يصادف هذه الايام مرور عام علي اندلاع الثورة السورية ولايزال المجتمع الدولي يتحاور حول امكان الحل.. في الوقت الذي تستمر فيه الآلة العسكرية لنظام الأسد في عمليات قتل الابرياء دون هوادة. ورغم التحركات السياسية التي تقوم بها جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي وآخرها خطوة سحب سفراء دول المجلس الست من دمشق والتي يصفها الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني بانها تظهر رفضا لتمادي النظام السوري في القتل والتنكيل بالشعب السوري وايضا مهمة المفوض الدولي العربي كوفي أنان بدمشق للتوصل لتسوية الازمة إلا ان جميع هذه الحلول لم تنجح, الامر الذي ادي الي استمرار تداعيات الازمة مع مراوغة الاسد.. فماهي الخيارات المتبقية للتعامل مع هذه الازمة؟ بداية يقول مصدر مطلع للأهرام لقد قدمت الثورة السورية في عامها الاول نحو8500 شهيد معظمهم من المدنيين.. وقد شهدت الأونة الاخيرة ثلاثة اجتماعات متزامنة لانقاذ الشعب السوري.. ففي القاهرة' الاجتماع الوزاري العربي بحضور وزير خارجية روسيا صاحبة الفيتو في مجلس الامن' وفي كوبنهاجن' الاجتماع الوزاري الاوروبي لفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية علي هذا النظام الدموي'.. وفي دمشق' لقاء كوفي أنان المبعوث الدولي العربي مع رئيس النظام السوري لحثه علي وقف العنف' بعد ان فقد المجتمع الدولي السيطرة علي هذا الملف واخذ حل الازمة منحي جديدا سلميا وبالحوار يبتعد عن التدخل العسكري. واضاف قائلا ورغم تعديل روسيا والصين لموقفيهما حيال الازمة الا ان الاصعب قادم انتظارا لنتائج مهمة أنان الصعبة. وكان أنان قد عرض أخيرا امام مجلس الامن نتائج زيارته لسوريا ووصفها بانها مخيبة للآمال وقال انه سيوفد فريقا فنيا لدمشق لبحث اقتراح بنشر مراقبين دوليين في المدن السورية ووقف القتال وصولا لحل سلمي للازمة والسماح بدخول المساعدات الانسانية لاكمال العملية السياسية.. ويعني ذلك ان الاتجاه العام الدولي يسير نحو اعطاء أنان كافة الصلاحيات والمساحة للعمل علي ايقاف العنف ووقف المذابح وقتل المدنيين السوريين وايصال المساعدات الانسانية لهم وان الدول الاعضاء بمجلس الامن لديها مخاوف من اي تحركات خاطئة قد تؤدي الي دفع سوريا الي حافة الحرب الاهلية.. الازمة السورية وتداعياتها كانت محور لمباحثات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مع امير دولة قطر الشيخ حمد ال خليفة الذي قام بزيارة خاطفة للرياض أخيرا وايضا كانت محل انتقاد سعودي للموقف الروسي الذي اتهم السعودية بدعم ماوصفه بالارهاب في سوريا! وردت الرياض بان التاريخ سيشهد علي من هم الارهابيون ومن وراءهم وقولها ان الاتهامات الروسية مبنية علي افتراضات خاطئة. وتجدر الاشارة هنا الي ان وزراء خارجية التعاون الخليجي كانوا قد رفضوا' قبل الانتقاد السعودي البيان الروسي' استقبال لافروف في الموعد الذي حدده في7 مارس بالرياض اظهارا لاستياء سعودي خليجي من موقف روسيا الاخير ضد القرار العربي الدولي في مجلس الامن واستخدامها لحق الفيتو. الصين ايضا بدأت تتحرك علي ذات الخط الروسي في محاولة لتوضيح موقفها المساند للنظام السوري حيث تزامن ذلك مع لقاء مساعد وزير الخارجية الصيني تشانج مينج يوم11مارس مع نائب وزير الخارجية السعودي الامير عبدالعزيز بن عبدالله, كما التقي مع الامين العام لمجلس التعاون عبداللطيف الزياني بالرياض. وعلي الفور تزامنت الزيارة بتعديل الصين موقفها من الازمة واصدرت بيانا اسوة بموسكو باعلان دعمها لقرار المجلس الوزاري العربي الذي دعا الحكومة السورية والمعارضة إلي التعاون مع الأممالمتحدة ومع جهود وساطة الجامعة العربية. ويتضح من ذلك كله انه وعلي الرغم من القرار المجحف الذي اتخذته كل من الصين وروسيا في مجلس الأمن إلا أن كلتا الدولتين تستشعران أنهما عرضتا مصالحهما في المنطقة للخطر, ومن هنا نشط التحرك الدبلوماسي لكلتا الدولتين وهو نشاط يستهدف محاولة الحفاظ علي مصالحهما خاصة في دول مجلس التعاون ويكشف عن ارتباك في السياسة أو عن غياب الرؤية التي يمكن لها أن تحمي مصالحهما. وعلي الرغم من كل هذه الاجتماعات المتلاحقة ومهمة أنان بدمشق الا ان مصدر مطلع يري ان التدخل الدولي حتي ولو كان خارج اطار مجلس الامن كما حصل في كوسوفو سابقا عبر فرض المناطق الامنة وفرض حظر جوي جزئي فوقها ثم توجيه ضربات جوية لاهداف محددة لحماية المدنيين السوريين يبقي هو الحل, ويجب علي الجامعة العربية ان تستمر في دورها الريادي عبر الضغط في مجلس الامن للموافقة علي حماية المدنيين السوريين او التحرك عبر غطاء المجموعة الدولية لاصدقاء الشعب السوري التي عقدت في تونس الشهر الماضي وركز علي القضايا الإغاثية والانسانية لإنقاذ السوريين بشكل عملي. ويستبعد مصدر دبلوماسي آخر الخيار العسكري ويقول لعل اكبر دمار لحق بنظام الاسد حتي الان هو الدمار الاقتصاديويري ان المشكلات الاقتصادية ربما تكون افضل وسيلة علي المدي الطويل ونأتي الي الاجتماع الخليجي الاخير بالرياض الذي ناقش موضوعات مهمة اخري بجانب الازمة السورية ومن بينها موضوع القمة العربية رغم انه كان غير مدرج علي جدول الاعمال وهو المتعلق بمشاركة دول مجلس التعاون في هذه القمة المقررة29 مارس الحاليحيث تم الاتفاق علي المشاركة الخليجية بهذه القمة تنفيذا لقرار الجامعة العربية الا ان مستوي التمثيل للمشاركة يتوقف علي ان تراجع العراق مواقفها تجاه ايران الداعمة للنظام السوري ونظام بشار بالطبع لن يشارك في هذه القمة باي مستوي تنفيذا لقرار الجامعة العربية وبالطبع ستسيطر الازمة السورية علي مجريات اعمال القمة التي من المتوقع ان تشهد مستوي تمثيل خليجي منخفض خلالها وستكون الموضوعات المطروحة امامها موضوعات توافقية وستستبعد اي موضوعات او قضايا خلافية.