عندما يكتب أخ عن أخيه.. فإنه يمثل مرآة صادقة لواقعهما معا .. وإذا كان الشقيقان يسيران فى طريق الثورة من أجل الإصلاح.. فلا شك أن آثارهما ستظل ممتدة حتى ولو عبرا بحر الحياة إلى الشاطىء الآخر.. فماذا لو كتب شيخ مثل على عبدالرازق- صاحب الثورة الفكرية التى كانت وما زالت حديث علماء الدين ورجال السياسة من خلال كتابه «الإسلام وأصول الحكم»- عن أخيه الشيخ مصطفى عبدالرازق، تلميذ الإمام محمد عبده، وحامل لواء الإصلاح، ومشعل النهضة فى مصر والأزهر، والأستاذ بالجامعة المصرية، ووزير الأوقاف لنحو8 مرات متعاقبة، وكان أول أزهري يتولاها، وشيخ الأزهر الذى تعدل القانون من أجله؟ وماذا لو كتب عنه عميد الأدب العربى الذى عبر الشارع الغربى عائدا إلى راية عقيدته السمحة بعد ما أثار من ضجة فى كتابه «فى الشعر الجاهلى»وكأنه أراد أن يهز العقلية العربية سعيا للتفكير وأخذ الدور من أجل المشاركة فى قيادة قافلة الإنسانية؟ هؤلاء ثلاثة فرسان قاموا ذات يوم بدورهم فى الحياة الثقافية المصرية.. واليوم يطلّون علينا من خلال كتاب يجمع بين الجدة والطرافة والعلم والصحافة. وقد أحسنت هيئة قصور الثقافة صنعا حين أعادت طبعه، بعد صدوره للمرة الأولى عام 1957من خلال سلسلة ذاكرة الكتابة، بتقديم لرئيس تحرير السلسلة عبدالعزيز جمال الدين، يصف فيه الشيخ مصطفى بأنه من تيار يتتبع فكر محمد عبده الإصلاحي. وهكذا فإن الكتاب يعرّفنا بمصطفى عبدالرازق، وبما اشتهر به فى مجال الثقافة المصرية. الكتاب يحمل عنوان «من آثار مصطفى عبد الرازق».. وجمع فيه أخوه الشيخ علي عبد الرازق مجموعة من مقالاته التي نشرها في الجرائد والمجلات؛ مع مقدمة لطه حسين، وصدر في سنة 1377 ه = 1957م. ويقول طه حسين عنه: «كان شديد الإيثار للأناة، وكان لهذه الأناة أثرها فى كتاباته». كان الشيخ مصطفى نشيطا في الصحافة والسياسة.. وتتلمذ علي يديه نجيب محفوظ الذى أدرك أهمية العربية الفصحي في الكتابة بديلا عن العامية. وقد سافر شيخنا إلى فرنسا عام 1909م ودرس في جامعة السوربون، ثم جامعة ليون التي حاضر فيها في أصول الشريعة الإسلامية، وحصل على شهادة الدكتوراه برسالة عن «الإمام الشافعي أكبر مشرعي الإسلام»،.
الكتاب: من آثار مصطفى عبد الرازق المؤلف: على عبد الرازق الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة