ما الذي يحدث داخل أروقة الجامعة الألمانية بالقاهرة.. فالجامعة اليوم لم تعد جامعة الأمس.. وما حجم كل هذا الإهمال الذي تكشف ويزداد يوما بعد يوم؟ تفجرت هذه الأحداث، عقب حادثة مقتل الطالبة، يارا طارق نجم، بالفرقة الأولى بهندسة الجامعة الألمانية، بعد أن دهسها سائق الأتوبيس، الذي يقل الطلبة من الجراج الموجود بالحرم الجامعي، (أخطر ما في الأمر هنا أن الحادث وقع داخل الجامعة، وليس في الشارع، فإذن أين أمن وسلامة الطلاب؟).. يروي زملاء الطالبة، الذين رأوها بأم عينهم، أن يارا كانت تجري و"تتنطط" وسط أصدقاءها وزملاءها، قبل الذهاب للحاق بأتوبيس الجامعة، في تمام الرابعة مساءا، وكانت تقف خلف الأتوبيس وسط أقرانها، يستعدون للعودة لمنازلهم.. وفوجئ زملاء يارا، بسائق الأتوبيس يرجع إلى الخلف صادما الطالبة، التي سقطت تحت العجلات، وصرخ زملاؤها فور رؤيتها ملقاة على الأرض، غارقة في دماءها!! ظلت يارا غارقة في دماءها، دون تقديم أي إسعافات أولية من الجامعة، (ولا أعلم ألا توجد عيادة أو أطباء أو حتى سيارة مجهزة للإسعافات الأولية بالجامعة؟) ألم تكن هناك وسيلة للسيطرة على مكان تدفق الدم، ولكن علمنا من الطلاب أن أحد المسئولين، الذي حضر لمكان الحادث عند وقوعه، قد طلب من زملاءها ألا يلمسوا الطالبة حتى تأتي سيارة الإسعاف وتقلها للمستشفى، وجاءت السيارة (بعد حوالي 15 دقيقة) وأقلتها إلى المستشفى الجوي بشارع التسعين، إلا أن يارا بعد أن وصلت، كانت قد فارقت الحياة. فأي إهمال أكبر من هذا؟؟؟ وهنا نسأل الأب الراعي المسئول عن رعيته، الدكتور أشرف منصور، هل تعتقد أن المسئولية تقع وحدها على السائق الذي قمت بتسليمه للشرطة للتحقيق معه؟ ألا تعتقد أن إدارة الجامعة تتشارك المسئولية في هذه الواقعة؟ من وجهة نظري، نعم، تتشارك يا دكتور، لماذا؟ لاختياركم عناصر ليست مؤهلة أو على درجة عالية من الكفاءة، ولا ترقى لجامعتكم الموقرة، فٌإذا كان يعلم هؤلاء معنى أمن وسلامة طلاب الجامعة، لما وقعت هذه المصيبة!!! الجامعة الألمانية، لمن لا يعرف، هي ثاني أكبر جامعة خاصة في مصر بعد الأمريكية، ومصروفاتها ليست بقليلة، وهناك من أهالي الطلاب من يقتر على حياته من أجل توفير مناخ علمي جيد وحياة كريمة لأولاده.. فلن يكون هذا هو جزاء ذلك الاختيار! إعلان إدارة الجامعة حالة الحداد لثلاثة أيام وتعطيل العمل بها ليس هو الحل، قد يكون الأمر مفيدا من الناحية الإعلامية بعد أن تناولت الصحف ووسائل الإعلام المرئية والانترنت أخبار قصة يارا وأحدثت ضجة عن الإهمال الذي تعاني منه الجامعة، لكن الحل في سرعة اتخاذا القرار وصولا لحلول بناءة تحافظ على هيكل الجامعة! سأتحدث عن إهمال في الجامعة من نوع آخر، وأود مشاركته مع راعي الجامعة من باب الوصول لإصلاحات شاملة، حيث أن نوعية الأساتذة المختارين لتدريس المناهج ليسوا على درجة عالية من الكفاءة، ولا أقصد هنا بالكفاءة: الدرجة العلمية، وإنما طرق تدريس المناهج ، والتي من المفترض أن ترقى لأسلوب منهج التعليم الألماني، لكن الأسلوب المقدم يشوبه بعض التقصير، ويخلو من منهجية البحث العلمي، وهو أمر غير مقبول في ظل تعليم نتطلع لأن يصل بأبناءنا إلى العالمية، وإلا ما الفائدة لاختيار الأباء لهذه النوعية من الجامعات، إذا كانت تحذو حذو الجامعات التقليدية.. أعتقد أنه ربما الاستعانة بأساتذة وأكاديميين من ألمانيا لمناقشة القائمين على العملية التعليمية في الجامعة، لهو أمر ضروري ومطلوب للوصول إلى المنهج العلمي المرجو. من قلبي: أقول بصدق وأفتح بصدر رحب هذه الأمور، لحرصي على جامعة كانت مضربا للأمثال، ولم أعني بكتابة هذا المقال سوى دق جرس الإنذار، لعدم تكرر مثل هذه الأخطاء.. وكذا أمن وسلامة الطلاب، اللذين هما مسئولية الجامعة في المقام الأول والأخير، والوصول لمناخ علمي متميز كما عهدنا.. أتمنى أن يفتح الدكتور أشرف منصور، رئيس مجلس أمناء الجامعة كافة الملفات لتحقيقات موسعة سواء من الناحية الأمنية للطلاب أو من الناحية العلمية، لمعرفة من المسئول وراء تدهور الأوضاع، فالكثير من الأمور يمكن التستر عليها، إذا كان هناك تسيبا وعدم محاسبة من أخطأ.. ولأنني أعلم ماذا تعني الجامعة الألمانية للدكتور منصور وكيف أسسها، وكيف كان حرصه على نقل جزء من نظام التعليم الألماني المثالي إلى مصر.. لما كنت كتبت.. وحتى تستمر الجامعة بنفس مستواها المعهود، فلابد من إعادة النظر في الكثير من الأمور. أسكن الله يارا طارق نجم، هذه الزهرة البريئة فسيح جناته، وتغمدها الله بواسع رحمته واللهم ارحم والديها وصبرهما !!!