"إندونيسيا دولة ديمقراطية تحترم سيادة القانون .. وكل من يخالف وينتهك القانون يطبق عليه القانون"... بهذه الكلمات الحاسمة دافع الرئيس الإندونيسى جوكو ويدودو بقوة عن حق بلاده فى تنفيذ عقوبة الإعدام بحق أستراليين متهمين بتهريب المخدرات إلى إندونيسيا، رغم المعارضة الشديدة التى واجهتها بلاده من أستراليا وتهديدات رئيس الوزراء الأسترالى تونى أبوت بقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إذا نفذت جاكرتا أحكام الإعدام ضد رعاياها، فضلا عن إدانة منظمة العفو الدولية الشديد لقرار الإعدام وزعمها أنه انتهاك صريح لحقوق الإنسان. وفى تحد دولى صريح من أجل إنفاذ القانون، أعلن المحامى العام الإندونيسى الأسبوع الماضى بالفعل أنه سوف يتم إعدام 10 مدانين بجرائم مخدرات دفعة واحدة، من بينهم المواطنون الأستراليون ، وذلك بعد أن رفضت المحكمة فى جاكرتا آخر الطعون المقدمة ضد إعدام الأستراليين أندرو تشان وميوران سوكوماران، واللذين طعنا فى رفض الرئيس الإندونيسى للعفو عنهم. وحاولت أستراليا مرارا وقف تنفيذ عقوبة الإعدام لمواطنيها وعرضت مقترح تبادل السجناء الإندونيسيين فى أستراليا، إلا أن السلطات الإندونيسية رفضت هذا العرض لعدم وجود مرجعية قانونية لهذا التبادل المقترح. وكانت هذه هى المحاولة الثانية من نوعها من جانب أستراليا لوقف تنفيذ الإعدام، فقد سبق أن عرضت وزيرة الخارجية الأسترالية جولى بيشوب على نظيرها الإندونيسى رتنو مرصودى فى وقت سابق تسليم إندونيسيا ثلاثة من مواطنيها المسجونين لديها مقابل تسليم الأستراليين المحكوم عليهما بالإعدام. وقد دافعت إندونيسيا بقوة عن حقها فى تنفيذ عقوبة الإعدام بعد أن سحبت كل من هولندا والبرازيل سفيريهما من جاكرتا احتجاجا على إعدام مواطنيهما. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الإندونيسية إن سحب الدول سفراءها أمر طبيعي، لكن إندونيسيا تصر على تطبيق القانون لأنه تم اتباع جميع الإجراءات القانونية فى التعامل مع المتهمين . يأتى الموقف الإندونيسى الصارم فى وقت تؤكد فيه الإحصاءات أن تعاطى المخدرات يتسبب فى مقتل 40 شخصا فى المتوسط فى إندونيسيا يوميا، ومن المتوقع أن يصل عدد مدمنى المخدرات إلى 5،8 مليون شخص هذا العام، أى أن مشكلة المخدرات فى إندونيسيا وصلت مرحلة لا تحتمل السكوت، وهو ما يتطلب من الدولة رفض منح العفو عن المدانين والمتورطين فى جرائم المخدرات، بل واستبعاد الرأفة تماما عند التعامل مع مهربى المخدرات المحكوم عليهم بالإعدام، وفى هذه الحالة يجب أن يكون تنفيذ القانون أوقع وأولى من الاهتمام بالعلاقات الدبلوماسية. وهكذا، تطبق الدول قوانينها وتحافظ على سيادتها واستقلال قراراتها وأحكامها القضائية، ولا مجال هنا لأى اعتبارات أخري، أو أى تدخلات خارجية.