهات وتكشف مناقضات الجهاز المركزى للمحاسبات عن المخالفات الجسيمة التى تهدر المال العام، ثم يترك التحقيق فى هذه الامور الى ذات الجهة التى ارتكبت المخالفات لتقود التحقيق الى مسالك ودروب تعكس الحقيقة تواطئا أو اهمالا. إنفراض النيابة الإدارية ثانيا: انفراد هيئة النيابة الادارية وجوبيا بتحقيق المخالفات الخطيرة، وذلك حفاظا على المال العام ومساءلة المتسببين فى اهداره، مهما كان موقعهم من المسئولية وكذلك توفير ضمانة خاصة لشاغلى الوظائف العليا لضمان مساءلتهم بعيدا عن جهة الادارة، التى يختص فيها بالتحقيق معهم عاملين أقل منهم فى الدرجة الوظيفية فضلا عن تأثرهم بالتوجيهات التى يتلقونها من رئاستهم، الامر الذى رؤى معه تطبيق الاختصاص الوظيفى سالف الذكر، على جميع العاملين بجميع الجهات التى تعتبر أموالها عامة وفقا للمادة – 119- عقوبات. ولذلك فنحن نرى ضرورة النص على اختصاص النيابة الادارية بالتحقيق فى المخالفات العمدية وغير العمدية، التى يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية لاحدى الجهات الخاضعة لولاية النيابة الادارية أو المساس بمصالحها المالية والمخالفات التى تقع من شاغلى الوظائف العليا، وكذلك الجرائم الجنائية لخطورتها على المجتمع الوظيفى، كما نرى النص على اختصاص النيابة الادارية دون غيرها بالتحقيق فى المخالفة أو المخالفات التأديبية المرتبطة التى يشترك فى ارتكابها عاملون مدنيون تابعون لجهات متعددة ولو كان بعضهم قد استثنوا من الخضوع لولاية النيابة النيابة الادارية، وذلك حرصا على عدم تجزئة التحقيق وتعطيله، ومنعا للتضارب فى القرارات وإفلات المخالفين من الجزاء. المستشار محمد هشام