ولو أني لا أعمد للمقارنة الا بين وحدات سياسية متكافئة، فانني ومن زاوية واحدة فقط أريد مقارنة موضوع النظام الحزبي ثنائي القطبين، والآخر متعدد الأقطاب، في كل من مصر وبريطانيا !! بريطانيا تقليدياً وتاريخياً تدير حياتها السياسية حول قطبين هما حزب العمال وحزب المحافظين..وقد بدأ حزب الليبراليين الديمقراطيين يدخل الي الساحة بشكل مؤثر، لابل وبات جزءاً من التحالف الحاكم الآن (ديفيد كاميرون زعيم المحافظين ونيك كليج زعيم الليبراليين الديمقراطيين) والي جوار تلك الأحزاب الثلاثة هناك مئات..أكرر مئات الأحزاب التي اتسع تكوينها ليسمح بظهور حزب للخبل Loony party بقيادة قطب الاعلانات لورد ساتشي، ولكن- في النهاية- اختزلت اللعبة نفسها الي ثلاثة رءوس هي في حقيقتها اثنان، الا أنه في الانتخابات البريطانية العمومية القادمة (مايو) غيرت المعادلة وصرنا أمام وضع تتعدد فيه الأقطاب السياسية الحزبية ويضم (ديفيد كاميرون للمحافظين واد مليباند للعمال ونيك كليج لليبراليين الديمقراطيين ونيكولا ستورجين للحزب القومي الأسكتلندي ونايجل فاراج لحزب الاستقلال اليميني المتطرف وناتالي بينيت للخضر وستورجن وود لحزب ويلز)..يعني هناك تعددية فرضتها متغيرات أولها شدة الأستقطاب بين اليمين (الاستقلال) واليسار (الخضر والحزبين القوميين في ويلز واسكتلندا)، ولم يك ذلك الاستقطاب نظرياً افتراضياً وانما جاء لأن هناك أسئلة متعلقة بالخروج من الاتحاد الأوروبي، وبالرغبة في تحقيق الأماني القومية في ويلز واسكتلندا، وصعود اليسار في مواجهة الثقافة اليمينية ومعاداة الأجانب، وكلها تحتاج الي اجابة ولن يكون ذلك الا بتوسيع مروحة تعدد النظام الحزبي. أما في مصر فان التعدد الحزبي العشوائي والكيانات التنظيمية منعدمة الشخصية والأيديولوجية والأساس الاجتماعي والمصالحي التي تزدحم بها الساحة تفرض اعادة النظر (علي عكس بريطانيا) للانتقال من وضع التعدد الي وضع الثنائية، لأن هذا ما تفرضه مرحلة النمو، ومدي شعبية الأحزاب، أو قدرة قياداتها علي التأثير. الناس لا يعنيهم حزبين أو خمسين، ولكن يهمهم من يحقق مصالحهم وأفكارهم كما يبغون التخلص ممن احترفوا ثقافة ازهاق أنفاسهم بوجوه علي الشاشات والساحات كأصداغ اللفت التي تطرح نفسها قيادات للعملية الحزبية. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع