تأتى أهمية ملتقى القاهرة الدولى الأول لفن الخط العربى الذى أقامه قطاع صندوق التنمية الثقافية بالتعاون مع النقابة العامة للخطاطين، فى نهاية الشهر الماضى أنه جاء فى توقيت يموج بالصراعات الإقليمية والدولية، ونحتاج فيه الى ابراز الهوية العربية كاحدى دعائم الصمود أمام هذه الصراعات الذى تكاد رياح التغيير تعصف بها ، استضاف الملتقى 13 دولة من انحاء العالم بمشاركة 107 خطاطين ، 82 خطاطا مصريا و25 خطاطا عربيا واجنبيا بعدد لوحات 255 لوحة فى جميع انواع الخط العربى المختلفة مابين فرع التيار الأصيل وفرع الاتجاهات الخطية الحديثة وفرع التيار الجرافيكى والطباعة الرقمية الثقافة المصرية كانت وستظل قاطرة للتقدم والرقى فى مختلف مجالات الفنون، ومن هنا تأتى ضرورة اطلاق هذا الملتقى من القاهرة حيث يأتى الخط العربى فى مقدمة الفنون الراسخة باعتباره أحد أهم مكونات الهوية العربية والإسلامية الأصيلة القادرة على التواصل مع الآخر. كرم المؤتمر كلا من الأديب محمد المر «ضيف شرف الملتقى» رئيس المجلس الوطنى الاتحادى لدولة الإمارات العربية المتحدة وتسلمها نيابة عنه سعادة نائب السفير خليفة الطنيجى نائب سفير دولة الإمارات العربية المتحدة، والأستاذ الدكتور عبد الله فتينى «ضيف شرف الملتقى»- المملكة العربية السعودية، الأستاذ الدكتور راشد دياب «جمهورية السودان»، والأستاذ الدكتور عبد الرضا داود بهية «دولة العراق»، والفنان الكبير والأستاذ محمد حمام «مصر»، والفنان الكبير والأستاذ محمود إبراهيم سلامة ( 96 عاما ) «مصر» . ثم أعلنت جوائز الملتقى كالتالى: أولاً : فرع التيار الأصيل : الجائزة الأولى : الفنان السكندرى محمد أبو الأسعاد «مصر». الجائزة الثانية : الفنان محمد أشرف هيرا «باكستان» تسلمها نيابة عنه الدكتور أحمد أشتياق المستشار الثقافى لسفارة باكستان. الجائزة الثالثة: الفنان مصطفى خضير مصر تسلمها نيابة عنه الأستاذ انور الفوال . ثانياً: فرع الاتجاهات الخطية الحديثة: الجائزة الأولى : العمل الجماعى ل هبة الله أمين – فاطمة الزهراء مجدى – محمد محفوظ «مصر». الجائزة الثانية : الفنان عقى حميدى المغرب تسلمها نيابة عنه الدكتورة سلمى بنيامينة المستشار الثقافى لسفارة المغرب. الجائزة الثالثة : الفنان محمود جعفر «مصر» . ثالثاً : فرع التيار الجرافيكى والطباعة الرقمية: الجائزة الأولى : الفنان محمد حمدى صلاح الدين العقاد «مصر». الجائزة الثانية : الفنان مؤمن الشرقاوى «مصر» . الجائزة الثالثة : الفنان عبد اللطيف كلوب «مصر». بدأت الاحتفالية بعرض الفيلم التسجيلى «تجليات الخط العربى». فى أولى ندوات الملتقى التى رأسها الفنان فكرى سليمان، عرض الفنان صلاح عبد الخالق ورقته عن «مسجد السلطان حسن.. جامعة فنون إسلامية وأخطاء المرممين فى كتاباته» و أوضح أن سبب البحث هو زيارة قام بها إلى المسجد و لاحظ العديد من الأخطاء فى الآيات القرآنية الناتجة عن عمليات الترميم ، وقام بعرض صور لهذه الأخطاء وكيف تم إصلاحها، وفى بحث عن «أثر الخط العربى فى جماليات العمارة الإسلامية ... كسوة الكعبة المشرفة مثلاً» تحدثت الدكتورة نفين محمد خليل عن أثر كتابة القرآن الكريم باللغة العربية وكيف ساعد ذلك على بقائها وانتشارها كل هذه القرون، وأوضحت أنها اختارت «كسوة الكعبة» كمثال لجمليات العمارة الإسلامية لما لها من قدسية لدى الجميع، ثم شرحت مراحل تصنيع الكسوة، احتفاليتها، وتاريخ صناعتها منذ الفاروق عمر بن الخطاب حتى عام 1962 ، وأوصت بضرورة توثيق الزخارف الإسلامية على كسوة الكعبة فى كتاب موثق بالصور، وعودة حصة وكراسة الخط العربى فى المدارس وتعيين مختصين لفنون الخط العربى بالمدارس. وتحت عنوان «دراسة تحليلية لمختارات من الأعمال التراثية المعدنية التى تعتمد على الخط العربى» قدم الدكتور كرم مسعد بحثاً مشتركاً مع الدكتورة تغريد محمد إبراهيم تناولا فيه أشكال الكتابة عبر مراحلها التاريخية الطويلة وصولاً للشكل الحالى، وقاما بعرض نماذح لتشكيل المعادن باستخدام فنون الخط العربى، وكيف تمكن فنانو الخط من طبع لوحات فنية ظلت عصور طويلة على معادن صلبة مثل السيوف والأباريق وصناديق المجوهرات. واختتمت الأبحاث ببحث بعنوان «جماليات الخط العربى وزخارف التوريق فى العمارة الإسلامية بالأندلس .. قصر الحمراء مثالاً» للدكتورة نهى سيد محمد عفيفى التى أكدت فى البداية أن العمارة الإسلامية لم تأخذ حقها فى النقد والدراسة مثل باقى الفنون الأخرى، وأوضحت أن قصر الحمراء بغرناطة يشهد على عظمة الإسلام فى فترة تاريخية مهمة. فى ثانى الندوات بقاعة السينما بقصر الفنون بساحة دار الأوبرا عقدت ندوة «للتعريف بالمدارس المختلفة فى مجال الخط العربى» أدارها دكتور راشد دياب. تحدث الدكتور محمد العربى عن «المدرسة الحروفية كمدخل لتنمية الابداع فى التعبير الفنى» موضحاً أن اختيار مدرسة الحروفية كمجال خصب يعطى حرية للطالب فى الاٍسهاب فى الاٍبداع فى مجال الخط العربى أما الدكتورة هبة عكاشة تحدثت عن استخدام الخط العربى فى طباعة المنسوجات فى الفنون التطبيقية. وتحدث الدكتور فوزى اٍبراهيم عن الكتابة العربية فى الفن التشكيلى المعاصر وعن قداسة اللغة العربية وربطها بالقرآن، فالفنان العربى يتناول الخطوط العربية كالعابد فى المحراب. واختتمت الأبحاث ببحث بعنوان «القيم الجمالية فى الخط العربى وأثرها فى الفن المعاصر» الذى أوضح خلاله الدكتور أحمد الأبحر وجود الخط العربى فى أوروبا منذ ما يقرب من ألف عام، من خلال الحضارة الإسلامية فيها، إضافة إلى التطور الذى لحق به. فى اليوم الثالث ترأس الجلسة الدكتور مصطفى عبد الرحيم الذى أشار إلى أهمية تسليط الضوء على واحد من أهم الفنون، وفى بداية بحثه تحت عنوان «الخط فى اللوحة التشكيلية» استهل الدكتور راشد دياب حديثه بعرض المدارس المختلفة فى الخط العربى منذ نشأته ومروراً بمراحل تطوره ، واستعرض أهم أعلام فنونه ومدرسة كل منهم فى تشكيل وصياغة وإضافة منظورهم الفلسفى والجمالى. و تحدث الدكتور محمد رطيل عن أهم «مشكلات الخط العربى» قائلاً «ان هذا المؤتمر كنا نأمله منذ فترة كبيرة»، كما تحدث عن أهم المشكلات التى تواجه هذا النوع من الفنون وكيفية معالجتها وأهمية تربية النشء على اتقانه وتعلمه. وفى بحث عن «موسيقى الخط العربى عند أبى حيان التوحيدى وعلاقته بالأدب العربى القديم» وصف الفنان محمد بغدادى الخطوط العربية وطريقة كتابتها من خلال دراسات عدة أجراها «التوحيدى» الذى يُعد أحد أهم أعمدة الخط العربى القديم، لوضعه أسس جماليات الخط العربى، واكمل بغدادى حديثه بالمراحل التى شملت تطور فنون الخط العربى وصولاً إلى عصرنا الحديث ما أتاح للفنان التشكيلى اٍدخاله فى العديد من اللوحات الفنية. واختتمت الدكتورة أمنية عامر الجلسة ببحث عن «الكتابة العربية بين التوثيق والجماليات» .. أوضحت خلاله أن الخط العربى أداة أساسية من أدوات دراسة الأشكال المختلفة قبل أختراع الطباعة، مشيرةً إلى أن العرب فى الجاهيلة عرفوا الكتابة فهناك العديد من النقوش تثبت ذلك والتى ظهرت فى شبه الجزيرة العربية، وأضافت أن الرسول (ص) لم يكتف بحفظ الصحابة لآيات القرآن الكريم بل أمرهم بكتابتها. وفى اليوم الرابع فى آخر جلسات الملتقى والتى أدارها الدكتور أحمد الأبحر، تحدث الفنان خالد محيى الدين الحسينى عن «مشكلة تحسين الخطوط» أسباب سوء الخطوط لدى الأطفال والشباب، وحدد الأصل فى المشكلة، وكيفية التغلب عليها من خلال تقسيم الحروف فى أثناء التعليم إلى مجموعات متشابهة يسهل تعلمها، كما عرض خلال البحث لبعض نماذج التدريب على الكتابة والأخطاء المشتركة بين المتدربين وكيفية تعديلها. وفى بحثه عن «إشكالية كتابة الياء وكيفية حلها» أكد الدكتور أشرف كحلة وجود مغالطة كبيرة عن وجود طريقة «شامية» فى كتابة «الياء» بوضع نقطتين أسفل الياء، وأن الأصل فى الكتابة هى «الياء» غير المنقوطة، مؤكداً ما توصل إليه بطريقة كتابة حروف القرآن الكريم، ونوه إلى أن هذه القضية سوف تؤثر فى المستقبل على طرق الكتابة وطرق القراءة. وعن «كيفية النهوض بمنظومة الخط العربى» أكد الفنان فكرى سليمان أن هذا الملتقى جاء فى وقته لإنقاذ الخط العربى مما طاله منذ سنوات طويلة من إهمال بيّن للجميع، وأوضح أن الخط العربى يحتاج إلى أن تُبعث فيه الروح من جديد فى ظل الحروب الممنهجة التى تُمارس للقضاء عليه، ونوه إلى الإهمال الذى يلقاه الخط العربى فى المدارس من عدم وجود متخصصين أو حصص للخط العربى، إضافة إلى عدم وجود مقر دائم لنقابة أو لجمعية الخطاطين إلى الآن، وطالب بتعاون وتكاتف جميع الفنانين بالنقاش الدائم حتى يتم حماية الخط العربى، وتمنى أن تكون توصيات الملتقى ملزمة للدول والمؤسسات للاهتمام بالخط العربى، كما تمنى أن تعى وزارة التربية والتعليم دورها فى إحياء اللغة العربية وتحسين الخط العربى . وقد لاقى الملتقى اقبالا جماهيرا غفيرا من المسئولين والفنانين والمهتمين بفن الخط العربى وكان لشباب مجلس النقابة العامة للخط العربى الفنانين احمد ِشركس وانور الفوال ورضا الانور وخالد مجاهد ومحمد العربى الأثر الكبير فى انجاح هذا الملتقى التاريخى بالتعاون مع فريق عمل صندوق التنمية الثقافية نجاة فاروق وسحر معتمد وايمان عقيل وعلاء شقوير واحمد بلال وطارق سامى ومحمد البنان .