منذ عدة أيام، قام المهندس إبراهيم محلب، بطرح فكرة "التوقيت الصيفي" للحوار المجتمعي، حيث جعل الفكرة قابلة للنقاش من خلال موقع إليكتروني، متاح للمواطنين، يتم تسجيل بيانات كل مواطن عليه، الاسم والرقم القومي والمهنة، ثم يقوم المواطن بالإدلاء برأيه، سواء بالرفض أو الموافقة على فكرة التوقيت الصيفي. ومن خلال مناقشتي مع كثيرين على مدار اليومين الماضيين، وهي نسبة لا نستطيع أن نعتبرها أغلبية، أكدوا رفضهم لفكرة التوقيت الصيفي. وأرجعوا الأمر، لأسباب كثيرة أهمها، أننا مقبلون على شهر رمضان، ولا يصح العمل بالتوقيت الصيفي، ثم إلغاءه في رمضان، فالصوم عبادة ولا ينبغي أن نقلل من ساعاته، لأنه عبادة مهما طال وقته. وآخرين، كان لهم رأيا مختلفا، إذ ذكروا أننا مقبلون على امتحانات الثانوية العامة، الأمر الذي لابد أن لا يكون فيه "إرباك" لعقول الطلاب وتغيير مواعيد دروسهم. وهناك من لم يقتنع بفكرة ترشيد الكهرباء، قائلا: هذا وهم أن نفكر هكذا، فالساعة لن تقدم أو تؤخر شيئا... وطالبت الأكثرية، بأن تظل الساعة على ما هي عليه! تاريخيا... بنجامين فرانكلين، أمريكي، هو أول من طرح فكرة التوقيت الصيفي عام 1784، من خلال عمله كمبعوث أمريكي إلى فرنسا، وهو صاحب المثل الشهير في الحث على النوم مبكرا والاستيقاظ مبكرا والذي يقول: " الذهاب للفراش مبكرا والنهوض منه مبكرا يجعل الإنسان صحيح البدن سليما معافى، وثريا، وحكيما". "Early to bed, and early to rise, makes a man healthy, wealthy and wise" حيث فكر فرانكلين، عام 1786 في أن الباريسيين بإمكانهم توفير الشموع إن استيقظوا مبكرا عن المعتاد لاستغلال ضوء الصباح. ولاقى ذلك استهجانا وسخرية، فلم يكن الأوروبيون آنذاك يهتمون بدقة الوقت وجدولة الأعمال مثلهم في ذلك مثل الرومان القدماء أيضا. واقترح إيقاظ العامة بإطلاق المدافع وقرع أجراس الكنائس وتقنين عدد الشموع، إلا أنه سرعان ما تغيرت نظرة الأوروبيين للأمر مع دخولهم عهد السكك الحديدية وشبكات الاتصالات. وقد اقترح التوقيت الصيفي، لأول مرة عالم الحشرات النيوزلندي جورج فيرنون هدسون، حيث منحته جهة عمله وقتا قصيرا لجمع الحشرات فعلم قيمة ساعات النهار في الصيف.. وفى عام 1895 قدم ورقة لجمعية ولنجتون الفلسفية يقترح فيها تحويل الساعة بإضافة ساعتين إليها، وبعدما حظي الاقتراح بالاهتمام في نيوزلندا أتبعها بورقة أخرى عام 1898. بعض المصادر تنسب خطأ اختراع التوقيت الصيفي إلى الإنجليزي الرحالة ويليام ويليت، الذي فكر في توقيت صيفي عام 1905 في نزهة له قبل الإفطار حيث اكتشف أن كثيرا من اللندنيين ينامون لقسم كبير من النهار في أيام الصيف.. وضايقه اضطراره إلى الانتهاء من مباريات الجولف عند الغروب، حيث كان يهوى لعبة الجولف، لذلك فكر في تحويل الساعة خلال أشهر الصيف وهو الاقتراح الذي قدمه ونشره بعد ذلك بعامين.. ولم ينجح في مسعاه في المملكة المتحدة حتى وفاته عام 1915. لكن ألمانيا وحلفاؤها في الحرب العالمية الأولى ومستعمراتهم كانوا أول الدول الأوروبية التي تستعمل اختراع ويليت، وبدأته في 30 أبريل 1916.. كوسيلة من أجل توفير الفحم خلال فترة الحرب. وسرعان ما لحقت بهم بريطانيا ومعظم حلفائها والكثير من الدول الأوربية المحايدة.. وانتظرت روسيا وقليل من الدول الأخرى حتى العام التالي لتطبق ذلك.. وطبقته الولاياتالمتحدة عام 1918 ومنذ ذلك الحين شهد العالم سن قوانين وإجراء تعديلات وإلغاء وإبطال لهذا النظام. وللتوقيت الصيفي فوائد تكمن في عدم إضاعة ضوء شمس الصباح.. فالهدف هو إيقاظ الناس مبكرا، وتقليل استعمال الكهرباء في المساء وبالتالي، توفير استخدام الطاقة. لكن وفقا للدراسات، فإن نسبة ما يتم توفيره من الطاقة ضئيلة جدا حيث تتراوح ما بين ½% أو ¼% بتفاوت البحوث والدراسات البريطانية والأمريكية التي تحدثت بهذا الصدد. وللتوقيت الصيفي أيضا بعض المساوئ، فتحويل الساعة قد يضر بالنوم بشدة ويسبب اضطرابات النوم لما له من تأثير على اضطراب الساعة البيولوجية للإنسان. وقد أثبتت دراسة سويدية في عام 2008 أن الإنسان يكون أكثر عرضة (للسكتات القلبية) في الأسابيع الأولى من الربيع أي بعد بدء تطبيق التوقيت الصيفي، وتقل النسبة إلى أدنى مستوياتها في الأيام الأولى من الخريف أي بعد انتهاء التوقيت الصيفي. ومن سلبيات التوقيت الصيفي، أنه يسبب إضاعة الوقت في تغيير كل الساعات الميكانيكية التي لا تتغير تلقائيا، وبالتالي يسبب تعقيدات خصوصا للمسافرين في مناطق زمنية مختلفة، مما يسبب ارتباك واضطراب اللقاءات والمقابلات والأسفار والإذاعات والسجلات والمصارف وأنظمة الدفع. وبعض أجهزة الحاسوب تغلق نفسها أو تقوم بعمل إعادة بدء (ريستارت) عند بدء التوقيت الصيفي وبعض الأجهزة الطبية قد تضر المرضى خلال ذلك أيضا. في بعض الدول الإسلامية، يُترَك التوقيت الصيفي مؤقتاً أثناء شهر رمضان، لأنَّ استخدامه، سيؤجّل وجبة الفطور للصَّائمين. ويتمّ العمل بهذا الأمر على الأقلّ في المغرب وفلسطين، ويمثّل هذا أحد أسباب عدم استعمال معظم الدول الإسلامية للتوقيت الصيفي، إلا أنَّ بعض الدول، كإيران، تبقي بالمقابل على التوقيت الصيفي حتى خلال رمضان. وبالنسبة لمصر، فقد تم إلغاء العمل بالتوقيت الصيفي في 20 أبريل عام 2011 من قبل حكومة عصام شرف.. ثم تقُرر إعادة العمل به مرة أخرى قبيل انتخابات رئاسة الجمهورية 2014 بناء على قرار مجلس الوزراء بتاريخ 7 مايو 2014 وذلك اضطراريا، بسبب أزمة الطاقة المتكررة وانقطاع التيار الكهربي، مشيرة إلى أن القرار سيدخل حيز التنفيذ في الخامس عشر من مايو 2014 "كوسيلة للتقليل من استهلاك الكهرباء" على أن ينتهي بالخميس الأخير من سبتمبر مع استثناء شهر رمضان كونه يقع خلال فصل الصيف ولتقليل مدة الصوم. من قلبي: أشكر المهندس إبراهيم على طرح هذه الأفكار للنقاش المجتمعي، وأتمنى أن يكون هذا هو الحال في جميع الأمور والقضايا التي تهم المجتمع، على أن يؤخذ برأي الأغلبية والعامة في هذا الشأن خاصة أن هناك من القضايا على نفس القدر من الأهمية التي لابد أن تطرح للنقاش، مما يسهم بدوره في رفع وتنمية المجتمع... اللهم أصلح هذا المجتمع وأحفظ مصر إن شاء الله! [email protected] لمزيد من مقالات ريهام مازن